اختتم الذهب العالمي تداولات الأسبوع الماضي على ارتفاع بعد أن شهد تذبذب كبير خلال تداولاته بسبب اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي الذي قام بتغيير سياسته النقدية وتسبب في دعم كبير للذهب لتعود تداولاته وتستقر فوق المستوى 2000 دولار للأونصة.
ارتفعت أسعار الذهب الفوري خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.8% ليسجل أعلى مستوى عند 2047 دولار للأونصة وأدنى مستوى في 3 أسابيع عند 1973 دولار للأونصة، قبل أن يغلق تداولات الأسبوع عند 2019 دولار للأونصة.
استطاع الذهب الارتفاع بمقدار 74 دولار في يومين عقب اجتماع الفيدرالي الأمريكي ولكن اليوم الأخير من الأسبوع شهد تراجع جديد في أسعار الذهب بسبب عمليات البيع لجني الأرباح لينخفض بنسبة 0.8% ويفقد 17 دولار ولكنه أنهى تداولات الأسبوع فوق المستوى 2000 دولار للأونصة، وفق التحليل الفني لجولد بيليون.
اجتماع السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الذي عقد الأسبوع الماضي شهد تثبيت أسعار الفائدة عند نطاق 5.25% – 5.50% ولكنه شهد أيضاً تغير في السياسة النقدية للبنك ليشير إلى انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة.
البنك الفيدرالي أشار إلى تراجع معدلات التضخم بوتيرة أسرع من توقعاته، الأمر الذي دفعه إلى توقع خفض الفائدة خلال العام القادم بواقع 75 نقطة أساس على 3 اجتماعات، وهو ما يقلص الفائدة إلى متوسط 4.6% بعد أن كانت توقعات أعضاء الفيدرالي في سبتمبر الماضي تشير إلى تراجع الفائدة إلى 5.1% فقط خلال العام القادم.
كما توقع أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي أن يبلغ التضخم الأساسي ذروته عند 2.4٪ العام المقبل، وهو أقل من توقعاته في سبتمبر البالغة 2.6٪.
اقتربت توقعات البنك الفيدرالي لمستقبل أسعار الفائدة مع توقعات الأسواق التي وضعت احتمالات لخفض الفائدة خلال العام القادم بمقدار 100 نقطة أساس، وهو الأمر الذي تسبب في حركة السوق الكبيرة بعد الاجتماع، من ناحية أخرى تشير احتمالات الأسواق الآن إلى خفض الفائدة في اجتماع مارس 2024 بنسبة 62.7% حيث ارتفع هذا الاحتمال من 40% قبل اجتماع الفيدرالي هذا الأسبوع.
انعكست قرارات البنك الفيدرالي على مستويات الدولار الذي انخفض خلال الأسبوع الماضي حتى سعر الاغلاق بنسبة 1.4% مسجلاً أدنى مستوى منذ قرابة 5 أشهر وذلك بعد أسبوعين من المكاسب.
بينما انخفض العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات خلال الأسبوع الماضي بنسبة 7.5% ليسجل أدنى مستوى منذ 5 أشهر عند 3.887%.
التراجع الحاد في مستويات الدولار الأمريكي والعائد على السندات الحكومية الأمريكية يمثلان أكبر دعم للذهب للارتفاع في ظل العلاقة العكسية بينهم، هذا بالإضافة إلى تراجع تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه.
لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر انخفاض في عقود شراء الذهب
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 12 ديسمبر، انخفاض الطلب على عقود شراء الذهب بمقدار 15304 عقد مقارنة مع التقرير السابق، بينما ارتفعت عقود بيع الذهب بمقدار 7 عقود فقط مقارنة مع التقرير السابق.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر انخفاض في الطلب على عقود شراء الذهب مقارنة مع الأسبوع السابق، وذلك بسبب انتهاء فترة احتساب عقود الذهب قبل يوم اجتماع البنك الفيدرالي الذي غير من سياسته النقدية. وبالتالي قد نشهد تغير في أسواق العقود الآجلة لصالح شراء المزيد من العقود خلال التقارير القادمة.
ولكن يجب الحذر أن الأسابيع القادمة تشهد تراجع في أحجام التداول وفي الاقبال على أسواق العقود الآجلة بسبب فترة العطلات.
أسعار الذهب في مصر
ارتفع سعر الذهب المحلي خلال الأسبوع الماضي لينهي فترة التذبذب التي شهدها ويعود إلى الارتفاع وتسجيل مستويات تاريخية جديدة بدعم من ارتفاع سعر الأونصة العالمية، بالإضافة إلى عودة سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى الارتفاع.
وافتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً جلسة اليوم السبت عند المستوى 2885 جنيه للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 2880 جنيه للجرام، وخلال الأسبوع الماضي ارتفع الذهب المحلي بمقدار 105 جنيه ليسجل ارتفاع بنسبة 3.8% حيث اغلق عند المستوى 2885 جنيه وكان قد افتتح تداولات الأسبوع عند المستوى 2780 جنيه للجرام.
خلال الأسبوع أنهى الذهب فترة التذبذب والتحركات العرضية ليستمر في الارتفاع ويسجل أعلى مستوى في تاريخه عند 2900 جنيه للجرام.
ارتفاع سعر الأونصة العالمية ساعد سعر الذهب المحلي على العودة إلى الارتفاع وتسجيل المستويات التاريخية، بالإضافة إلى الارتفاع التدريجي في سعر صرف الدولار في السوق الموازي واقترابه من أعلى مستوى سجله قبل ذلك.
خلال هذا الأسبوع أعلن البنك المركزي المصري عن تباطؤ معدل التضخم السنوي الأساسي في مصر خلال شهر نوفمبر إلى 35.9% من القراءة السابقة في أكتوبر عند 38.1% وهو المؤشر الذي يستثنى أسعار السلع المتقلبة.
يأتي هذا بعد أن أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تباطؤ المعدل السنوي للتضخم إلى 34.6% في نوفمبر مقارنة مع 35.8% في أكتوبر.
كما ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمصر بمقدار 1.17 مليار دولار منذ بداية العام وحتى شهر نوفمبر الماضي ليصل إلى 35.17 مليار دولار.
بينما صرح بنك الاستثمار الأمريكي مورجان ستانلي أن مصر قد تلجئ إلى إعادة هيكلة ديونها في خطوة استباقية منذ كون احتياطات مصر الأجنبية تكفي خدمة الدين خلال عام 2024.
أشار بنك مورجان ستانلي الأمريكي في توقعات له أيضاً أن مصر ستلجأ إلى استكمال برنامج الخصخصة وبيع الأصول والعمل على خفض الديون بعد الانتخابات الرئاسية، وأنها قد تلجأ إلى خفض مرحلي في قيمة الجنيه دون التحول إلى نظام تعويم كامل في سعر الصرف.
كما أشار البنك أن تستمر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لزيادة حجم قرض الصندوق من 3 مليار دولار إلى أكثر من 5 مليار دولار.
يرى مورجان ستانلي أيضاً أن مستقبل سياسة سعر الصرف غير واضح خلال الفترة القادمة، وأن هناك عدة عوامل قد تساهم في تحديد مسار سعر الصرف مثل التأثير على تكلفة المعيشة والعجز المالي، واشتراطات صندوق النقد الدولي بشأن سعر الصرف المرن، وإمكانية الحصول على تمويل إضافي.
أيضاً أعلن معهد التمويل الدولي أن حجم الفجوة التمويلية التي تواجه مصر في العام المالي 2023 – 2024 تصل إلى 7 مليار دولار، وأن سبل تغطية هذه الفجوة يكون من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر والتدفقات المالية من مصادر الدخل الدولاري الرسمية في مصر.
وأشارت توقعات معهد التمويل الدولي إلى أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 3.3% في العام المالي المنتهي في يونيو بأقل من توقعات صندوق النقد الدولي السابقة عند 4%.
الجدير بالذكر أن توقعات معهد التمويل تعتمد على استكمال صندوق النقد الدولي لبرنامجه التمويلي مع مصر بداية العام القادم، إلى جانب إمكانية خفض الحكومة لقيمة العملة المحلية والعمل على الوصول إلى نظام سعر صرف مرن.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
استطاع سعر الأونصة العالمية الارتفاع خلال الأسبوع الماضي ليعود ويستقر فوق المستوى 2000 دولار للأونصة، وذلك في ظل تغير سياسة البنك الفيدرالي وانتهاء دورة رفع الفائدة مع توقعات عمليات خفض الفائدة خلال العام القادم.
في المقابل استمر الذهب المحلي في الارتفاع وتسجيل مستويات تاريخية مستغلا ارتفاع سعر الأونصة العالمية بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي، الأمر الذي أدى إلى تغير في تسعير الذهب المحلي ودفعه إلى الارتفاع.
ارتفع سعر الأونصة العالمية خلال الأسبوع الماضي وسجلت أعلى مستوى عند 2047 دولار للأونصة، ولكن السعر فشل في الاغلاق فوق المستوى 2040 دولار والذي يمثل مع المستوى 2050 دولار منطقة مقاومة قوية تسببت في تراجع السعر قبل نهاية الأسبوع.
تراجع سعر الذهب وصل به إلى مستوى الدعم 2015 دولار للأونصة والذي قد يدفع السعر إلى التذبذب فوقه خلال الأسبوع القادم في ظل توقعات بضعف أحجام التداول بسبب موسم العطلات. ولكن في حالة كسر مستوى الدعم يدفع السعر إلى المستوى 2000 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي:
فقد ارتفع وسجل أعلى مستوى تاريخي خلال جلسة الأمس عند 2900 جنيه للجرام عيار 21 ليحقق مستهدفه، وقد يشهد السعر بعض الاستقرار والتذبذب تحت هذا المستوى في محاولة لتحديد التحرك القادم للسعر.
قد يستجيب سعر الذهب المحلي لبعض التصحيح السلبي بعد هذا الارتفاع وقد يستمر التصحيح إلى المستوى 2850 جنيه للجرام، بينما قد يأتي التصحيح على شكل تحركات عرضية وتذبذب بالقرب من المستوى 2900 جنيه للجرام.