كان التعامل مع مشكله توحيد سعر صرف الجنيه، والقضاء على السوق الموازى الشهير بالسوق الأسود، – كان – يحتاج إلى التعامل مع أكثر من جبهة وأكثر من ملف فى آن واحد، كان الأمر بمثابة معركة عسكرية يتعين أن تدار من غرفة عمليات متخصصة على أعلى مستوى للتنسيق بين الجبهات المختلفة لكى تلعب كل جبهة دورها الموضوع، وصولا إلى تحقيق الهدف.
لم يكن الهدف المباشر هو حل مشكلة سعر الصرف وفجوة سيولة النقد الأجنبي ، ولكن كان الهدف الأكبر و الأسمى هو استهداف التضخم واحتوائه ، لانه بدون السيطرة على معدلات التضخم ووقف ارتفاعها فلن تستقر الأسواق وسيكون كلٍ من الاقتصاد الكلى ، والمواطن الفرد فى مهب الريح .
اذن كان على البنك المركزى ان يواجه بقسوة ، ويستخدم سلاح رفع الفائدة ، كالدواء المر ، وفى سبق تاريخى رفع الفائدة بمقدار ٦٠٠ نقطة اساس مرة واحدة ، معلنا انه سيتابع تاثير ذلك على معدلات التضخم المستقبلية ولن يتردد فى استخدام كل انواع أسلحته فى مواجه التضخم المصرى العنيد .
كان على البنك المركزى أن ينحاز إلى أكثر نظم إدارة أسعار الصرف مرونة، رغم حساسية مخاطرة فى ظل ظروفنا الصعبة، فأقدم على تحرير الجنيه تحريرا كاملا ليتحدد سعر صرفه عند التقاء منحنى عرضه مع الطلب عليه .
اتخاذ مثل هذا القرار ليس اختيارا عفويا، أو مغامرة قد تصيب أو تخيب، ولكنه كان قراراً مدروساً بكل تروى سياسيا واقتصاديا ودوليا واجتماعيا.. كيف؟