تحرك الذهب في نطاق ضيق خلال تداولات اليوم الأربعاء حيث تنتظر الأسواق بعض التقدم في المحادثات بشأن رفع سقف الدين الأمريكي، في حين تترقب الأسواق اليوم صدور محضر اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي في محاولة للحصول على المزيد من الإشارات بشأن مستقبل السياسة النقدية، وفق التحليل الفني لجولد بيليون.
وانحصرت تداولات الذهب اليوم حول المستوى 1975 دولار للأونصة، وذلك بعد وصلت أسعار الذهب يوم أمس بالقرب من مستوى الدعم الهام 1950 دولار للأونصة قبل أن ترتفع قبل نهاية الجلسة وتغلق على أداء إيجابي.
تحرك الذهب في نطاق تداول ضيق يتراوح بين 1950 و1980 دولار للأونصة لمدة أسبوع تقريبًا بعد أن فقد المستوى الرئيسي 2000 دولار، وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن التخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة، إلى جانب توقعات متقلبة بشأن مستقبل أسعار الفائدة الأمريكية.
تستمر المحادثات بين كلا الحزبين السياسيين الجمهوري والديموقراطي بشأن رفع سقف ديون الحكومة الأمريكية البالغ 31.4 تريليون دولار، ولكن يبدو أن إحراز أي تقدم صعب وهناك مؤشرات قليلة على التوصل إلى اتفاق في أي وقت قريب، بحسب جولد بيليون.
يأتي هذا قبل الموعد النهائي في يونيو للتخلف عن السداد والذي قد يكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي كما سبق وحذرت وزيرة الخزانة جانيت يلين في أكثر من مناسبة وصرحت إنه “من المحتمل جدًا” الآن أن ينفد النقد الكافي من وزارتها في أوائل يونيو.
استمرار التوتر الناتج عن أزمة الديون الأمريكية يساعد الذهب إلى الاستقرار إلى حد ما والاستقرار فوق مستوى الدعم الهام 1950 دولار للأونصة، وذلك لأن الذهب يلعب دور الملاذ الآمن في الأسواق في أوقات الأزمات.
من جهة أخرى يجد الذهب المزيد من الدعم من التوقعات بتباطؤ النمو في الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي بشكل عام وهو ما يزيد من طلبات الملاذ الآمن على الذهب، يأتي هذا بعد صدور بيانات إحصائيات مدراء المشتريات لقطاع الخدمات والقطاع الصناعي عن عدد من الاقتصاديات حول العالم لتظهر تراجع في الأداء بشكل عام، ما ينذر بركود اقتصادي محتمل.
موقف الدولار وتأثيره على الذهب
استقرت تداولات الدولار الأمريكي بالقرب من أعلى مستوياته في شهرين وذلك على الرغم من انخفاضه خلال جلسة اليوم الأربعاء وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، حيث انخفض المؤشر اليوم بنسبة 0.1% بعد ارتفاعه لجلستين متتاليتين.
تركيز الأسواق اليوم ينصب على محضر اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي عقد في مطلع الشهر الجاري، وقد شهد الاجتماع ارتفاع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى النطاق بين 5.0% إلى 5.25% في أعلى مستوياته للفائدة منذ 15 عام.
شهد الاجتماع الأخير إشارة إلى إمكانية التوقف عن رفع أسعار الفائدة خلال الاجتماع القادم للبنك في يونيو من أجل مراقبة تطورات التشديد الائتماني الذي قد يحل محل أسعار الفائدة، ولكن العديد من تصريحات أعضاء البنك صدرت بعد ذلك أظهرت ضرورة الاستمرار في رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المتماسك في الولايات المتحدة.
واليوم تحاول الأسواق الحصول على إشارات من محضر اجتماع الفيدرالي بشأن مستقبل أسعار الفائدة، خاصة مع الارتفاع الأخير في العائد على السندات الحكومية الأمريكية بسبب التوقعات باستمرار التشديد النقدي.
سجل العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات وأجل عامين خلال تداولات الأمس أعلى مستوى منذ قرابة 10 أسابيع عند 3.761% و 4.408% على الترتيب.
ارتفاع العائد على السندات الحكومية يعد أخبار سلبية للذهب كون المعدن النفيس يعد أصل لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات التي تقدم عائد يرتفع بزيادة توقعات أسعار الفائدة في الأسواق.
الجدير بالذكر أن التماسك الحالي في مستويات الدولار الأمريكي يزيد من الضغط السلبي على الذهب، ويمنعه من تحقيق المكاسب للاستفادة من الطلب على الملاذ الآمن في ظل عدم اليقين المتعلق بأزمة سقف الديون الأمريكية.
مؤشرات السلع تشهد تراجع خلال الفترة الحالية في ظل تماسك الدولار الأمريكي الذي يجبر أسعار السلع على التراجع كونها يتم تسعيرها بالدولار مما يخلص علاقة عكسية بينهم، هذا بالإضافة إلى توقعات الركود الاقتصادي الذي يجبر أسعار السلع الصناعية على التراجع مثل النحاس.
الذهب يحقق استفادة من توقعات الركود الاقتصادي كونه يمثل الملاذ الآمن في الأسواق المالية، ولكن قوة الدولار الحالية تحول دون استفادة الذهب من الطلب على الملاذ الآمن في الأسواق حالياً.
أسعار الذهب في مصر :
شهدت أسعار الذهب محلياً تذبذب في نطاقات محددة بالتوازي مع التذبذب الحالي في أسعار الذهب العالمية، حيث تستمر ضبابية المشهد المالي والاقتصادي في مصري إلى دفع المواطنين إلى محاولة الحفاظ على مدخراتهم عن طريق شراء الذهب كمخن للقيمة، إلا أن التحركات الأخيرة من الجهات المعنية دفعت المعروض إلى التزايد الأمر الذي يحد من مكاسب عنيفة في أسعار الذهب خلال الفترة الحالية.
وسجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الأربعاء 2420 جنيه للجرام وقت كتابة التقرير، بينما سجل الجنيه الذهب 19360 جنيه.
منذ تسجيل سوق الذهب للمستوى 2200 جنيه للجرام الذي يعد قاع المنطقة السعرية التي نتحرك بها حالياً، نجد أن الأسواق تحاول من جديد تكوين زخم صعودي كافي لإعادة اختبار المستوى التاريخي عند 2800 جنيه للجرام، وفق تحليل منصة جولد بيليون، ولكن الأسعار ترتفع بشكل تدريجي يتخلله تذبذب ما يعكس ضعف الطلب الحالي في الأسواق مقارنة مع الطلب القوي الذي دفع الأسعار للوصول إلى المستوى 2800 جنيه للجرام في زمن قياسي.
عودة أسواق الذهب لتسجيل مستويات قياسية يتطلب حدث كبير في الأسواق يعيد الطلب القوي مثل استحقاق شهادات الـ 18% التي كانت السبب الرئيسي وراء الارتفاع القياسي في أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة.
السماح بتخفيض جديد لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار قد يساهم أيضاً في اندفاع أسعار الذهب للارتفاع، أو ارتفاع سعر الأونصة العالمية من جديد وتسجيل مستويات قياسية كالتي شاهدناها مطلع هذا الشهر عندما سجل الذهب أعلى مستوى تاريخي عند 2080 دولار للأونصة.
أما عن الأوضاع المالية والاقتصادية لمصر فتظل في وضع حرج حيث تعمل الحكومة بأقصى طاقتها لتأمين تمويل دولاري قبل المراجعة الأولى التي سيجريها صندوق النقد الدولي، قبل الحصول على الشريحة الثانية من القرض بقيمة 3 مليار دولار التي اتفقت عليه الحكومة في ديسمبر الماضي.
تحاول مصر حث الاستثمارات على العودة للسوق المصري عن طريق طرح 32 شركة مملوكة للدولة للبيع لمستثمر استراتيجي او الطرح في البورصة كما حدث مع حصة بنسبة 10% من الشركة المصرية للاتصالات.
ولكن ترى المنظمات الدولية أن خفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار يبقى خيار مطروح أمام الحكومة المصرية لتشجيع الاستثمارات على العودة من جديد، ولكن يعد خيار صعب بالنسبة للحكومة المصرية بسبب ارتفاع معدلات التضخم والأسعار بشكل تاريخي بسبب انخفاض القيمة الشرائية للعملة.
منذ مارس 2022 خفضت مصر سعر صرف عملتها المحلية 3 مرات وحتى يناير الماضي، ليهوي سعر الجنيه المصري مقابل الدولار بنحو أكثر من 25% خلال الخمسة أشهر الأخيرة، وبأكثر من 95% منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية في مارس 2022، ليُتداول حالياً عند 30.95 جنيه لكل دولار.