يواصل الذهب التداول بالقرب من أدنى مستوياته في 3 أسابيع وذلك قبل صدور تقرير الوظائف الأمريكي، وهي البيانات التي تنتظرها الأسواق بشكل كبير لمعرفة توجه السياسة النقدية للبنك الفيدرالي، والتي من المتوقع أن تؤثر بشكل كبير على تحركات أسعار الذهب.
شهدت أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة تحركات ضعيفة لتتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1932 دولار للأونصة، بالقرب من أدنى مستوى في 3 أسابيع وحتى الآن يتجه الذهب لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي في 6 أسابيع بانخفاض بنسبة 1.3%، ولكن هذه المستويات قد تتغير بعد صدور بيانات الوظائف في القطاع الغير زراعي الأمريكي عن شهر يوليو، ومن المتوقع أن يوفر الاقتصاد 205 ألف وظيفة مقارنة مع القراءة السابقة بقيمة 209 ألف وظيفة.
وخلال هذا الأسبوع صدر عدد من البيانات الاقتصادية عن قطاع العمالة وغيرها من القطاعات الاقتصادية عن الولايات المتحدة، وجاءت البيانات إيجابية إلى حد كبير وهو الأمر الذي زاد من التوقعات في الأسواق أن البنك الفيدرالي سيكون عنده الأريحية للاستمرار في رفع الفائدة لمرة أخرى خلال المتبقي من العام، في ظل المرونة التي يظهرها الاقتصاد الأمريكي من خلال البيانات الاقتصادية.
انعكس الأداء الإيجابي أيضاً على مستويات الدولار الأمريكي الذي ارتفع منذ بداية الأسبوع حتى الآن بنسبة 1% وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، في طريقه إلى تسجيل ارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي.
أيضاً زادت معاناة الذهب في ظل ارتفاع عوائد السندات الحكومية الأمريكية خاصة بعد اعلان وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عن خفضها تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية درجة ليصبح AA+ بعد أن كان عند AAA.
هذا التحرك من قبل وكالة فيتش للتصنيف الائتماني دفعت المخاوف إلى التزايد في الأسواق المالية، وقد أدى هذا إلى زيادة الطلب على السندات الحكومية كملاذ آمن إلى جانب ارتفاع الطلب على السيولة النقدية وهو ما زاد من قوة الدولار مقابل العملات الرئيسية.
العائد على السندات لأجل 10 سنوات ارتفع هذا الأسبوع بنسبة 5.9% ليسجل أعلى مستوى منذ شهر نوفمبر 2022 بنسبة 4.199%.
قوة عوائد السندات وارتفاع مستويات الدولار الأمريكي يمثل ضغط سلبي على الذهب بشكل كبير، وهو ما اتضح من الأداء السلبي خلال هذا الأسبوع، حيث يرتبط الذهب بعلاقة عكسية مع كل منهما منذ كونه أصل لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات الحكومية.
ماذا يحتاج الذهب للعودة إلى الارتفاع؟
تقرير الوظائف الأمريكي الذي يصدر اليوم يعد فرصة أخيرة لأسعار الذهب للارتفاع على المدى القصير، وقد يحدث هذا إذا أظهرت البيانات تراجع في أعداد الوظائف الجديدة بأقل من التوقعات بشكل يضمن للأسواق أن الاقتصاد الأمريكي لن يتحمل رفع جديد في أسعار الفائدة.
البنك الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه الأخير أشار إلى أن البيانات الاقتصادية هي منبع قرار السياسة النقدية القادمة، وعلى رأس هذه البيانات تقرير الوظائف الأمريكي، وبالتالي التغيرات الكبيرة في قراءة اليوم كافية بتغير تحركات الذهب.
الذهب يحتاج أيضاً إلى تراجع كبير في الدولار الأمريكي، فخلال الثلاثة أسابيع الماضية ارتفع الدولار بشكل كبير في تصحيح إيجابي قوي بعد موجة هبوط وصلت به لأدنى مستوياته منذ ابريل 2022، وضعف بيانات قطاع العمالة قد تنهي هذا التصحيح الإيجابي وتعيده إلى الهبوط وهو الخبر الجيد بالنسبة للذهب.
التوقعات تشير أن الذهب قد ينهي عام 2023 مسجلاً مستوى قياسي جديد بعد الذي شاهدناه في مايو الماضي عند 2080 دولار للأونصة، ولكن ما ينقص الذهب هو الحافز لاكتساب الزخم الكافي لتحقيق هذا الارتفاع، وهذا الحافز وإنهاء البنك الفيدرالي دورة رفع أسعار الفائدة بشكل صريح.
أسعار الذهب في مصر
لم تشهد أسعار الذهب في مصر تغيرات لتبقى عند نفس النطاق الضيق الذي يسيطر على التداول منذ فترة كبيرة، حتى قرار البنك المركزي المصري المفاجئ يوم أمس برفع الفائدة 100 نقطة أساس لم ينجح في دفع أسعار الذهب إلى الحركة.
سجل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الجمعة 2155 جنيه للأونصة، دون تغير عن جلسة الأمس، بينما سجل سعر الجنيه الذهب 17240 جنيه، وفق جولد بيليون.
وقام البنك المركزي المصري خلال اجتماعه يوم أمس برفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس لتصل إلى 19.25% من أجل العمل على تفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم.
يعد هذا القرار الثاني خلال العام من قبل المركزي المصري برفع الفائدة بعد أن قرر في مارس الماضي رفع الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، وكان البنك في عام 2022 قد رفع الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس.
وبحسب جولد بيليون فإن تحريك الفائدة من قبل البنك المركزي المصري جاء بعد تضارب في توقعات الأسواق التي شهدت توقعات كثير بتثبيت أسعار الفائدة نظراً لكون التضخم الحالي لا يعتمد على السيولة النقدية المتزايدة في الأسواق وبالتالي رفع الفائدة لن يعمل على تهدئة التضخم.
يذكر أن المعدل السنوي للتضخم قد ارتفع بنسبة 35.7% خلال شهر يونيو الماضي مقارنة مع القراءة السابقة بنسبة 32.7%، بينما ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 41% في يونيو مقارنة مع قراءة مايو بنسبة 40.3%.
وبالنسبة لسعر الصرف فقد استقر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الرسمي عند مستويات 30.95 جنيه لكل دولار، وسط توقعات استقرار سعر الصرف الرسمي لفترة أطول من الوقت. أيضاً لم يحدث تغيرات تذكر على سعر صرف الدولار في السوق الموازية والذي يتم تسعير الذهب من خلاله.
صرح بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس بأنه لا يتوقع حدوث تخفيض جديد للجنيه مقابل الدولار خلال الفترة القريبة القادمة، بسبب التأثير السلبي لهذا القرار على ارتفاع أسعار السلع والخدمات والتي وصلت أسعارها لأعلى مستوياتها بالفعل.
وأشار البنك أيضاً أن تخفيض قيمة الجنيه من جديد سيرسخ عمل السوق الموازية للعملات الأجنبية وسيزيد من عمليات الدولرة واكتناز العملات الأجنبية بشكل كبير بعد فقدان الثقة في العملة المحلية.
وفي المقابل توقع البنك أن يتلجأ الحكومة المصرية إلى استمرار الضغط للحد من الواردات وفرض الضوابط عليها وقد تلجأ إلى تهدئة وتيرة الاستثمار من أجل العمل على الحد من استنزاف الاحتياطي الدولاري لديها.
وفي سياق منفصل أشار التقرير الأخير لمجلس الذهب العالمي ارتفاع احتياطي مصر من الذهب ليصل إلى 125.8 طن من الذهب تقريباً بارتفاع بنسبة 24% حتى نهاية النصف الأول من 2023 لتحتل بذلك مصر المرتبة 31 عالمياً بين الدول الحائزة للذهب، والمرتبة الخامسة بين الدول العربية التي تتصدرها السعودية ومن بعدها لبنان والجزائر والعراق.