أثار قرار وقف بطاقات الخصم المباشر مخاوف شركات التكنولوجيا في مصر إلا أن هناك بعض الحلول التي قد تجنب هذا التأثير من بينها “طلب الاستثناء” أو “إنشاء حسابات بالخارج” أو “نقل المقرات”.. هذه هي الحلول التي سيعتمدها مسؤولو شركات التكنولوجيا والتسويق الإلكتروني في مصر لتجاوز عقبة وقف استخدام “بطاقات الخصم المباشر” في الخارج، وإلا فإن أعمالهم ستتوقف بشكل كامل خلال فترة قصيرة، وفقا لاقتصاد الشرق واطلعت عليه «بايونيرز مصر».
كان البنك المركزي المصري وجه البنوك العاملة في البلاد في وقت سابق من الأسبوع الجاري بوقف استخدام “بطاقات الخصم المباشر” للعملاء في الخارج، على أن يقتصر استخدامها داخل مصر فقط، دون أن يحدد الفترة الزمنية للعمل بهذا التوجيه، وفق ما قاله 4 رؤساء بنوك عاملة في مصر لـ”الشرق”.
يبلغ عدد بطاقات الخصم فى مصر نحو 24.43 مليون بطاقة كما في نهاية يونيو 2023، مقابل 22.96 مليون بطاقة في نهاية يونيو 2022، أي بزيادة سنوية بلغت 6.4%، وفقا لبيانات البنك المركزي.
يقول صاحب إحدى الشركات الناشئة المتخصصة في خدمات التعليم والتعلم عن بعد، اشترط عدم كشف هويته، إن الأزمة الحقيقية لدى الشركات والأفراد تتركز في “الدعاية والتسويق” الإلكتروني، لأن دفع مقابل الإعلانات على المنصات المختلفة يتم بالدولار.
وأضاف: “لم يعد أمام الشركات المحلية التي تحصل إيراداتها بالجنيه، سوى الدفع ببطاقات الائتمان، وحدودها تقلصت كثيراً، كما أن طرق سدادها صعبة مقارنة ببطاقات الخصم المباشر”.
وأشار إلى أن “شركة (ميتا) تتيح لإمكانية الدفع بالجنيه للإعلان على منصاتها عبر شركات محلية، لكن ذلك لا ينطبق على كافة المستخدمين، وأتوقع أنه لو زاد اعتماد المعلنين على هذا الخيار (المتاح فقط للبعض)، فإن الجهاز المصرفي -على ما أعتقد- سيتدخل لوقف هذا النشاط مثل ما حدث أخيراً مع بطاقات الخصم المباشر”.
أضرار بالغة
واستعرض محمد عبد المنعم، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لشركة “بيراميد بيتس” (PyramidBITS) المتخصصة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، خيارات الشركات أمام القرار الجديد، وقال إن “شركات التكنولوجيا، لا سيما تلك غير التابعة لشركات دولية، تقف أمام تحد جديد، حيث يجري سداد جميع مصروفات ملكية الموقع والاستضافة للمواقع والتطبيقات الإلكترونية بالعملات الأجنبية، والشركات في مصر أمامها خيارات عدة للتعامل مع الموقف، أولها فتح حسابات دولارية واستخراج بطاقات خصم مباشر بالدولار، للتمكن من سداد الالتزامات الخارجية في مصر، أو الاتجاه نحو استخدام بطاقات بنوك خارجية في مصر لسداد الالتزامات بالعملات الصعبة”.
طالب عبد المنعم باستثناء بطاقات الخصم المباشر لحسابات الشركات من القرار مع استمرار تطبيقه على الأفراد للتصدي لسوء استخدام البطاقات في تهريب العملات الأجنبية، مشيراً إلى وجود عقبة أخرى، وهي أنه “لا يمكن للشركات استخدام بطاقات المشتريات (البطاقات الائتمانية) في سداد المدفوعات الخارجية، إذ ترفض غالبية البنوك استخراجها للشركات على عكس الأفراد”.
117 بطاقة مع مسافر واحد
أعلنت سلطات جمارك مطار القاهرة الدولي يوم أمس الثلاثاء، نجاحها في ضبط 117 بطاقة (فيزا) مع راكب مصري قادم من الإمارات، بأسماء مختلفة ولحسابات بنوك متنوعة، استخدمها في حدودها القصوى لسداد ثمن بضائع يقوم بإحضارها أو بشحنها إلى مصر.
يقول مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن وقف استخدام “بطاقات الخصم المباشر” للعملاء في الخارج هو “قرار خاطئ”. وهو يرى ضرورة وجود استثناءات من هذا القرار، تتمثل في الاحتياجات الدولارية للشركات والأغراض التعليمية والصحية، مع التنويه قبلها بشهر على الأقل، حتى يستطيع الأفراد والمؤسسات تسديد المصروفات ذات الطابع السنوي.
واستبعد بدرة أن يكون للقرار تأثير ملموس على حصيلة الدولار في مصر. وقال: “عدد المستفيدين من بطاقات الخصم في الخارج محدود، ومعدلات الإنفاق منخفضة بالأساس، وإذا كان البعض قد أساء استخدام البطاقات في الخارج، فلتكن العقوبة خاصة به، وليس بمجتمع الأعمال بأكمله”.
3 آلاف شركة في مرمى القرار
وتستعد غرفة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تقديم مذكرة للبنك المركزي خلال ساعات لاستثناء شركات التكنولوجيا من القرار. فها القرار سيؤثر سلباً على أعمال نحو 3 آلاف شركة تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في مصر، لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها، والتي تستحوذ على الحصة الأكبر من السوق”، بحسب ما قاله لـ”الشرق”. وأضاف أن الجزء الأكبر من مصروفات شركات التكنولوجيا يجري سداده بالدولار، وعدم السداد يوقف الأعمال كليًا. وقال: “نقترح رفع نسبة عمولة تدبير العملة بدلاً من الإلغاء بشكل كلي”.
أشار إبراهيم إلى أن المنع سيسهم فى توجّه الشركات نحو نقل مقراتها الرئيسية خارج البلاد والتخارج من السوق، وكذا نقل إيراداتها الدولارية إلى الخارج، مما يؤثر على نمو القطاع والاقتصاد القومي وتدهور ترتيب مصر في العديد من المؤشرات الدولية، سواء المتعلقة بسهولة أداء الأعمال، أو تلك المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وسطاء في الخارج
مدير تنفيذي في شركة خدمات مالية غير مصرفية رفض ذكر اسمه، قال لـ”الشرق” إن فرع شركته في الإمارات، هو الذي يقوم حالياً بالإنفاق على المصروفات الإعلانية الدولارية لفرع القاهرة.
أما أحمد إبراهيم، وهو صاحب شركة صغيرة في مجال التسويق الإلكتروني في مصر، فقال إن القرار يدفع مديري الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي وشركات التكنولوجيا وشركات التسويق الإلكتروني، إلى الاتفاق مع وسطاء خارج مصر لسداد التزاماتهم بالعملات الأجنبية عوضاً عنهم، مقابل تحويل الحصيلة الدولارية إلى الخارج مباشرة، أو الدفع لهم بالجنيه في مصر بسعر السوق الموازية. وأضاف: “هناك حلان رسميان، كلاهما مرّ؛ أولهما فتح حساب دولاري واستخراج بطاقة خصم مباشرة، وهو أمر صعب لمن لا تتوافر لديه إيرادات دولارية ثابتة، أو طلب إصدار بطاقة مشتريات مدفوعة مقدماً (بطاقة ائتمانية)، ولكن استخراج بطاقة مشتريات مدفوعة مقدماً يتطلب اشتراطات كثيرة في مقدمتها ربط وديعة بمبلغ كبير لاستخراج بطاقة بحدود مرتفعة؛ وهو ما يزيد من الأعباء على الشركات التي تعاني من ارتفاع أسعار الخدمات التكنولوجية والإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل انخفاض قيمة الجنيه”.