شهدت أسواق الذهب العالمية أسوأ أسبوع تداول منذ فبراير الماضي لتسجل الانخفاض الأسبوعي الثاني على التوالي، ولكن نهاية تداولات الأسبوع جاءت مختلفة بتعافي كبير للذهب وتعويضه جزء من الخسائر في ظل تغير الأوضاع في الأسواق العالمية.
أسعار الذهب الفورية انخفضت بنسبة 1.5% خلال الأسبوع الماضي وسجلت أدنى مستوى في 6 أسابيع عند 1951 دولار للأونصة، بحسب تحليل منصة جولد بيليون، وشهد هذا الأسبوع تغيرات واضحة في توجهات الأسواق بسبب تصريحات أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي، فمنذ بداية الأسبوع خرج العديد من أعضاء الفيدرالي بتصريحات تفيد أن التضخم لا يزال بعيد عن هدف البنك وأن رفع أسعار الفائدة مجدداً في اجتماع يونيو القادم أمراً لا بد منه، ونتيجة لذلك تم تسعير الأسواق على رفع جديد في أسعار الفائدة ووصلت التوقعات إلى قرابة 50%.
هذه التطورات تسببت في انخفاض كبير في مستويات الذهب ودفعه إلى كسر المستوى النفسي 2000 دولار لأسفل، منذ كون رفع أسعار الفائدة يجذب الاستثمارات بعيداً عن الذهب الذي لا يقدم عائد مقارنة مع السندات الحكومية التي تنتعش برفع الفائدة.
ولكن في اليوم الأخير في التداول صرح رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن الفيدرالي قد لا يضطر إلى رفع الفائدة بسبب شروط الائتمان المصرفي المتشددة، وأن الأسواق تقوم بتسعير الفائدة بمسار مختلف عن البنك، كما أشار إلى أن البنك لم يتخذ أي قرارات بشأن الفترة الزمنية التي قد تكون مناسبة للإبقاء على سعر الفائدة مرتفع.
تسببت هذه التصريحات من قبل رئيس الفيدرالي في عكس توجهات الأسواق بشكل كامل، بداية من التسعير في الأسواق بشأن رفع الفائدة في يونيو الذي تراجع إلى 18.5%، وهو ما انعكس على الذهب بشكل إيجابي كبير دفعه إلى تعويض جزء كبير من خسائره التي سجلها منذ بداية الأسبوع.
التوقعات الآن تشير أن الذهب قد يعود إلى استكمال الارتفاع والعودة لاختراق المستوى 2000 دولار، خاصة أن المنطقة السعرية حول 1940 – 1950 دولار لم يتم المساس بها من قبل الذهب وهي تعد منطقة حرجة بالنسبة لاتجاهات الذهب.
الدولار الأمريكي يتماسك
استكمل الدولار الأمريكي ارتفاع للأسبوع الثاني على التوالي ليسجل أعلى مستوياته في شهرين وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، ليرتفع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.6% وذلك على الرغم من انخفاضه يوم أمس مع نهاية الأسبوع بنسبة 0.3%.
تصريحات رئيس الفيدرالي باول أثرت بشكل سلبي على تداولات الدولار نهاية أسبوع التداول، ولكنه تماسك بشكل جيد على المستوى الأسبوعي بسبب الدعم الذي حصل عليه من العائد على السندات الحكومية الأمريكية.
ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات خلال الأسبوع المنتهي بنسبة 6.2% ليسجل أعلى مستوى في 9 أسابيع عند 3.733%، بينما ارتفع العائد لأجل عامين الأكثر حساسية للتغير في أسعار الفائدة بنسبة 7.1% وسجل أعلى مستوى في 9 أسابيع عند 4.349%.
ارتفاع الدولار خلال الأسبوع الماضي كان السبب الرئيسي وراء انخفاض أسعار الذهب، كما أنه قلص من فرص الذهب لتحقيق المزيد من المكاسب بعد انعكاس توجهات الأسواق يوم أمس.
أسعار الذهب في مصر
سيطر الهبوط على أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي في ظل انخفاض الأسعار عالمياً بالإضافة إلى تراجع الطلب على المعدن النفيس في الأسواق المحلية خلال الفترة الحالية، ولكن استطاعت الأسعار أن تعود إلى التعافي التدريجي خلال جلسة أمس الجمعة.
انخفض سعر الذهب خلال الأسبوع الماضي بنسبة 3.3% ليفقد 80 جنيه، بينما قد انخفض الذهب بمقدار 600 جنيه للجرام منذ تسجيله أعلى مستوى تاريخي عند 2800 جنيه للجرام وحتى تسجيله أدنى مستوى الأسبوع الماضي عند 2200 جنيه للجرام.
انخفاض الذهب خلال الأسبوع الماضي جاء بالتوازي مع تراجع أسعار الأونصة العالمية وانخفاضها تحت المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة، وهو ما يشير إلى عودة التسعير المحلي للذهب للتوافق إلى حد كبير مع التسعير العالمي.
الجدير بالذكر أن الذهب عاد إلى التعافي يوم أمس مع نهاية الأسبوع وذلك بالتوازي مع عودة سعر الأونصة العالمية إلى الارتفاع يوم أمس بسبب تصريحات رئيس البنك الفيدرالي.
الأسباب الرئيسية وراء تراجع الذهب خلال الأسبوع الماضي هو تعافي الجنيه المصري في السوق الموازية مقابل الدولار الأمر الذي ساعد بشكل كبير على توسع خسائر الذهب وعودة بعد الهدوء إلى الأسواق، خاصة مع تصريحات رئيس الوزراء بأن الجنيه مقوم بأقل من قيمته ومع زيادة الاستثمارات ستنحل أزمة العملة ويعود الجنيه إلى قيمته الحقيقية.
سعر صرف الجنيه مقابل الدولار يتداول بشكل رسمي في البنوك عند 30.95 جنيه لكل دولار، بينما تراجع الطلب على الدولار في السوق الموازية الأمر الذي ساعد الجنيه على التعافي.
أيضاً ارتفعت العقود الآجلة الغير قابلة للتسليم للجنيه المصري لأجل شهر واحد بنسبة 2.4% يوم الخميس الماضي لتصل إلى 31.8 جنيه لكل دولار وهو أفضل أداء للجنيه منذ 2 مارس الماضي.
أشار وزير المالية أيضاً أنه مع نهاية عام 2023 ستشهد البلاد استقرار في سعر الصرف وبداية السيطرة على معدلات التضخم، وأكد على تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة أن مصر لم ولن تتخلف عن سداد مستحقاتها الدولية، وذلك رداً على تقارير عالمية عديدة شككت في قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها.
أيضاً مبادرة السماح بواردات الذهب بالدخول بدون جمارك أو رسوم ساهم في زيادة المعروض المحلي من الذهب لمواجهة الطلب المتزايد خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى الإعلان الرسمي عن عمل أول صندوق استثماري في الذهب والذي ساهم في هدوء وضبط أسواق الذهب.
خاصة أن صندوق الاستثمار قد يجتذب شريحة كبيرة من محدودي الدخل وهو ما يقلل من الطلب على خام الذهب ليقلل بالتالي من الضغط على الطلب ويحقق توازن في ميزان العرض والطلب بالنسبة لأسواق الذهب.
هذا وقد ثبت البنك المركزي المصري أسعار الفائدة خلال اجتماعه يوم الخميس الماضي عند 18.75% لسعر العملية الرئيسية، وقام بتثبيت كل من الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 18.25% و19.25% على التوالي.
يذكر أن المركزي المصري قد رفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس في اجتماعه الأخير في مارس، بعد أن رفع الفائدة 800 نقطة أساس خلال عام 2022 في ظل العمل على خفض التضخم واجتذاب الاستثمارات في الوقت الذي استمر البنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع الفائدة لعشرة اجتماعات متتالية.
قد نشهد عودة إلى تزايد الطلب على الذهب خلال الفترة القادمة فقد يلجأ العديد إلى شراء الذهب عند المستويات الحالية التي تعد مشجعة للشراء، وهو ما يعيد الطلب إلى التزايد ولكن الاستقرار الأخير في سوق الذهب المحلي سيحقق توازن بين العرض والطلب وحتى لو عادت الأسعار إلى الارتفاع سيكون ضمن تحركات مقبولة.