يترقب السوق المحلي قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، المقرر انعقاده يوم الخميس 10 يوليو، لحسم مصير أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام، في ظل تصاعد معدلات التضخم وضغوط الأسعار الناتجة عن التوترات الجيوسياسية والزيادات المنتظرة في أسعار الغاز والكهرباء.
وكان البنك المركزي قد خفّض أسعار الفائدة بإجمالي 3.25% منذ بداية 2025، عبر خفضين متتاليين، الأول بواقع 2.25% في مارس الماضي، والثاني بواقع 100 نقطة أساس (1%) خلال اجتماع مايو، ليصل سعر عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 24%، وسعر الإقراض إلى 25%، وسعر العملية الرئيسية إلى 24.5%.
ارتفاع ملحوظ في التضخم
وتزامن خفض الفائدة مع تسارع معدلات التضخم في المدن المصرية، حيث ارتفع المعدل السنوي إلى 16.8% في مايو الماضي مقارنةً بـ 13.9% في أبريل، بينما زاد التضخم الأساسي – الذي يستبعد السلع الأكثر تقلباً – إلى 13.1% في مايو مقابل 10.4% في الشهر السابق، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
5 بنوك استثمار: التثبيت هو الأرجح
وبحسب استطلاع «الشرق»، توقعت 5 بنوك استثمار رئيسية هي: «الأهلي فاروس»، «سي آي كابيتال»، «نعيم للوساطة المالية»، «مباشر لتداول الأوراق المالية»، «عربية أون لاين»، أن يتجه البنك المركزي للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماع المقبل، مرجّحين أن الارتفاع المرتقب في أسعار الطاقة سيزيد من الضغوط التضخمية، وهو ما يستدعي التريث في مسار التيسير النقدي.
وقال هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في «الأهلي فاروس»، إن التوترات الجيوسياسية والزيادات المنتظرة في أسعار الكهرباء والغاز اعتباراً من يوليو المقبل تمثل عوامل رئيسية تدفع باتجاه تثبيت أسعار الفائدة حالياً. وأشار إلى أن البنك المركزي قد يعاود خفض الفائدة مجدداً في أغسطس المقبل «إذا استقر الوضع الإقليمي وتراجعت أسعار البترول عالمياً وتحسّن الجنيه مقابل الدولار ليصل إلى مستوى 48 جنيهاً، إلى جانب استقرار حركة الملاحة في قناة السويس».
خطط الحكومة والدعم التدريجي
وكانت الحكومة قد ألغت خطط خفض أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي، وتدرس حالياً رفع أسعار الغاز الطبيعي للمصانع بنحو دولار إضافي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية اعتباراً من يوليو. وألمح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في تصريحات سابقة إلى احتمالية زيادة أسعار الكهرباء ضمن خطط إعادة هيكلة الدعم، مؤكداً أن الحكومة تراعي الظروف الاقتصادية وقدرات المواطنين.
كما تواصل الحكومة برنامجها التدريجي لرفع الدعم عن الوقود حتى نهاية 2025، مع الإبقاء على دعم محدود لبعض المنتجات مثل السولار وأسطوانات الغاز. وأوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء أنه «لا توجد أي طلبات من الحكومة لتعديل أو تأجيل بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي».
رسائل تحذيرية من صندوق النقد
وفي سياق متصل، حذّر صندوق النقد الدولي مصر من التسرع في خفض الفائدة، خاصةً في ظل الضبابية العالمية الناتجة عن قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. واعتبر مصطفى شفيع، رئيس قطاع البحوث في «عربية أون لاين»، أن البنك المركزي سيأخذ هذه الرسائل في الحسبان، متوقعاً تثبيت الفائدة على غرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي أبقى أسعار الفائدة دون تغيير مؤخراً.
وأضاف شفيع: «المركزي قطع نصف المسافة تقريباً نحو خفض مستهدف بنحو 6% خلال العام الجاري، لذا من المنطقي التريث لحين وضوح المشهد الإقليمي والدولي في النصف الثاني من 2025».
وبهذا تظل الأنظار متجهة نحو مقر البنك المركزي بوسط القاهرة، انتظاراً لما ستحمله لجنة السياسة النقدية من قرار جديد قد يرسم ملامح السياسة النقدية للفترة المتبقية من العام.