اتهمت السلطات اللبنانية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدة له الخميس بغسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع بعد أشهر من التأخير في القضية.
لكن التطور أثار أيضا مخاوف من أن السلطات في لبنان، حيث لا يزال سلامة يتمتع بدعم سياسي على مستوى عال، قد تبطئ التعاون مع محققين أوروبيين يفحصون نفس الاتهامات ضد سلامة.
وينفي الأخوان سلامة التورط في أي مخالفات.
كانت قد بدأت في أوروبا التحقيقات بتدقيق سويسري فيما إذا كان سلامة ورجا قد حصلا بشكل غير قانوني على أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي بين عامي 2002 و2015.
ومنذ ذلك الحين، بدأت دول أوروبية، من بينها فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وليختنشتاين، تحقيقاتها الخاصة بشأن ما إذا كانت عشرات ملايين الدولارات من الأموال التي يُزعم اختلاسها من المركزي اللبناني قد تم غسلها في أوروبا.
وفي مارس 2022، أعلنت منظمة التعاون في مجال العدالة الجنائية التابعة للاتحاد الأوروبي تجميد نحو 120 مليون يورو (130 مليون دولار) من الأصول اللبنانية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وموناكو وبلجيكا. وجرى تجميد الأصول على صلة بقضية قال ممثلو الادعاء في ميونيخ إن سلامة مشتبه به فيها.
ويتلقى لبنان عدة طلبات للتعاون من هيئات قضائية أوروبية. ووصل فريق من المحققين الأوروبيين من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ في يناير من العام الجاري لاستجواب شهود والحصول على أدلة إضافية.
التحقيق اللبناني يتعثر
قالت السلطات اللبنانية إنها فتحت تحقيقها الخاص بعد تلقيها طلب تعاون قضائي سويسري.
ويشكك المنتقدون فيما إذا كان نظام القضاء اللبناني، الذي تعتمد التعيينات فيه إلى حد كبير على الدعم السياسي، سيحقق بجدية في اتهامات ترتبط بشخصية تتمتع بمثل مكانة سلامة الذي يحظى بدعم سياسي على مستوى عال.
ولا ينكر القضاء وجود الصعوبات. وقال أعلى قاض في لبنان في نوفمبر في تعليق عام إن التدخل السياسي في العمل القضائي أدى إلى وضع فوضوي يتطلب “ثورة في المقاربات” لحله.
وواجه القاضي جان طنوس، المكلف بقيادة التحقيق الأولي، عقبات من بينها، بحسب تقارير، تدخل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لمنعه من الوصول إلى بيانات من البنوك. ونفى ميقاتي هذه التقارير.
ومنع النائب العام التمييزي غسان عويدات القاضي طنوس من حضور اجتماع في باريس العام الماضي مع المدعين الأوروبيين الذين يحققون بشأن سلامة، حسبما ذكرت “رويترز”.
اتهامات رسمية بارتكاب جرائم
وفي يونيو 2022، أمر عويدات أحد ممثلي الادعاء بتوجيه اتهامات رسمية لسلامة بارتكاب جرائم من بينها غسل الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير والتهرب الضريبي. لكن المدعي رفض وطلب إعفاءه من القضية العام الماضي.
ووجه المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش المكلف حديثا بالقضية أمس الخميس اتهامات لسلامة بغسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع.
وفي تصريحات لـ”رويترز”، أكد سلامة أنه بريء وأن هذه الاتهامات لا تمثل لائحة اتهام. وتعهد بالالتزام بالإجراءات القضائية.
وسبق أن قاد تحقيق منفصل أجرته المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون إلى اتهام سلامة في مارس/آذار 2022 بالإثراء غير المشروع في قضية تتعلق بشراء شقق في باريس وتأجيرها، بعضها من جانب البنك المركزي.
وينفي سلامة المزاعم ويقول إن دوافع الادعاء سياسية.
وقد أحيلت القضية إلى قاضي تحقيق إلا أن سلامة لم يحضر أي جلسة.
سلامة مستمر
يواصل سلامة ممارسة صلاحيات واسعة خلال التحقيقات، ويحظى بدعم شخصيات بارزة منها رئيس مجلس النواب نبيه بري وميقاتي.
وقد كان سلامة حجر زاوية في نظام مالي خدم المصالح الراسخة للتيارات الرئيسية في لبنان بعد الحرب الأهلية التي دارت من 1975 إلى 1990. ويقول كثير من المراقبين إن هذه الأطراف تخشى أن يكون لسقوطه تداعيات عليها.
وتنتهي الولاية الحالية لسلامة، ومدتها ست سنوات، في يوليو.
ويقول سلامة إنه لا يريد الاستمرار في هذا المنصب. لكن الأطراف اللبنانية الأكثر نفوذا لم تعلن بعد عن أي خلفاء محتملين له. وقال وزير المالية هذا الشهر إن استبداله سيكون صعبا وأرجع هذا إلى التعقيدات السياسية في لبنان.
ويكابد لبنان أزمة سياسية تركته بلا رئيس ولا حكومة كاملة الصلاحيات منذ شهور.
وبالتالي فإنه رغم تصريح سلامة بأنه يتوقع المغادرة في يوليو، يقول بعض المحللين إنه قد يتم التمديد له مرة أخرى.