شهدت مؤشرات الأسهم الرئيسية في الاقتصادات المتقدمة في النصف الأول من 2023 أداءا جيداً بارتفاعات وصلت إلى 12 بالمئة لتضيف الأسواق العالمية نحو 6 تريليونات دولار إلى قيمتها، وذلك بدعم الارتفاعات القوية في أسهم شركات التكنولوجيا.
في حين كان ينتظر هذه الأسهم المزيد من الألم في هذا العام وفق تقديرات محللين ماليين وبنوك استثمار عالمية مع توقعات الأسواق برفع معدلات الفائدة الفيدرالية، وخصوصاً أن أسهم أكبر الشركات التكنولوجية سجلت خلال عام 2022 تراجعاً كبيراً لم تشهده منذ عقدين، نتيجة تشديد السياسة النقدية للبنوك المركزية ورفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، حيث تجاوز انخفاض سعر السهم في بعض الأحيان 60 بالمئة كما حصل في “ميتا”، الشركة الأم لـ”فيسبوك”.
وربط خبراء اقتصاد في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” واطلعت عليها «بايونيرز مصر» استمرار زخم أداء أسهم التكنولوجيا خلال النصف الثاني من العام الجاري بوجوب ظهور بيانات جيدة لشركات القطاع التكنولوجي عن الربع الثاني 2023، مشيرين إلى أن الأسواق قد تشهد عملية تصحيح لأسهم هذا القطاع إذا كانت أرباح شركاته أقل مما توقعته الأسواق.
وعلى الجانب الآخر ينوه الخبراء بأن الأسواق عموماً قد تشهد أداء ضعيفاً خلال النصف الثاني من العام لسببين الأول يتجلى في أن الأسواق تاريخياً تشهد خلال الربعين الثالث والرابع تقلبات في أدائها، ينما يعود السبب الثاني إلى أن الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى مصممون على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة وهذا من ناحية المستثمر يعتبر اتجاهاً سلبياً لأسواق المال.
بدوره، يقول مازن سلهب كبير استراتيجي الأسواق في “BDSwiss MENA”، “إن أداء مؤشرات الأسهم الرئيسية في الاقتصادات المتقدمة وخاصة الولايات المتحدة في النصف الأول من 2023 كان بالفعل ملفتاً للنظر، بينما توقع الكثيرون أن يكون الأداء أضعف نظراً للاستمرار في رفع الفائدة في الولايات المتحدة التي وصلت إلى 5.25 بالمئة وهي الأعلى منذ سنوات الأزمة المالية العالمية 2007/2008”.
بورصات العالم تنجو من عام مليء بالاضطرابات
أداء الأسواق الرئيسة بالأرقام
وفي لقاء يشرح سلهب بالأرقام أداء الأسواق العالمية الرئيسية في النصف الأول من 2023 وفقا لمايلي:
ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بواقع 16.2 بالمئة.
ارتفاع مؤشر داو جونز 3.88 بالمئة.
مؤشر ناسداك يحقق مكاسب وصلت إلى 40 بالمئة مع أربعة أشهر متتالة من المكاسب في أطول موجة مكاسب شهرية مستمرة في ثلاثة أعوام.
وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي تبدو الصورة إيجابية ولو كانت أضعف بقليل حيث ارتفع مؤشر فوتسي 100 البريطاني 1.14 بالمئة
بينما حقق مؤشر داكس الألماني مكاسب بنسبة 15.29 بالمئة مقترباً من أعلى مستوياته التاريخية في أفضل مكاسب مستمرة منذ عامين.
في آسيا ارتفع مؤشر نيكي 225 في طوكيو 26.2 بالمئة ليصل أعلى مستوياته في 33 عاماً، كذلك في أفضل موجة مكاسب مستمرة في ثلاث سنوات حيث استفادت اليابان من دخول رأس المال الأجنبي بعشرات مليارات الدولارات في الأشهر الستة الأخيرة مدفوعةً بتقييمات أفضل من الأميركية وخاصةً من ناحية العائد على السهم وعائد التوزيعات والقيمة السوقية التي لم تتضخم كما حدث في أميركا.
شهد مؤشر الدولار الأميركي تراجعا خلال يونيو بـ 1.18 بالمئة، وهو ما دفعه لدخول المنطقة الحمراء في النصف الأول متراجعا 0.55 بالمئة، لكنه سجل مكاسب بـ 0.7 بالمئة في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
ولا يمكن أن ننسى السلع وأهمها الذهب فالعقود الآجلة الأميركية لازالت تكسب 5.9 بالمئة منذ بداية العام، ينما يخسر خام غرب تكساس الخفيف 10.28 بالمئة من قيمته وكذلك الحال في خام برنت الذي خسر 12.6 بالمئة.
“تسانغ”: الأسواق تنتظر العديد من التحديات بالفترة المقبلة
ورداً على سؤال حول العوامل التي أثرت على أداء الأسواق وجعلتها تخالف التوقعات المتشائمة لها خلال العام أجاب كبير استراتيجي الأسواق في “BDSwiss MENA”، “إن التراجع التدريجي للتضخم منذ نهاية العام الفائت عالمياً، إضافةً الى عدم انكماش الاقتصاد الأميركي في الربع الأول من العام الجاري بل تحقيقه نمواً بنسبة 2 بالمئة بعد المراجعة الأخيرة، مع نمو الاقتصاد الصيني 2.2 بالمئة على أساس ربع سنوي والياباني 0.7 بالمئة لنفس الفترة، دفع الأسواق إلى فرضية تتمثل في البدء بإنهاء رفع الفائدة تدريجياً ولذلك رأينا مكاسب قوية في الأسهم في الأشهر الثلاثة الأخيرة حيث أن ارتفاع الفائدة عادةً ليس في صالح الأسهم تاريخياً على الأقل”.
وفي الوقت نفسه بقي سوق العمل الأميركي قوياً حيث لم تتجاوز البطالة 3.7 بالمئة كما أن معدل التوظيف وصل 314 ألف شهرياً في هذا العام، فهذه المرونة في ثقة المستهلكين الأميركيين وعدم الانكماش في الإنفاق وعدم تراجع الأجور كذلك أعطت جانباً قوياً للأسهم على الرغم من تراجع التصنيع والسلع المعمرة في بعض الأشهر، بحسب سلهب.
من جانبه، يقول على حمودي الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في ATA Global Horizons في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، “على الرغم من انتهاء العام الماضي بكثير من التشاؤم بالنسبة لأداء الأسواق العالمية وتوقعات حدوث الركود في الاقتصادات العالمية وخصوصاً المتقدمة، والتراجع الكبير لأسهم البنوك الذي لم نشهده منذ انهيار بنك ليمان براذرز عام 2008، إلا أن أداء الأسواق كان جيداً حيث انتهى النصف الأول من 2023، بارتفاعات وصلت إلى 12 بالمئة للأسواق العالمية والتي أضافت نحو 6 تريليونات دولار لقيمتها في 6 أشهر، ولا ننسى أن مؤشر نيكي الياباني حقق أداء جيداً لم يشهده منذ 10 أعوام، ويعود السبب الرئيسي لارتفاع الأسهم وخصوصاً في الولايات المتحدة إلى أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بعدم من تقنية “شات جي بي تي”.