نشرت وكالة رويترز تقريرا عن مشاكل الديون المستمرة والمدمرة التي تجتاح عددًا من دول العالم النامي حيث تضمنت القائمة ثلاث دول عربية.
لبنان.. أزمة مالية
تخلف لبنان عن سداد ديونه منذ عام 2020 ولا يوجد سوى القليل من الدلائل على أن مشكلاته في سبيلها للحل.
وبعد انتهاء ولاية محافظ المركزي رياض سلامة، يترقب المجتمع الدولي بمن سيتولى المنصب في ظل العرقلة السياسية في هذا الإطار، حيث يتوقع المحللون أن تكون عملية التوظيف معقدة وطويلة. وبالتالي من غير المتوقع أن يحدث أي إصلاحات جذرية قبل تعيين محافظ جديد للمركزي اللبناني.
وكان صندوق النقد الدولي قد أطلق تحذيرات قوية. واقترح مصرف لبنان المركزي قبل شهرين إلغاء ربط الليرة اللبنانية بالدولار الأمريكي المعمول به منذ فترة طويلة، فيما يعد خطوة إلى الأمام في مسعى مواجهة الأزمة الاقتصادية.
تونس وديون متراكمة
تواجه تونس الواقعة في شمال أفريقيا، والتي مرت بالكثير من الصعاب منذ ثورة 2011، أزمة اقتصادية شاملة تتمثل في ديون متراكمة. حيث إن أغلب ديونها داخلية لكن أقساطا لقروض أجنبية يحل موعد استحقاقها في وقت لاحق هذا العام.
وقالت وكالات تصنيف ائتماني إن تونس ربما تتخلف عن السداد. فيما انتقد الرئيس قيس سعيد الشروط المطلوبة للحصول على 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ووصفها بأنها “إملاءات” لن يفي بها.
وتعهدت السعودية بتقديم قرض ميسر بقيمة 400 مليون دولار ومنحة بقيمة 100 مليون دولار، لكن لا يزال الاقتصاد التونسي المعتمد على السياحة يعاني نقص مواد غذائية وأدوية مستوردة.
وعرض الاتحاد الأوروبي دعما بنحو مليار يورو (1.1 مليار دولار) لكن يبدو أن ذلك مرتبط في معظمه باتفاق صندوق النقد الدولي أو الإصلاحات.
مصر ومخاطر اقتصادية
تعد مصر إحدى الدول الكبرى الأخرى التي عانت مؤخرًا من شح بالعملات الأجنبية، وهو ما أثر بالسلب على الحالة الاقتصادية بشكل عام، وعلى سعر العملة بشكل خاص.
ولدى أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا نحو 100 مليار دولار من الديون بالعملة الصعبة، معظمها مقوم بالدولار، والتي يتعين على مصر سدادها على مدى السنوات الخمس المقبلة، منها سندات بقيمة 3.3 مليار دولار العام المقبل.
وتنفق الحكومة أكثر من 40 بالمئة من إيراداتها على مدفوعات فوائد الديون فقط.
لدى القاهرة برنامج مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وقد خفضت سعر صرف الجنيه بنحو 50% منذ فبراير/شباط 2022، لكن خطة الخصخصة لا تزال تسير ببطء.
وفي الوقت نفسه، يتم تداول بعض سندات الحكومة بنصف قيمتها الاسمية، ويعتقد محللون أن العامل الرئيسي الذي قد يحدد إمكانية عودة القاهرة إلى المسار الصحيح هو مقدار الدعم الذي تقدمه دول الخليج.
زامبيا.. ديون ثقلية
كانت زامبيا أول دولة أفريقية تتخلف عن السداد خلال جائحة كوفيد-19. وبعد سلسلة من الخطوات التي طال انتظارها خلال الأشهر الماضية، يبدو أنها تقترب أخيرا من خطة للإصلاح.
وتوصلت في يونيو /حزيران إلى اتفاق لإعادة هيكلة ديون بقيمة 6.3 مليار دولار مع الدول الدائنة في “نادي باريس” ومع الصين التي حصلت منها أيضا على قروض ضخمة.
ولا يزال العمل جاريا على التفاصيل لكن الحكومة تأمل كذلك في التوصل إلى اتفاق خلال الأشهر المقبلة مع صناديق دولية تحتفظ بسنداتها السيادية غير المدفوعة.
سريلانكا وصندوق النقد الدولي
أعلنت سريلانكا خطة لإصلاح الديون في نهاية يونيو/ حزيران، وتواصل إحراز تقدم منذ ذلك الحين لكن ليس في كل أقسام الخطة.
ووافق جميع حاملي سندات التنمية السريلانكية المحلية المقومة بالدولار تقريبا على تبادل سنداتهم بخمس أوراق مالية جديدة مقومة بالروبية السريلانكية من المقرر أن يحل موعد استحقاقها بين عامي 2025 و2033.
غير أن جزءا آخر من خطة الدين المحلي واجه تعثرا مع تأجيل الموعد النهائي الرئيسي لتبادل سندات الخزانة ثلاث مرات، ليصبح الآن في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري.
غانا وسداد الديون
تخلفت غانا عن سداد معظم ديونها الخارجية في نهاية العام الماضي. وهي الدولة الرابعة التي تسعى إلى إعادة العمل بموجب الإطار المشترك وتهدف إلى خفض مدفوعات ديونها الدولية بمقدار 10.5 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وكان تقدمها سريعا نسبيا مقارنة بدول مثل زامبيا. ووافقت الحكومة في الآونة الأخيرة على معالجة ما يقرب من أربعة مليارات دولار من ديونها المحلية من خلال عملية مبادلة ديون صندوق التقاعد وسندات مقومة بالدولار. وأعدت خطة لإعادة الهيكلة.
باكستان و22 مليار دولار لخدمة الدين
تحتاج باكستان إلى ما يزيد على 22 مليار دولار لخدمة الدين الخارجي ودفع الفواتير الأخرى للسنة المالية 2024. وتتولى حكومة تسيير أعمال المسؤولية حتى الانتخابات التي يتعين إجراؤها بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقد وصلت معدلات التضخم وأسعار الفائدة إلى مستويات ارتفاع تاريخية. كما تبذل البلاد جهودا مضنية لإعادة الإعمار بعد فيضانات مدمرة شهدتها العام الماضي.
وتوصلت في يونيو حزيران إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع صندوق النقد الدولي يتعلق بخطة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وتلا ذلك تعهد السعودية والإمارات بضخ نقدي بقيمة ملياري دولار ومليار دولار على التوالي.
السلفادور والتخلف عن سداد الديون
تحولت السلفادور من حالة اليأس والتخلف عن السداد إلى سوق السندات المفضلة مدفوعة بعمليتي إعادة شراء ديون مفاجئتين وتعيين مسؤول سابق في صندوق النقد الدولي مستشارا لوزارة المالية.
وانخفض سعر سندات اليورو استحقاق 2025 في صيف 2022 إلى ما يقل قليلا عن 27 سنتا للدولار متأثرا بارتفاع تكاليف خدمة الدين والمخاوف المتعلقة بخطط التمويل والسياسات المالية.
وقد أدى جدول سداد ديونها الخفيف نسبيا حتى عام 2027، والشعبية العالية للرئيس نجيب أبو كيلة، إلى تهدئة المخاوف من احتمال تخلف البلاد عن السداد.
كينيا وأزمة ديون
يقول البنك الدولي إن الدين العام للدولة الواقعة في شرق أفريقيا يبلغ ما يقرب من 70 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعرضها لخطر أزمة ديون محتدمة. ورشدت حكومة الرئيس وليام روتو الإنفاق واقترحت مجموعة من الزيادات الضريبية، الأمر الذي هدأ بعض المخاوف بشأن تخلف وشيك عن السداد.
ويجري بنك التنمية الأفريقي محادثات مع كينيا للحصول على مبلغ 80.6 مليون دولار لمساعدتها على سد فجوات التمويل لديها هذا العام، كما يناقش أيضا دعم الميزانية من البنك الدولي.
لكن المخاوف لا تزال قائمة إذ رفضت المعارضة السياسية العديد من الزيادات الضريبية التي أقرها روتو كما أجبرته الاحتجاجات على وقف بعض الإصلاحات مثل خفض دعم الوقود.
أوكرانيا والحرب
جمدت أوكرانيا مدفوعات الديون في أعقاب الغزو الروسي العام الماضي، وقالت إنها من المرجح أن تقرر في أوائل العام المقبل ما إذا كانت ستسعى لتمديد الاتفاق المتعلق بالمدفوعات أو تبدأ النظر في بدائل أخرى أكثر تعقيدا. وتقدر المؤسسات الكبرى أن تكلفة إعادة البناء بعد الحرب ستبلغ تريليون يورو على الأقل.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن أوكرانيا تحتاج إلى ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار شهريا لمواصلة تسيير شؤونها.