تعتزم مجموعة من الدول كسر هيمنة الدولار من خلال التعامل بعملاتها الوطنية ووقف الأخضر الذي بات يشكل أزمة كبيرة لكثير من الدول التي تعتمد عليه بشكل كامل في توفير احتياجاتها من السلع الأساسية والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج وخلافه.
وقد بدأت بعض المحاولات من دول البرازيل والأرجنتين اللتان تعتزمان إصدار عملة موحدة لتقليص الاعتماد على الدولار الأميركي في تعاملاتهما المالية.
كما بدأت قوتان كبيرتان في تبادل العملات الوطنية بينهما وهما روسيا والصين حيث حل اليوان والروبل الروسي بديلا عن العملة الخضراء في تعاملات الدولتين.
وأعلن البنك المركزي الروسي البدء في تحديد أسعار الروبل مقابل مجموعة من العملات الأجنبية من بينها الجنيه المصري، كعملات تبادل تجاري، وعديد من الخطوات الأخرى ذات الصلة.
وليس فقط المنافسون للولايات المتحدة مثل الصين ولكن أيضاً دولاً مثل الهند وإندونيسيا وماليزيا وجنوب إفريقيا، تستثمر في تقنيات مثل العملات الرقمية للبنك المركزي، يمكن أن تجعلهم أقل اعتماداً على الدولار.
ويرى هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، إن محاولات الدول لزعزعة هيمنة الدولار الأمريكي من الأمور الصعبة والمعقدة وتحتاج إلى وقت وجهد كبيرين. يعد الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية في مكونات الاحتياطي النقدي الأجنبي النقدية لمعظم الدول ويعد أيضًا العملة الرئيسية للتجارة الدولية والمعاملات المالية الدولية.
ومع ذلك، فقد بدأت بعض الدول مثل الصين وروسيا والسعودية في تبني عملاتها الوطنية لتعزيزها كبديل للدولار الأمريكي في التجارة الدولية.
أشار إلى أن الصين تسعى لتعزيز الاستخدام الدولي لليوان الصيني، وتقوية مكانتها في النظام المالي الدولي. وتشمل هذه الجهود إطلاق العديد من المنتجات المالية الجديدة باليوان، بما في ذلك السندات وصناديق الاستثمار ، إضافة إلى توسيع استخدام اليوان في المدفوعات الدولية وتعزيز الاتفاقات التجارية الدولية الأخرى باليوان الصيني.
ومن جانبها، تسعى السعودية إلى تعزيز الاستخدام الدولي للريال السعودي من خلال تنفيذ برنامج الرؤية السعودية 2030، والذي يهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتطويره بما يؤدي إلى جعل الريال السعودي أكثر قوة وجاذبية في السوق العالمية.
أوضح أن إنشاء نظام بديل للدولار يتطلب توافر العديد من العوامل الرئيسية مثل الثقة في النظام المالي والنقدي للدول المشاركة، وتوفر البنية التحتية اللازمة وقوة الاقتصاد الداعم. وحتى الآن، لم يشاهد أي تحولات جذرية في النظام النقدي العالمي.
من جهته يرى الدكتور اسلام شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إن اعتماد الدول على عملاتها المحلية يعزز من اقتصادها ويساعدها على التخفيف من تكلفة التبادل التجاري بين الدول، لكن في الوقت نفسه التخلي عن الدولار يحتاج إلى إجراءات وسياسات تتطلب مزيد من الوقت، ويبدو أن السعودية قد تلعب دورًا مهمًا وقد يكون حاسمًا في القضاء على هيمنة الدولار، حيث إنه إذا انتهت المبادلات النفطية بالدولار، فذلك يعني نهاية عصر الدولار الأمريكي
أوضح أن الدول تحاول أن تتكتل من خلال مجموعة البريكس حيث هناك أنباء عن احتمالية انضمام السعودية وإيران في البريكس وفي هذه الحالة سيكون هناك تحالف اقتصادي على المستوى الآسيوي مكون من الصين ،روسيا الهند، السعودية، إيران حيث هناك تخوف من استخدام أمريكا عملتها كسلاح سياسي واقتصادي إلى زيادة الضغط على الاقتصادات للدول الآسيوية مثلما حدث من فرض عقوبات على روسيا وعزلها من النظام المالي المعروف بالسويفت عقب حرب روسيا وأوكرانيا.
أشار إلى أن ما يحدث الآن من قِبل الصين والبرازيل وروسيا محاولة ترسيخ نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب اقتصاديًا وسياسيًا وليس أحادي القطب كما كان في الماضي، من أجل الوصول لصيغة جديدة تعيد النظر بدور الدولار والقضاء على هيمنته، ويتم التوصل لاتفاقيات حول عملات جديدة أو سلة عملات أو عملة مدعمة من خلال البنك الدولي لكن بعد تعديل نظامه بحيث يكون هناك مساهمة لكل الأطراف القوية اقتصاديًا.
أوضح أن الدولار الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية يعد العملة المعتمدة على مستوى دول العالم في حركة التجارة العالمية وهو ما أعطى الولايات المتحدة الأمريكية قوة للاقتصاد حيث تضطر دول العالم لشراء الدولار من أجل سداد ثمن السلع والخدمات التي تتم عبر معاملات دول العالم المختلفة.
ولقد بدأت الصين وروسيا منذ فترة في بناء تكتل للتحرر من هيمنة الدولار حيث بدءا لإزالة الدولار من تعاملاتهم التجارية في الفترة الماضية لتقويض قوة الدولار، ولقد انضمت البرازيل إليهما بعد التوصل إلى اتفاق مع الصين الأسبوع الماضي خلال منتدى أعمال صيني برازيلي عقد في الصين وتم التوصل إلى أن يتم التعامل بين الصين والبرازيل في المعاملات التجارية بعملتيهما، متخليتين عن الدولار الأمريكي، وهي صفعة قوية للدولار الأمريكي أمام اليوان الصيني حيث ستمكن الصين، المنافس الأكبر لأمريكا، والبرازيل، أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، من إجراء معاملاتهما التجارية والمالية الضخمة بشكل مباشر، ويتم تبادل اليوان الصيني مقابل الريال البرازيلي بدلاً من الدولار الأمريكي.
وتابع: تُعدُ الصين الشريك التجاري الأكبر للبرازيل، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما نحو 150 مليار دولار في العام الماضي، كما أنه توجد توقعات بأن يؤدي هذا الاتفاق إلى تخفيض التكاليف ويسهل الاستثمار ويعزز التجارة بين الدولتين، كما تخلت الصين في تعاملاتها التجارية أيضًا عن الدولار مع باكستان والعديد من الدول الأخرى مثل بنجلاديش وكازاخستان ولاوس لتعزيز استخدام اليوان الصيني في التعاملات التجارية كما بدأت الهند منذ أشهر قليلة في تأمين آلية دفع ثنائية مع الإمارات العربية المتحدة بالروبية الهندي.
ولقد أعلنت بورصة شنغهاي للبترول والغاز الطبيعي إتمام أولى صفقات الغاز الدولية باليوان الصيني بدلاً من الدولار، حيث تم عقد هذه الصفقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، كما انضمت المملكة العربية السعودية أيضًا إلى منظمة شنغهاي للتعاون وتحاول السعودية بناء شراكة استراتيجية مع الصين على الرغم من المخاوف الأمنية الأمريكية، ومن جانب آخر قام الرئيس الكيني بتوقيع اتفاقية مع المملكة العربية السعودية لشراء النفط بالعملة الكينية الشلن بدلاً من الدولار الأمريكي.