افتتح محمد الإتربي أعمال أول مؤتمر مصرفي يعقده اتحاد المصارف العربية في المملكة العربية السعودية، وهو المؤتمر المصرفي العربي لعام 2023، تحت عنوان الآفاق الاقتصادية العربية في ظل المتغيرات الدولية، تحت رعاية كريمة من معالي الاستاذ أيمن بن محمد السيّاري، محافظ البنك المركزي السعودي.
وأكد أن هذا المؤتمر، هو بالفعل أول تجسيد لرغبة اتحاد المصارف العربية في إطلاق نشاطاته في المملكة العربية السعودية، بهدف تعزيز وتطوير العمل المصرفي العربي المشترك، ولا سيما تعزيز العلاقات بين أسرة الإتحاد والقطاع المصرفي السعودي.
وقد بذل الاتحاد جهوداً كبيرة لإنجاح المؤتمر، وسخّر كل امكاناته لعقد فعّالية مرموقة، تليق بمكانة المملكة العربية السعودية.
وتقدم بجزيل الشكر للبنك المركزي السعودي، ولمعالي المحافظ أيمن بن محمد السيّاري، ولفريق عمل البنك المركزي السعودي على الدعم الكبير، والمتابعة الحثيثة التي بذلوها، بهدف انجاح هذا المؤتمر.
إنطلاقاً من سعينا الدائم إلى توسيع شبكة مكاتب إتحاد المصارف العربية الخارجية، وتعزيز دوره التنموي في كافة الدول العربية، فقد أصبح للإتحاد، بعون الله، وبإرادة كريمة مكلّلة بأمر ملكي سامي، مكتباً إقليمياً في المملكة العربية السعودية – حفظها الله ورعاها – حيث تم توقيع اتفاقية مقرّ للاتحاد مع حكومة المملكة.
ولطالما سعى إتحاد المصارف العربية إلى أن يكون سنداً حقيقياً للقطاع المصرفي في مختلف الدول العربية، إلى جانب أن يكون حجر الأساس في التنمية الاقتصادية على كامل مساحة الوطن العربي، حيث أنّ إتحاد المصارف العربية أصبح اليوم شريكاً أساسياً مع الأمم المتحدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا المجال، سيحرص إتحاد المصارف على أنّ يشكّل هذا المقرّ، بإذن الله، جسر التواصل بين أسرة الإتحاد (360 مصرفاً عربياً) من جهة، وبين السلطات الاقتصادية والمالية والنقدية في المملكة من جهة أخرى، بما يساهم في تحقيق رؤية التنمية المستدامة السعودية 2030.
إننا نتطلّع من خلال هذا المقرّ إلى تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية وقطاعها المصرفي الهام والمتقدّم، والذي تتخطي أصوله بنهاية العام المالي 2022 نحو 3.6 تريليون ريال سعودي، تدار بأسس ومعايير مصرفية عالمية، تضافرت مع النمو الاقتصادي القوي في المملكة وحجم الطلب القوي على الائتمان من القطاعين العام و الخاص الى زيادة صافى الربح المحقق بنهاية عام 2022 بنحو 28% بما يوازي 63 مليار ريال للبنوك المدرجة فى البورصة ولتقتنص البنوك العاملة بأروقته على 8 مراكز ضمن أكبر 25 بنكاً في الشرق الأوسط وفقاً لتصنيف أفضل 1000 بنك عالمي لعام 2021 والصادرة من مجلة “The Banker”، وهو الأمر الذى يدعوا إلى الفخر والاعتزاز ويولد العزم لدى الاتحاد في زيادة أواصر التعاون مع الجهاز المصرفي السعودي، وبخاصة كل ما يتعلق بالعمل على إعداد الدراسات والتقارير الاقتصادية والتدريب والتأهيل وبناء القدرات وتبادل الخبرات، وخاصةً فيما يتعلّق بتطبيق التشريعات والأنظمة المالية في مختلف الدول العربية.
مع تأكيد حرصنا على العمل ضمن إطار سياسات وتوجيهات البنك المركزي السعودي بما يتوافق مع القوانين والأنظمة المعمول بها في المملكة.
وأكد أن جاذبية السوق المصرفي السعودي، دعت عدد من الدول الأعضاء بالاتحاد للمبادرة والسبق في تأسيس وحدات مصرفية لها بالسوق المصرفي السعودي، منها جمهورية مصر العربية ، نظراً لما يتمتع به من ملاءة مالية وأسس وخبرات مصرفية كبيرة، فضلاً عن نظرة مستقبلية واعدة، حيث بادر كل من بنكي مصر والذي أتشرف برئاسة مجلس إدارته وكذا البنك الأهلي المصري وهما أكبر بنكيين حكوميين بمصر لفتح فروع لهما بالمملكة، ويعد ذلك من الأمور الإيجابية في نقل الخبرة المصرفية والتوسع في الاعمال المصرفية بين الدولتين مصر والسعودية وهو ما يتطلع له اتحاد المصارف العربية في أحداث تكامل وتعاون عربي مشترك في مجال العمل المصرفي العربي، وفى هذا السياق نأمل مساعدة البنك المركزي السعودي في معاونة البنكين على فتح فروعهما في أقرب وقت ممكن.
وأود أن أؤكد في هذه المناسبة، عن كامل شكري وتقديري إلى المصارف السعودية التي وقفت إلى جانبنا في هذا الحدث الهام، وإلى عموم مصارفنا ومؤسساتنا المالية العربية التي دعمت أعمال هذا المؤتمر، سائلين المولى عز وجلّ، أن يوفقنا في دعم الروابط وتوثيق أواصر التعاون بين مصارفنا العربية.
تابع: يواجه العالم اليوم مزيجاً غير مسبوق من التحديات الناجمة عن التوترات الجيوسياسية، وتجزئة الأسواق، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو العالمي، وتزايد حدّة المخاطر المناخية والأمن الغذائي.
وتشكل هذه التطورات تحديات كبيرةً ذات تداعيات طويلة المدى على الاقتصادات النامية والمتقدمة على حد سواء، ومنها اقتصاداتنا العربية، بحيث سوف تُشكل مستقبل المشهد الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الدولية في المستقبل القريب. وفي الواقع، تقع منطقتنا العربية في وسط تلك التحديات العالمية، وخاصة فيما يتعلق بمخاطر الطاقة والأمن الغذائي، وتغيّر المناخ، بالإضافة إلى تحديات النمو الاقتصادي، والديون السيادية، والتنمية الاجتماعية. ، وفقا للأتربي.
وقال، إن تداعيات تلك الأحداث منتشرة على نطاق واسع بين الدول والمناطق، ولا يمكن أن تواجهها الدول منفردة، مما يستدعي اعتماد استراتيجيات اقتصادية ومالية واجتماعية جديدة، فضلاً عن السعي الى تعزيز التعاون بين الدول العربية، بحيث أصبح من الضروري تمهيد الطريق لمزيد من التعاون المستدام من أجل مواجهة هذه التحديات بشكل مشترك، ومواءمة سياساتها التي تصب في نهاية المطاف في تحقيق أمن الطاقة والغذاء، وتسهيل التجارة والاستثمار وحركة رؤوس الاموال، والشراكة في المشاريع المتعلقة بالمناخ.
وفي ظلّ الصراعات الجيوسياسية والنزاعات التجارية القائمة بين الدول الكبرى، وفي ظل التغيرات والتحولات الاقتصادية الشاملة التي يشهدها عدد كبير من دول العالم، وعلى رأس تلك التغيرات الانتقال الى الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الاخضر، تتغير خارطة الاستثمار العالمي وتنتقل رؤوس الاموال بين الدول والاقاليم الجغرافية في سعيها الى الهروب من تداعيات الصراعات والنزاعات، او للاستفادة من الفرص غير المسبوقة التي توفرها التبدلات الاقتصادية المذكورة.
أيها الحضور الكريم،،،
أظهرت جائحة كورونا التي ادت الى اغلاق الدول والاسواق، الاهمية الكبيرة للرقمنة في المساعدة على استمرار العمل في معظم القطاعات الاقتصادية، وخاصة في القطاع المالي، وبالتالي، ظهرت جلياً الإستفادة والمنافع غير المحدودة للتحول الرقمي، واهمية زيادة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، سواء بالنسبة للحكومات أو مؤسسات الاعمال بمختلف اشكالها.
وقد شهدت المنطقة العربية بالفعل تسارعاً كبيراً في الاستثمار في الرقمنة والتكنولوجيا الرقمية، في قطاعات التعليم والصحة والحكومة الالكترونية والمصارف والسياحة وغيرها، مع توسع غير مسبوق في قطاع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، وخاصة التكنولوجيا المالية.
من جهة اخرى، استدعت المخاطر الكبيرة الناجمة عن التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، استنفار دول العالم والمنظمات الدولية وعلى رأسها الامم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للعمل على مكافحة، او على الاقل الحدّ من، مخاطر التغير المناخي، عبر تشجيع الاستثمار في الإقتصاد الأخضر والدعوة الى وضع ضوابط للمشروعات المسببة للانبعاثات الكربونية، واسهام القطاع المالي والمصرفي في هذا المجال عبر التوسع في الخدمات المالية والمصرفية الخضراء. وبناء على ذلك، نشأت فرص استثمار هائلة، تتعلّق بإنتاج الطاقة، والنقل، والتصنيع، والسياحة، والتي تشكّل فرصاً تمويليةً واعدةً للمصارف والمؤسسات المالية.
وأودّ الإشارة هنا، إلى أنّ إتحاد المصارف العربية وقّع عدّة مذكرات تفاهم مع منظمات عربية وإقليمية تعنى بتعزيز العمل العربي المشترك تحت مظلّة جامعة الدول العربية في مواضيع تتعلّق بالتنمية المستدامة، نذكر منها مذكرة تفاهم مع المنظمة العربية للسياحة ومقرّها المملكة العربية السعودية.