يواجه الجنيه المصرى حاليا ، ضغوطا صعبة ، من جراء تتابع الازمات الاقتصادية المعروفة ، وهو امر تواجه كل دول العالم بصور متفاوتة وفقاً لظروف كل منها ، ولكن ومع ذلك ينفرد الجنيه المصرى بمواجهته ضغوطا اضافية من نوع آخر ، و لا اعتقد ان هناك عملة فى العالم تتعرض لمثيل لها ، تتبلور تلك الضغوط ، فى صور وموجات وسلسلة من المواقف الساخرة ، التى يقودها عن قصد او غير قصد قلة من عباقرة ومروجو النكات الضاحكة ، ورسامى الكاركتير ،و محترفى ومنتجي ومخرجو الفيديوهات عبر اليوتيوب ،وكل وسائل التواصل الاجتماعى ، ومنصات الترندات الاعلانية ، مستغلين عشق المصريين التاريخى والطبيعى لثقافة المرح وخفة الظل .، وحسن نيتهم فيقومون بدورهم بإعادة ترويجها ونشرها ، عبر صفحاتهم الخاصة ، وهكذا تتسع دائرة الضحك الساخر على حساب سمعة عملتنا الوطنية .
فمن المعروف ان سعر صرف أى عملة ، يتوقف على مجموعة متعددة من العوامل الاقتصادية ، من اهمها على سبيل المثال وليس الحصر ، موقف ميزان المدفوعات ، قوة الاحتياطى النقدى ، معدل النمو الاقتصادى ، معدل البطالة ، المؤشرات المالية ، ورغبة الدولة فى تحسين قدرتها التنافسية التصديرية والسياحية ..، وبالطبع هناك ايضاً توجهات السلطة النقدية فيما يتعلق بالسياسة النقدية التى تنتهجها ومستهدفاتها المعلنة الفورية والاستراتيجية على المدى المتوسط والطويل الخ ، وبناء على مستويات كلٍ من تلك المؤشرات ، ومدى تناسقها يتوازن سعر صرف العملة عند نقطة مرنة ، يُفترض عندها ان يتحقق نسبياً افضل قيمة حقيقية لها امام العملات الرئيسة الاخرى.
بالطبع نحن نمر بأزمة اقتصادية ، جارى العمل على كل الجبهات والوسائل على ازالة اسبابها المتاصل منها محليا ، والمستجد عالمياً ، تلك الازمة تركت تاثيرها ، وعلاجها المر ، على انخفاض قيمة العملة المصرية وضعف القوة الشرائية لها وارتفاع فاتورة الاستيراد ،وبالتالى ينعكس ذلك على ارتفاع مستويات اسعار معظم السلع والخدمات .
هل نواجه تلك الازمة بالسخرية ؟
على كل مواطن ، مفكر ، ومدرك لابعاد الازمة ان ينتقد بموضوعية وعقلانية وايجابية ، ويقترح الحلول الممكنة والبدائل القابلة للتطبيق على ارض الواقع ،فنحن فى مسيس الحاجة لكل راى ومشورة تضيف قيمة مضافة ..، ولكن ما يواجه الجنيه المصرى الآن من حملات مخجلة قد يكون بعضها ممنهج لخدمة اهداف اباطرة السوق السوداء ، ومضاربي الدولرة.
إن الجنيه المصرى العملة الوطنية ، و بغض النظر عن قيمتة ، هو رمز وطنى ،وقومي ، مثلة مثل عَلم البلاد ، له احترامة وهيبته ، لان التأثير النفسى السلبى لمثل تلك الحملات الساخرة تؤثر نفسياً على على تصرفات المتعاملين وتوجهاتهم وقراراتهم الحالية والمستقبلية خاصة رجال الاعمال والمستثمرين المصريين والاجانب ، ويكون ضررها فى بعض الاحيان اقوى من التاثير السلبى للمخاطر الاقتصادية الراهنة التى يواجهها الجنيه . وتعمل عكسياً لتطويق ومحاصرة كل الاجراءات والسياسات التصحيحية التى يمكن ان تتخذ . والاخطر انها تؤثر سلبا على سمعتنا الدوليه وتحبط من حماسنا الوطنى ودرجة وعينا بمصالحنا واهدافنا القومية .
فلنتوقف عن هذا الهزل ، ودعنا نتوجه للعمل الجاد فهو الطريق الوحيد لانقاذ اقتصادنا وعملتنا الوطنية الجنيه .
________
محمد عبد العال مصرفي مصري شغل العديد من المناصب القيادية الهامة في كبرى البنوك المصرية والعربية، ويشغل حاليا عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، وعضو مجلس إدارة البنك العربي في السودان، وله العديد من الكتابات والمقالات في الشأن الاقتصادي العام والجهاز المصرفي.