تصاعد حدة التوترات في المنطقة بعد الهجمات الأمريكية فجر اليوم على ثلاثة مواقع نووية في إيران اليوم، حيث قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنَّ الولايات المتحدة نفذت هجمات على منشآت نووية إيرانية، والهدف تدمير قدرة طهران على تخصيب اليورانيوم ووقف التهديد النووي.
وأضاف “ترامب”، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، اليوم الأحد، أنَّ المنشآت النووية الإيرانية “دُمّرت بالكامل”، وأنَّ هناك أهدافًا في إيران لم يتم مهاجمتها.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنَّ أي هجمات مستقبلية ستكون أكبر بكثير ما لم يتم تحقيق السلام، مشيرًا إلى أن “أمام إيران إما السلام أو مأساة”.
وكالة “رويترز” أن البرلمان الإيراني وافق، الأحد، على غلق مضيق “هرمز”، فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أن “القرار النهائي بشأن الإجراء مرهون بموافقة أعلى هيئة أمنية في طهران”.
أهمية مضيق هرمز
يقع مضيق هرمز بين إيران شمالًا وسلطنة عمان جنوبًا، ويربط الخليج العربي ببحر العرب والمحيط الهندي. ويُعد الممر الرئيسي لصادرات النفط من دول الخليج إلى العالم، حيث تمر عبره أكثر من ثلث تجارة النفط العالمية المنقولة بحرًا.
رغم أن عرضه الكلي يبلغ نحو 50 كيلومترًا، إلا أن الممر الملاحي الآمن للسفن لا يتجاوز 10 كيلومترات (5 كم لكل اتجاه)، ما يجعله نقطة اختناق بحرية شديدة الحساسية.
ثانيًا: حجم حركة النفط عبر المضيق
بحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) وأبحاث “فورتيكسا”، يمر عبر مضيق هرمز يوميًا ما يقرب من:
•20 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات.
•6 ملايين برميل يوميًا من السعودية وحدها.
•60% من واردات النفط لكوريا الجنوبية.
•أغلب صادرات النفط من العراق، الإمارات، الكويت، وقطر أيضًا تمر عبره.
تتوجه 82% من هذه الصادرات إلى الدول الآسيوية، وعلى رأسها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، ما يجعل المضيق شريانًا حيويًا لاقتصادات آسيا.
ثالثًا: من الأكثر تضررًا من إغلاق مضيق هيرمز؟
رغم الأهمية العالمية للمضيق، فإن الدول الأكثر تضررًا من أي إغلاق محتمل هي:
•دول الخليج: التي تعتمد كليًا على تصدير النفط من خلاله.
•الدول الآسيوية الكبرى: المستوردة للنسبة الأكبر من النفط المار عبر المضيق.
•مصر: التي تتأثر بعوائد قناة السويس حال تغيير مسارات الشحن.
في المقابل، فإن الولايات المتحدة تستورد حوالي 700 ألف برميل يوميًا فقط عبر المضيق (أي نحو 3% من استهلاكها)، بينما تقل واردات أوروبا عن مليون برميل يوميًا.
رابعًا: كيف يمكن تعطيل مضيق هرمز؟
يُعد المضيق نقطة اختناق يسهل تعطيلها من خلال:
•الألغام البحرية.
•الصواريخ المضادة للسفن.
•التهديد المباشر لناقلات النفط.
•أو عبر المناورات العسكرية الإيرانية في المنطقة.
وقد سبق وأن حدثت عمليات تعطيل محدودة خلال الحرب العراقية الإيرانية، وكذلك في حوادث استهداف ناقلات في السنوات الأخيرة.
خامسًا: إيران والمضيق.. التهديد المستمر
تعتبر إيران المضيق أداة استراتيجية وورقة ضغط قوية، خاصة في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها. وقد لمح مسؤولون إيرانيون مرارًا إلى إمكانية إغلاق المضيق في حال تعرضهم لهجوم عسكري أو لتشديد العقوبات النفطية.
يرى مراقبون أن هذه الورقة قد تكون “أقوى من السلاح النووي”، لأنها تؤثر فورًا على الاقتصاد العالمي، وترفع أسعار النفط، وتهدد الأمن الطاقي للدول الكبرى.
سادسًا: الموقف العالمي
•الصين: أكبر متضرر من أي تعطيل، وقد تضغط دبلوماسيًا لمنع أي تصعيد.
•الولايات المتحدة وأوروبا: أقل تأثرًا، لكنها تراقب أمن الملاحة الدولية.
•دول الخليج: عملت على تطوير خطوط أنابيب بديلة، لكن لا تغني عن المضيق.
في أبريل 2025، صرّح الرئيس الكوري الجنوبي أن 60% من نفط بلاده يمر عبر المضيق، ما يوضح حجم التهديد لأي أزمة إغلاق.
سابعًا: سيناريوهات المستقبل
في حال إغلاق مضيق هرمز أو تعطل حركة الملاحة فيه:
•سترتفع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.
•ستتضرر التجارة العالمية، خصوصًا في آسيا.
•قد تحدث أزمة طاقة وانخفاض في الإمدادات العالمية.
•سيتجه العالم للبحث عن بدائل للنقل، لكنها محدودة على المدى القصير.
يظل مضيق هرمز النقطة الأخطر في خريطة أمن الطاقة العالمي. أي تصعيد سياسي أو عسكري في هذه المنطقة من شأنه أن يُشعل أزمة اقتصادية عالمية خلال أيام. وبالنسبة لإيران، فإن سلاح المضيق ورقة استراتيجية تتجاوز في تأثيرها الرؤوس النووية، لأنها تصيب الاقتصاد العالمي مباشرة في قلبه.