ارتفعت أسعار الذهب العالمية ليسجل أعلى مستوياته في شهر خلال تداولات اليوم الأربعاء وذلك إثر تصاعد الصراع في قطاع غزة بعد ضرب إسرائيل لمستشفى نتج عنه مئات من القتلى الأمر الذي زاد من الطلب على الذهب كملاذ آمن من جديد.
تتداول أسعار الذهب الفوري وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1938 دولار للأونصة مسجلاً ارتفاع بنسبة 0.8% وبمقدار 15 دولار وسجل أعلى مستوى في شهر عند 1942 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد ارتفاع محدود خلال جلسة الأمس بنسبة 0.2%.
وعاد الطلب على الملاذ الآمن إلى التزايد من جديد ليجد الذهب دعم كبير في الأسواق ليتخطى مستويات المقاومة حول منطقة 1930 دولار للأونصة ويقترب الآن من منطقة المستوى 1950 دولار للأونصة.
تصاعد التوترات في الحرب في منطقة الشرق الأوسط أعادت المخاوف إلى الأسواق المالية، وسط توقعات بتوسع رقعة الحرب وإمكانية تدخل أطراف أخرى في الصراع الأمر الذي يزيد من التداعيات الاقتصادية والسياسية في المنطقة التي تعد أكبر مصدر للنفط الخام في العالم الأمر الذي قد ينتقل تأثيره سريعاً إلى الاقتصاد العالمي.
ارتفعت أسعار النفط الخام خلال جلسة اليوم بنسبة 1% ليسجل أعلى مستوى في أسبوعين عند 89 دولار للبرميل، وسط توقعات بإمكانية تخطيه حاجز الـ 100 دولار للبرميل في حالة استمرار الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وتدخل إيران التي هددت إسرائيل بالفعل.
ارتفاع أسعار النفط الخام سينعكس بشكل سريع على ارتفاع مستويات التضخم العالمي، وبالتالي سيلجأ المستثمرين إلى الذهب كونه تحوط ضد التضخم.
من جانب آخر استقرت مستويات الدولار الأمريكي في تذبذب يميل إلى الهبوط حول مستويات 106 على مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية. الأمر الذي ساعد الذهب على الارتفاع في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما.
من جهة أخرى وجد الذهب المزيد من الدعم اليوم من قبل البيانات الإيجابية التي صدرت عن الصين صاحبة أكبر طلب على الذهب في العالم، فقد أظهر الاقتصاد الصيني نمو بنسبة 4.9% خلال الربع الثالث من العام الجاري بأعلى من التوقعات التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 4.5% فقط.
أيضاً ارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي في الصين عن شهر سبتمبر بنسبة 4.5% بأفضل من التوقعات عند 4.4%، كما ارتفع مؤشر مبيعات التجزئة بنسبة 5.5% بعد أن كانت القراءة السابقة بنسبة 4.6%.
يأتي هذا التحسن في بيانات الصين على الرغم من تخفيض صندوق النقد الدولي لتوقعات نمو الاقتصاد الصيني خلال 2023 و2024 إلى 5% و4.2% على التوالي بعد أن كانت توقعاته السابقة تشير إلى نمو بنسبة 5.2% و4.5%.
التوقعات بتباطؤ الاقتصاد الصيني خلال العام الجاري والعام القادم من شأنه أن تزيد من الطلب على الذهب كملاذ آمن، فالذهب هو الاستثمار الأفضل في الأسواق في أوقات الأزمات والركود الاقتصادي والحروب.
اتجاهات البنك الفيدرالي قد يزيد الطلب على الذهب
و صدرت بيانات مبيعات التجزئة عن الاقتصاد الأمريكي والتي جاءت أفضل من التوقعات، حيث ارتفع المؤشر بنسبة 0.7% خلال شهر سبتمبر أفضل من التوقعات بنسبة 0.3% وتم تعديل القراءة السابقة لتظهر ارتفاع بنسبة 0.8%.
البيانات أثرت بشكل لحظي ودفعت الذهب إلى التراجع قبل أن يعود إلى الانتعاش من جديد بدعم من تزايد الطلب على الملاذ الآمن مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط بالإضافة إلى تصريحات من أعضاء الفيدرالي الأمريكي.
عضو البنك الفيدرالي توماس باركين صرح أن سياسة البنك الفيدرالي متشددة بالفعل وأن المبالغة في التشديد النقدي من شأنه أن تضر الاقتصاد الأمريكي بشكل غير ضروري خلال الفترة الحالية، ويرى أنه على الرغم من تماسك مستويات التضخم إلا أن البنك حقق نجاح بالفعل في السيطرة عليه.
تعد هذه التصريحات تغير في نبرة أعضاء الفيدرالي بعد التمسك بالتشديد النقدي الذي ظهر عليهم عقب اجتماع الفيدرالي الأخير، لتقوم الأسواق بالتسعير أن البنك قد انتهى بالفعل من عمليات رفع الفائدة والتشديد النقدي، وسيتم ترقب موعد خفض الفائدة بعد انتهاء مدة استقرارها عند مستويات الحالية.
الأسواق تنتظر تحديث لنظرة البنك للسياسة النقدية من خلال حديث رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول المنتظر يوم غد، والذي من شأنه أن يوضح الصورة للأسواق وهل تغيرت نظرة البنك بالفعل للسياسة النقدية.
يذكر أن التغير في نبرة البنك الفيدرالي كان لها أثر في دعم الذهب يوم أمس، فبمجرد اقتناع الأسواق بشكل كامل أن دورة رفع الفائدة قد انتهت سيعود الذهب إلى الارتفاع من جديد حتى في ظل تيقن الأسواق أن الفائدة ستستمر عند مستوياتها الحالية لفترة أطول من الوقت.
أسعار الذهب في مصر
ارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلي خلال تداولات اليوم الأربعاء بعد تذبذب استمر لثلاثة جلسات تقريباً، يأتي هذا في ظل تصاعد التوترات بسبب الحرب في قطاع غزة بالإضافة إلى ارتفاع سعر الأونصة العالمية لأعلى مستوى في شهر.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم عند المستوى 2365 جنيه للجرام قبل أن يرتفع ويسجل اعلى مستوى عند 2370 جنيه للجرام ليعود ويتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 2360 جنيه للجرام.
يوم أمس ارتفع سعر الذهب بمقدار 10 جنيهات حيث أغلق عند المستوى 2345 جنيه للجرام وكان قد افتتح التداولات عند المستوى 2335 جنيه للجرام. وكان قد سجل أعلى مستوى خلال جلسة الأمس عند 2360 جنيه للجرام.
السبب الرئيسي وراء ارتفاع سعر الذهب المحلي ومحاولة اختراق منطقة 2330 – 2360 جنيه للجرام، وهو تصاعد الأحداث في قطاع غزة ومخاوف من اتساع رقعة الحرب وتدخل أطراف جديدة في الصراع الأمر الذي دفع سعر الأونصة العالمية إلى الارتفاع اليوم بنسبة 0.8%.
الذهب يعد الملاذ الآمن الأول في الأسواق المالية في أوقات الحروب وبالتالي جزء كبير من المستثمرين سيتجه إلى توسيع مشترياته من الذهب في حالة توسع دائرة الحرب خاصة مع تعنت الجانب الإسرائيلي في قبول أي مفاوضات أو اقتراحات تقدمها مصر.
من جهة أخرى تتزايد التوقعات باقتراب موعد تعويم سعر الصرف بعد أن صرح وزير المالية المصري إن صندوق النقد الدولي سيعلن موعد المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري نهاية شهر أكتوبر الجاري.
بالنسبة للأسواق فموعد مراجعة الصندوق سيتزامن مع موعد تعويم سعر الصرف كونه أحد أبرز متطلبات الصندوق لنجاح المراجعة وصرف شريحة جديدة من القرض لمصر.
أيضاً البنك المركزي المصري وجه البنوك العاملة في مصر اليوم بخفض حدود استخدام بطاقات الائتمان في المعاملات بالنقد الأجنبي إلى 250 دولار شهرياً للعملاء داخل مصر، بالإضافة إلى تقديم العملات لمستندات السفر لتفعيل استخدام البطاقات خارج مصر.
يأتي هذا بعد أن أوقف المركزي المصري التعامل على بطاقات الخصم المباشر خارج مصر ليقتصر الاستخدام بالجنيه المصري فقط للمعاملات داخل مصر وذلك دون تحديد فترة زمنية لانتهاء هذا القرار.
قرار خفض حد استخدام بطاقات الائتماني سيزيد من الطلب على الدولار في السوق الموازية مع بحث الشركات والأفراد عن الدولار لإيداعه في البنوك لسداد التزاماتهم. وقد ارتفع سعر صرف الدولار في السوق الموازية بالفعل منذ الأسبوع الماضي وكان هذا أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع سعر الذهب المحلي بنسبة 7.9% بمقدار 170 جنيه للجرام خلال الأسبوع الماضي.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
استطاع الذهب اختراق منطقة حرجة بين 1910 – 1930 دولار للأونصة التي أشرنا إليها من قبل، وتزامن هذا مع اختراق الحد العلوي للقناة السعرية الهابطة، ولكنه اصطدم بمستوى المقاومة الثانوي عند 1942 دولار للأونصة قبل الوصول إلى المستهدف الأول عند 1950 دولار للأونصة ومن بعده المستهدف الثاني عند منطقة 1975 – 1980 دولار للأونصة حيث تظل الرؤية الإيجابية قائمة مع بعض التصحيحات المتوقعة قبل تحقيق المستهدفات المذكورة.
مؤشرات الزخم تظهر تشبع في الشراء الأمر الذي قد يدفع السعر إلى التذبذب حول هذه المستويات لتعديل قراءة المؤشرات قبل استكمال الصعود.
أيضاً قد نشهد تراجع محدود بهدف إعادة اختبار الحد العلوي للقناة السعرية الهابطة التي تم اختراقها اليوم، .
أما عن السعر المحلي استطاع اليوم اختراق مستوى 2330 جنيه للجرام عيار 21 التي احتوت التداولات خلال الأيام القليلة الماضية، مما قد يسهل عملية الوصول إلى مستويات 2400 جنيه للجرام.
مع استمرار الدعم سواء من أوضاع السوق المحلي أو من ارتفاع سعر الأونصة العالمية قد ينجح الذهب في تجميع زخم قوي لاختراق منطقة 2400 – 2420 جنيه للجرام، وهو ما يفتح الباب لمستويات 2500 جنيه للجرام.