اعتمد البنك المركزي الروسي الجنيه المصري ضمن مجموعة من عملات الأسواق الناشئة وهو ما يخفف الضغط على الدولار الأمريكي وتوفير حصيلة دولارية في العلاقات التجارية بين مصر وروسيا تقدر بنحو 5 مليارات دولار وهي خطوة وصفها العديد من الخبراء المصرفيين بالإيجابية مشيدين بالخطوات والإجراءات التي يتبعها البنك المركزي في تحقيق استقرار سعر الصرف وتفعيل أدوات تحوط جديدة في السوق .
في هذا السياق ، أكد الدكتور رمزي الجرم الخبير المصرفي، أن إعلان البنك المركزي الروسي عن تحديد الأسعار الرسمية للروبل الروسي مقابل تسع عملات أجنبية من بينها الجنيه المصري، والذي يساوي أكثر من 2 روبل روسية، في ظل ظرف شديد يواجهه الاقتصاد المصري، على خلفية النقص الحاد في موارد النقد الأجنبي، وبشكل خاص الدولار الأمريكي، وفي ظل انخفاض تدريجي لأسعاره امام الجنيه المصري، بعد القفزة الواسعة التي حدثت في الحادي عشر من الشهر الحالي، ومنذ تبني المركزي المصري لنظام صرف مرن بشكل كامل.
أضاف أن هذا القرار، سوف يكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري بشكل خاص، نظراً لزيادة تدفق السياحة الروسية على مصر، وتصدير الكثير من المواد الزراعية والفاكهة، وفي المقابل استيراد مستلزمات الصناعة والسلاح والعتاد الحربي من روسيا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنحو 4.7 مليار دولار في عام 2021.
أشار إلى أن انضمام الحنيه المصري لقائمة التعامل أمام الروبل الروسي، سيوفر الكثير من موارد النقد الأجنبي من الدولار الأمريكي واليورو، نتيجة عدم توسيطهما في اي صفقات بين روسيا ومصر، مما سيخلق فوائض وفيرة، تدعم قوة الجنيه المصري امام الدولار الأمريكي بشكل خاص، خصوصا بعد التمهيد لتطبيق مؤشر الجنيه المصري امام سلة من العملات الأجنبية الرئيسية، فضلاً عن توقعات بانصمام مصر إلى بطاقة مير المصرفية التي تشترك فيها كثير من دول المعسكر الشرقي مثل الهند والصين.
أوضح أن البنك المركزي بدأ في الترويج لآلية التداول على أدوات المشتقات المالية بسوق الصرف الأجنبي من أجل إتاحة خدمات مالية متكاملة في ظل ظرف استثنائي شديد يواجه الاقتصاد العالمي بشكل عام والاقتصاد المصري بشكل خاص، من أجل طمأنة الشركات والمُستثمرين، من خلال التحوط ضد مخاطر تذبذبات اسعار الصرف، والذي دعا اليها المركزي، منذ 27 أكتوبر الماضي، ولكن قامت البنوك بإرجائها، على خلفية عدم رغبة العملاء في تسديد العمولة المرتفعة المقررة للبنك، مقابل تأمين مخاطر التذبذب في اسعار الصرف، بالاضافة الى التخوف من التعامل على مثل تلك المنتجات المالية لحداثة العمل بها في السوق المصري، على الرغم من ان بلدان كثيرة في المنطقة، قد سبقتنا في التعامل بها، مثل تركيا.
على خلفية التداول في أسواق المشتقات المالية، لفت إلى أن البنوك ستقوم بتوفير عقود محلية للجنيه غير قابلة للتسليم، يطلق عليها ( NDF) كما سيسمح للشركات والمستثمرين بالمراهنة والتحوط ضد تقلبات العملة المحلية، من أجل بناء سوق محلية اكثر شفافية وذات مصداقية، وتوفير حماية من تقلبات العملات الأجنبية للشركات والمستثمرين سواء المحليين او الأجانب.
أوضح أن الترويج لتلك الآلية في هذا الوقت بشكل خاص، له أهميته الحيوية في ظل سعي المركزي نحو جذب حصيلة وافرة من موارد النقد الأجنبي، من خلال طرح ادوات مالية، ثبت نجاحها في كثير من الاقتصادات المختلفة في تأمين الشركات والمستثمرين ضد اي تقلبات في اسعار الصرف في المستقبل، حيث سيتم نقل العبء بالكامل من كاهل المشتري ، في مقابل دفع العمولة المقررة، مما يدفعهم نحو زيادة معدل التداول على العملة المحلية، مما سيؤدي إلى زيادة الطلب عليها وبالتالي قوتها امام العملات الأجنبية الأخرى.
في سياق متصل، أكد الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، أن قرار اعتماد المركزي الروسي للجنية المصري على قائمة العملات الجنبية القابلة للتداول ضمن 9 عملات أخرى من بينهم دول عربية كالدرهم الامراتي والريال القطري إجراء ذات أبعاد متعددة دولياً واقتصادياً وسياسياً.
أضاف أن ذلك الإجراء يخفف الأعباء والضغوط على الدولار الأمريكي والذي سيمهد الطريق نحو عمل حالة من التوازن في أسواق العملات والتبادل التجاري للسلع والخدمات.
أشار إلى أنه في ظل استيراد مصر للعديد من السلع وأبرزها السلع الأساسية من روسيا سيساهم ذلك في تقليل الطلب على الدولار الأمريكي وتوفير ما يتم استخدامه من عملة الدولار الأمريكي في التبادل التجاري مع روسيا لاستخدامه في أوجه أخرى وبما يوازي حوالي 5 مليار دولار امريكي.
أوضح أن هذه الخطوة تساهم في تعزيز عملة الجنية المصري في التداول بعد اعتماد المركزي الروسي لها والتوجه نحو اعتماد دول أخرى لاعتماده حيث ييعادل الجنية المصري اكثر 2 روبل روسي.
ولفت إلى ذلك يعزز من عملات التبادل التجاري بين مصر وروسيا وزيادته الصادرات المصرية للجانب الروسي، والذي سينعكس على تنافسية صادرات مصر لروسيا وخفض تكلفة الواردات المصرية.
أكد ان هذا الإجراء سيقلل من هيمنة الدولار الأمريكي في كافة المعاملات التجارية العالمية ، ومساندة الاقتصادات الناشئة للبعد عن هيمنه الاقتصاد الأمريكي.
وطالب الخبير المصرفي أن يتم اعتماد الروبل الروسي في سلة العملات التي تعتمدها مصر ويتم تداوله على شاشات البنوك.
وكان أعلن البنك المركزي الروسي توسيع قائمة العملات التي يحددها ضمن أسعار الصرف الرسمية مقابل الروبل؛ لتشمل الجنيه المصري.
وقال البنك المركزي الروسي، في بيان نشره على موقعه الرسمي، إن قائمة العملات الأجنبية التي يحدد سعرها رسميًّا مقابل الروبل تضمنت الآن 9 عملات جديدة، من بينها الجنيه المصري.
وسجل سعر الروبل الروسي مقابل الجنيه المصري، اليوم الأربعاء، نحو 43 قرشًا.
وتضمن قرار المركزي الروسي شمول 9 عملات حتى الآن وهي الجنيه المصري والدرهم الإماراتي والبات التايلاندي والروبية الإندونيسية، بالإضافة إلى الدونج الفيتنامي والدينار الصربي والدولار النيوزيلندي واللاري الجورجي والريال القطري، ولكن في وقت لاحق.
ويُمكن هذا القرار الدول المتعاملة مع روسيا ومنها مصر بالطبع للتعامل بالجنيه المصري والروبل الروسي فيما بينهما، ومصر تستورد القمح الروسي بشكل كبير، كما تعتمد العديد من دول العالم على النفط الروسي.
وبحسب التصريحات رسمية فقد زادت الصادرات المصرية للسوق الروسي خلال عام 2021 إلى حوالي 591.7 مليون دولار مقارنة بنحو 515.6 مليون دولار خلال عام 2020، محققة ارتفاعًا بنحو 14.7%.
كما حققت الصادرات الروسية للسوق المصري زيادة خلال عام 2021 بنسبة 3.9%، حيث بلغت نحو 4 مليار و178 مليون دولار مقارنة بنحو 4 مليار و19 مليون دولار خلال عام 2020.
وهو ما يشير إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى رقم غير مسبوق وهو 4.8 مليار دولار سنويًا، وهو ما يعني أيضًا توفير هذه القيمة من جانب البلدين وتقليل حجم الإنفاق الدولاري من الجانبين.
وفي وقت سابق وجهت مصر الدعوة إلى رجال الأعمال الروس للاستثمار في القاهرة، واستغلال المناخ الإيجابي والمحفز بين البلدين.
وتمثل مصر أحد الشركاء التجاريين المهمين لروسيا في الشرق الأوسط وإفريقيا.