جمّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة إنشاء صندوق ثروة سيادي، بعد ثلاثة أشهر من المناقشات داخل إدارته لم تُفضِ إلى التوافق المطلوب حول الصلاحيات الاستثمارية اللازمة، بحسب مصادر مطلعة.
وكان ترمب قد أصدر تعليمات في فبراير الماضي بوضع تصور لأحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، يمول عبر تسييل أصول حكومية ضخمة، ويستثمر في قطاعات استراتيجية مثل المعادن الحيوية، وحتى في شركات مثل “تيك توك”، على أن يساهم في تقليص الدين القومي من خلال العائدات.
لكن الطموحات اصطدمت بعقبات قانونية ومالية وتشريعية، دفعت الإدارة الأميركية إلى خفض أولوية المشروع، مع اتجاه نحو إنشاء آلية استثمارية أكثر بساطة باستخدام وكالات حكومية قائمة لا تحتاج إلى موافقة منفصلة من الكونغرس.
الدين أولوية حالياً
وخلال زيارته إلى قطر هذا الأسبوع ضمن جولته الخليجية، قال ترمب إن الأولوية حالياً لسداد الدين المتزايد:
“أفضل سداد الدين أولاً، ثم إنشاء الصندوق بعد ذلك”، بحسب تصريحه يوم الخميس.
وكان وزير الخزانة سكوت بيسينت ووزير التجارة هاورد لَتنِك قد قدما مسودة مقترحات لإنشاء الصندوق، إلا أن مسؤولي البيت الأبيض لم يوافقوا على الخطة ولم تُعرض على الرئيس لاعتمادها.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي:
“بموجب الأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس ترمب، أعدّت وزارتا الخزانة والتجارة خططاً أولية لإنشاء صندوق ثروة سيادي، لكن لم تُتخذ قرارات نهائية بعد.”
مقترحات بديلة ومخاوف استثمارية
كشفت مصادر مطلعة أن معظم الأفكار الواردة في الأمر التنفيذي للرئيس غير قابلة للتنفيذ في ظل القوانين الحالية وقيود الميزانية. كما أن تمويل الصندوق عبر الاقتراض قد يقلل من العوائد ويقوّض الهدف الرئيسي بتقليص الدين.
وتركّز الإدارة حالياً على خيار دمج صلاحيات الاستثمار المتوفرة لدى وكالات حكومية قائمة، عبر إنشاء مكتب رقابي يُنسق استثمارات هذه الجهات في إطار الأولويات الاستراتيجية.
ويقترح البعض أن يكون المكتب تابعاً لوزارة الخزانة ويشرف على كيانات مثل مؤسسة التمويل الإنمائي، بنك التصدير والاستيراد، مكتب رأس المال الاستراتيجي التابع للبنتاغون، وبرنامج القروض بوزارة الطاقة.
مؤسسة التمويل نقطة الانطلاق
وتُعد مؤسسة التمويل الإنمائي (DFC)، التي أُنشئت خلال ولاية ترمب الأولى لتعزيز الاستثمارات الخارجية ومواجهة النفوذ الصيني، نقطة انطلاق محتملة للصندوق. وتبلغ ميزانيتها حالياً 60 مليار دولار، مع توقعات بمضاعفتها قريباً في إطار قانون جديد سيُناقش في الكونغرس.
هذه الزيادة قد تقرب الجهود الأميركية من تجارب مشابهة مثل صندوق الثروة البريطاني الذي أُطلق بحجم 36.8 مليار دولار.
لكن مراقبين مثل عدنان مزاري، نائب مدير سابق في صندوق النقد الدولي، يرون أن نجاح الصندوق مرهون بتفويض واضح وهيكل حوكمة شفاف، وهو ما تفتقر إليه الخطة الحالية، حسب تعبيره.
الكونغرس كلمة الفصل
أما السيناريو الأكبر بإنشاء صندوق بحجم تريليون دولار يضاهي الصندوق السيادي النرويجي أو السعودي، فسيتطلب موافقة الكونغرس وسط بيئة تشريعية معقدة.
وقد عبّرت مؤسسات استثمارية كبرى استُشارت في إطار هذه الجهود عن حيرتها من غياب رؤية واضحة لدى الإدارة، وشككت في إمكانية تنفيذ الفكرة دون تحديد مصادر التمويل أو ضمانات الاستقلالية عن السياسة.