من جهته قال الدكتور أحمد مجدي منصور الخبير المصرفي، إن الوضع الاقتصادي في مصر لا يزال يعاني من نقص موارد النقد الاجنبي بصورة واضحة حيث تتراوح الفجوة بين الواردات والصادرات من 35 إلى 40 مليار دولار سنويا، كون حجم الواردات ضعف الصادرات.
أضاف أنه علي الصعيد الاخر، حققت ايرادات السياحة تقدم ملحوظ، حيث ارتفعت بنسبة 25.7% لتسجل نحو 10.3 مليار دولار حتي سبتمبر 2023. كذلك الحال بالنسبة لايرادات قناة السويس التي من المتوقع تحقيق مستهدفها ل 10 مليار دولار في 2023 مقابل 7.9 مليار دولار في 2022 اي بزيادة قدرها 20%.
أشار إلى أنه على الرغم من لارتفاع ايرادات السياحة و قناة السويس، إلا أنه لوحظ تراجعا في تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال العام المالي 2022-2023، والتي انخفضت بنسبة 30.8% على أساس سنوي مسجلة 22.1 مليار دولار، مقابل 31.9 مليار دولار في العام المالي السابق.
أوضح أنه في ضوء ما سبق، و للخروج من الازمة الحالية، يجب العمل سريعا علي زيادة حجم الصادرات و تذليل معوقات الانتاج و توفير المواد الخام و تيسير التمويلات المصرفية، بالإضافة إلي ضرورة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ودعا “منصور” الجهات و الوزارات المعنية بضرورة مواصلة إيفاد وفود رسمية لكبري الشركات العالمية بهدف الترويج لما تمنحة مصر من مزايا للمستثمرين الأجانب، لافتا إلى أنه يجب العمل علي زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في فترة زمنية قصيرة و بخطوات محددة.
وتابع: يجب زيادة القدرات التنافسية للاقتصاد المصري، واذ ادعو لدراسة واستنساخ المناخ الاستثماري لبعض دول الجوار مثل دول المغرب و الامارات الشقيقة فالعنصر الزمني هام جدا في المرحلة الحالية.
ونوه إلى ضرورة عدم اللجوء بشكل مكثف إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية المانحة لا سيما صندوق النقد الدولي، حيث أن مطالبهم بمرونة لسعر الصرف تتسبب بضغوط سلبية على معدلات التضخم و ارتفاع خدمة الدين و انخفاض مستويات المعيشة.
و في ذات السياق، دعا لمباحثات مكثفة مع المؤسسات المانحة من اجل هيكلة اقساط الديون حتي العام المالي 2026/2027، حيث ان جزء كبير مما يعانية الاقتصاد المصري هو نتيجة احداث عالمية بداية من جائحة كوفيد 2019 مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية و التبعات الوخيمة علي الاقتصاد العالمي التي القت بظلالها على الاقتصاد المصري.
كما دعا الدول العربية لإنشاء صندوق النقد العربي، كآلية لتمويل الاقتصادات العربية التي تعاني من بعض العثرات و الازمات الاقتصادية بشروط ميسرة تتماشي مع الجوانب الاجتماعية لتلك الشعوب دون فرض تدخلات أجنبية لها تبعات و آثار سلبية.
ستاندرد آند بورز تخفض تصنيف مصر الائتماني إلى «B-»
خفضت وكالة التصنيف العالمية ستاندرد اند بورز يوم الجمعة التصنيف السيادي طويل الأجل لمصر إلى “B-” من “B”، مشيرة إلى تزايد ضغوط التمويل على البلاد.
وتواجه مصر أزمة اقتصادية أدت إلى سلسلة من تخفيضات قيمة العملة وتضخم قياسي ودفعت المزيد من مواطنيها للبحث عن طرق محفوفة بالمخاطر لمغادرة البلاد.
وقالت ستاندرد اند بورز إن التخفيض يعكس التأخير المتكرر في تنفيذ الإصلاحات النقدية والهيكلية في البلاد، من بين عوامل أخرى.
وأظهر استطلاع لرويترز يوم الخميس أن الاقتصاد المصري سينمو بشكل أبطأ مما كان متوقعا في السابق مع تآكل القوة الشرائية بسبب التضخم وضعف الجنيه.
وقالت ستاندرد اند بورز في بيان “من المرجح أن تظل الضغوط التضخمية مرتفعة إذ نتوقع المزيد من الضعف في سعر الصرف”.
وفي وقت سابق من الشهر، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لمصر درجة، وأرجعت هذا إلى تدهور قدرة البلاد على تحمل الديون.
وأضافت ستاندرد اند بورز “بسبب أزمة العملة الأجنبية، نتوقع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر في السنة المالية 2024″، ووضعت النظرة المستقبلية للبلاد عند “مستقرة”.
في سياق متصل قالت مجموعة HSBC إن مصر قد تكون بحاجة للحصول على تمويل إضافي أكثر سخاء من صندوق النقد الدولي خلال العام المقبل، نظراً للمتطلبات التمويلية لسداد أقساط ديون خارجية بقيمة 38 مليار دولار خلال عام 2024 وحتى يونيو من 2025.
وتعقيبا على قرار ستاندرد آند بورز، أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أننا نعمل على تحقيق المزيد من الإصلاحات والإجراءات الهيكلية خلال الفترة المقبلة؛ للتعامل مع التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية خاصة الواردة فى تقرير مؤسسة «ستاندرد آند بورز» التى قررت خفض التصنيف الائتماني السيادي لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية من درجة «B» إلى درجة «-B» مع نظرة مستقبلية مستقرة على المدى الطويل، وتثبيت التصنيف الائتماني السيادي على المدى القصير عند درجة «B».
أضاف الوزير، أن مؤسسة «ستاندرد آند بورز » رغم الصعوبات التي مازال الاقتصاد المصري يواجهها، نتيجة للموجة التضخمية العالمية، المترتبة على التوترات الجيوسياسية، وقيامها بتخفيض التصنيف على المدى الطويل، استندت فى قرارها الأخير بتغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، وأيضًا تثبيت التصنيف «قصير الأجل»، على ما استطاعت أن تتخذه الحكومة المصرية مؤخرًا من إصلاحات هيكلية مهمة أسهمت فى تحقيق الانضباط المالي، موضحًا أننا نجحنا خلال العام المالي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، فى التعامل بشكل متوازن مع كل المتغيرات والتحديات الراهنة على الساحتين العالمية والداخلية من ارتفاع في معدلات التضخم وأسعار الفائدة وانخفاض لقيمة العملة المحلية أمام الدولار، وتم تحقيق فائض أولي ١,٦٣٪ من الناتج المحلي مقارنة بفائض أولى ١,٣٪ من الناتج المحلي فى العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، وبلغ العجز الكلي للموازنة ٦٪ من الناتج المحلي مقارنة بـ ٦,١٪ خلال العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢.
أشار الوزير، إلى أنه تم تحقيق نمو قوي في حصيلة الإيرادات الضريبية بنسبة ٢٧,٥٪ نتيجة لجهود الميكنة وتحسين الإدارة الضريبية ومكافحة التهرب والتجنب الضريبي، وقد توقعت «ستاندرد آند بورز» استمرار تحقيق الانضباط المالي بمواصلة تنفيذ إجراءات ميكنة المنظومة الضريبية، إضافة إلى جهود الحكومة لترشيد النفقات خلال العام المالى ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤، بما يضمن تحقيق فائض أولى ٢,٥٪ من الناتج المحلي.
أكد الوزير، أنه تم إقرار تعديلات قانونية تسمح بإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية على الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية للجهات والشركات المملوكة للدولة، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز المنافسة العادلة بالسوق المصرية، فى إطار جهود الدولة لتمكين القطاع الخاص.
أشار الوزير، إلى أنه تم تنفيذ صفقات لتخارج الدولة بقيمة ٢,٥ مليار دولار ضمن برنامج «الطروحات» خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بما يساعد على زيادة تدفقات النقد الأجنبي، ويوفر جزءًا من التمويل الأجنبي المطلوب لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري، فضلًا على استمرار تحقيق فائض أولي ونمو الإيرادات الضريبية، موضحًا أن مؤسسة «ستاندرد آند بورز» توقعت أن تستمر الحكومة في تنفيذ المزيد من الإجراءات الإصلاحية خلال الفترة المقبلة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي.