شهدت أسعار الذهب تعافي خلال تداولات اليوم الجمعة في ظل تراجع الدولار من أعلى مستوياته في 6 أشهر، ولكن لا يزال الذهب في طريقه إلى تسجيل انخفاض على المستوى الأسبوعي مع تزايد التوقعات أن البنك الفيدرالي في طريقه إلى استكمال التشديد النقدي عقب اجتماع سبتمبر.
ارتفعت أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة بنسبة 0.2% لتتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1924 دولار للأونصة، لترتفع من أدنى مستوى سجلته منذ أسبوع عند 1915 دولار للأونصة، بينما الذهب في طريقه إلى تسجيل انخفاض أسبوعي بنسبة 0.8% حتى الآن.
محاولة تعافي أسعار الذهب تأتي بعد توقف الدولار الأمريكي عن الارتفاع خلال جلسة اليوم ودخوله في تصحيح طفيف بعد تسجيله أعلى مستوى منذ 6 أشهر خلال هذا الأسبوع بدعم من البيانات الاقتصادية الإيجابية التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي.
مؤشر قطاع الخدمات في الولايات المتحدة اكتسب قوة خلال شهر أغسطس، كما تراجعت طلبات اعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي لتسجل أدنى مستوى منذ فبراير، لتظهر هذه البيانات استمرار المرونة في الاقتصاد الأمريكي الأمر الذي قد يجبر البنك الفيدرالي على الاستمرار في سياسة التشديد النقدي لفترة أطول من الوقت.
هذا وقد اقترح ثلاثة من أعضاء البنك الفيدرالي أمس في تصريحاتهم أن البنك الفيدرالي قد يتوقف عن رفع الفائدة في اجتماع سبتمبر، ولكنهم أكدوا أن هناك المزيد من العمل لدى البنك لمواجهة التضخم.
مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية انخفض منذ بداية جلسة الجمعة بنسبة 0.1% وذلك بعد أن ارتفع يوم أمس وسجل أعلى مستوى منذ 6 أشهر في طريقه إلى تسجيل ارتفاع على المستوى الأسبوعي بنسبة 0.6% ليحقق بذلك أطول سلسلة مكاسب أسبوعية في تسع سنوات تصل إلى 8 أسابيع متتالية من المكاسب.
الأسواق الآن تسعر احتمال بنسبة 94% أن يثبت البنك الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر، كما تضع احتمال آخر بنسبة 43% أن البنك سيلجأ إلى رفع الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر القادم.
ويرى التحليل الفني لجولد بيليون أن احتمال رفع أسعار الفائدة الأمريكية بعد اجتماع سبتمبر لا يبشر بالخير بالنسبة للذهب، نظرا لأن ارتفاع أسعار الفائدة يزيد من تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في الأصول غير ذات العوائد مثل الذهب.
كما أدى تراجع فرص حدوث ركود في الولايات المتحدة إلى تراجع فرص جاذبية الذهب كملاذ آمن. لكن الظروف الاقتصادية المتدهورة في أجزاء أخرى من العالم يمكن أن تدعم الطلب على المعدن الأصفر.
و تصاعدت حدة الخطابات بين واشنطن وبكين مؤخراً خاصة بعد تقارير أشارت إلى أن الصين قد طلبت من المسئولين الحكوميين لديها التوقف عن استخدام هواتف آيفون من شركة آبل، وتخشى الأسواق حدوث المزيد من الاضطرابات في التجارة العالمية الناجمة عن تجدد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، حيث دعا بعض المشرعين الأمريكيين أيضًا إلى فرض حظر شامل على صادرات التكنولوجيا إلى الصين.
ساعدت هذه التوترات على تزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن ليتوقف عن الهبوط منذ جلسة الأمس ويحاول اليوم تعويض بعض من خسائره مستغلا توقف الدولار عن الارتفاع، إلى جانب تراجع عوائد السندات الحكومية الأمريكية.
الصين تزيد من احتياطات الذهب ب 29 طن
لا تزال الصين مستمرة في شراء الذهب حيث أضاف البنك المركزي الصيني المزيد من المعدن الثمين إلى احتياطاته الأجنبية للشهر العاشر على التوالي ليقوم بزيادة 29 طن من الذهب في شهر أغسطس.
ارتفعت بذلك مشتريات البنك المركزي الصيني من الذهب منذ بداية عام 2023 إلى 155 طن، وكانت بيانات الشهر الماضي تعد أكبر عملية شراء يقوم بها المركزي الصيني منذ ديسمبر من العام الماضي.
التوقعات تشير أن الصين ستستمر في عمليات شراء الذهب كونه يعزز من مصداقية عملتها اليوان بشكل دولي ويزيد من قدرته التنافسية مع الدولار الأمريكي كعملة احتياطية في العالم. بالطبع لن نشهد ضعف في دور الدولار كعملة الاحتياطي الأولى في العالم على المدى القريب، ولكن استمرار هذه التحركات قد تأتي بنتائج على المدى الطويل.
رغبة الصين في تنويع مصادر الاحتياطي لديها بعيداً عن الدولار وتقوية عملتها المحلية لا يعطي أمامها خيارات سوى الاستثمار في الذهب حيث لا توجد مخاطر سياسية مع الذهب الذي أصبح مهما للغاية كجزء من الاحتياطي لدى الدول خاصة منذ الحرب الروسية الأوكرانية.
رابطة سوق سبائك الذهب في لندن تظهر انخفاض مخزونات الذهب
رابطة سوق سبائك الذهب في لندن (LBMA) وهي رابطة تجارية دولية تمثل السوق العالمي لسبائك الذهب والفضة التي لديها قاعدة عملاء عالمية. أظهرت في تقرير لها أنه مع نهاية اغسطس 2023 انخفاض كمية الذهب المحتفظ بها في خزائن لندن إلى 8788 طن منخفضة بنسبة 0.9% عن الشهر السابق، لتصل قيمته إلى 548.8 مليار دولار أي ما يعادل حوالي 703014 سبيكة ذهب.
تدل هذه البيانات على قدرة لندن لدعم سوق التداول اللحظي للذهب ومع هذا التراجع في مخزونات الذهب فإن هذا يعكس تراجع الطلب على الذهب خلال الفترة الماضية في ظل التغير المستمر في توقعات أسعار الفائدة.
البيانات تأتي بالتوازي مع اعلان مجلس الذهب العالمي عن استمرار خروج التدفقات من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب خلال شهر أغسطس للشهر الثالث على التوالي لتفقد 2.5 مليار دولار لتنخفض حيازات الصناديق بمقدار 46 طن ذهب وتصل إلى 3341 طن ذهب. ومنذ بداية العام شهدت الصناديق خروج استثمارات بلغت 7.5 مليار دولار أمريكي لتنخفض حيازات الصناديق بمقدار 130 طن من الذهب منذ بداية العام.
هذا وقد انخفضت حيازات صناديق الاستثمار في الذهب في نهاية أغسطس لتسجل أدنى مستوى منذ مارس 2020 بانخفاض بنسبة 15% مقارنة مع المستوى القياسي البالغ 3916 طن ذهب المسجل في أكتوبر 2020.
أسعار الذهب في مصر
تشهد أسعار الذهب في مصر بعض التحركات الإيجابية بعد فترة من التحرك العرضي في نطاق ضيق، يرجع هذا إلى تزايد المخاوف بشأن التأثير السلبي على الأسواق في حالة حدوث تعويم لخلال شهر سبتمبر، مما يزيد من الطلب على الذهب كتحوط ضد التضخم وانخفاض قيمة العملة.
افتتحت أسعار الذهب المحلي عيار 21 الأكثر شيوعاً جلسة اليوم الجمعة عند المستوى 2215 جنيه للجرام قبل أن يرتفع ويتداول وقت كتابة التقرير عند 2220 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17760 جنيه.
جلسة الأمس شهدت ارتفاع أسعار الذهب أثناء الجلسة ليسجل أعلى مستوى عند 2225 جنيه للجرام، ولكن عند الاغلاق عادت الأسعار إلى التراجع بمقدار 15 جنيه لتغلق عند المستوى 2210 جنيه للجرام دون تغير عن سعر الافتتاح، بحسب جولد بيليون.
أسواق الذهب المحلية تشهد حالة من عدم الاستقرار بسبب ترقب المشاركين في الأسواق لتعويم محتمل في قيمة الجنيه المصري خلال الشهر الجاري بالتزامن مع مراجعة صندوق النقد الدولي المرتقبة.
حدوث تعويم في سعر الصرف سيدفع الطلب إلى التزايد على كل من الدولار والذهب كتحوط وملاذ آمن في مواجهة انخفاض القيمة الشرائية للجنية عند التعويم، وبالتالي سيدفع هذا أسعار الذهب إلى مستويات مرتفعة بعد الدعم الذي سيحصل عليه سواء من ارتفاع الطلب أو ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية الذي يعد مصدر تسعير الذهب.
الفترة الأخيرة شهدت تراجع في الطلب على الذهب وخاصة على السبائك والعملات الذهبية مقارنة مع المشغولات، ولكن قرار التعويم في حالة حدوثه سيزيد الطلب بشكل كبير على الذهب وسيحدث اختلال في ميزان العرض والطلب خاصة مع تراجع المعروض من الذهب المحلي بسبب قرار وقف الاستيراد للذهب.
هذا وقد أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع الاحتياطي النقدي لدي من العملات الأجنبية خلال شهر أغسطس للشهر الـ 12 على التوالي ليصل الاحتياطي إلى 34.928 مليار دولار بالمقارنة مع 34.878 مليار دولار في شهر يوليو.
كما ارتفع احتياطي الذهب لدى البنك المركزي المصري بمقدار 947 مليون دولار في أغسطس الماضي ليصل إلى 7.86 مليار دولار مقارنة مع أغسطس 2022 عندما كان احتياطي الذهب بقيمة 6.913 مليار دولار.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
توقف انخفاض أسعار الذهب منذ جلسة الأمس ليحاول التعافي وتعويض جزء من خسائره، ولكنه يواجه الآن منطقة مقاومة من 1923 – 1930 دولار للأونصة، قد تدفع هذه المنطقة تحركات الذهب إلى الاتجاه العرضي.
لا تزال منطقة الدعم الهامة 1907 – 1910 دولار للأونصة ومن بعدها المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة هي الحد السفلي لتداولات الذهب خلال هذه الفترة، وكسرها يفتح الباب لمزيد من الانخفاض، ولكنها قد تساعد على تكوين قاعدة هامة للسعر فوق منطقة المستوى 1900 دولار للأونصة من شأنها أن تساهم في تكوين زخم إيجابي قوي عند الارتفاع بشرط أن يجد الذهب الحافز المناسب لعكس حركته نحو الأعلى.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً نجد أن الذهب قد عاد إلى الارتفاع المحدود في محاولة للخروج من النطاق الضيق للتداولات ليتداول حالياً حول مستوى 2220 جنيه للجرام وذلك بعد أن فشل في كسر المستوى 2200 جنيه للجرام.
في حالة تأثر الذهب بحدث جديد في الأسواق خاصة لو كان متعلق بتغير سعر الصرف فسنشهد زخم صعودي قوي يدفع السعر إلى استهداف مستويات 2250 جنيه للجرام ومن بعده مستويات 2300 – 2320 جنيه للجرام.