توقع عدد من بنوك الاستثمار أن يشهد الاقتصاد المصري موجة تضخمية جديدة خلال الربع الأخير من العام الجاري، نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات، والتي يتوقع أن تؤثر بشكل مباشر على جيوب المواطنين بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات المختلفة، بحسب «الشرق» واطلعت عليه «بايونيرز مصر».
ورفعت مصر، أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام، لتشمل الزيادة جميع أنواع البنزين والسولار والمازوت الصناعي، بنسبة تتراوح 7.7% إلى 17%، وذلك بهدف تقليل الفجوة بين أسعار بيع المنتجات البترولية وتكاليفها الإنتاجية والاستيرادية المرتفعة.
من شأن زيادة أسعار كافة فئات المحروقات أن تغذي التضخم في مصر الذي خالف التوقعات الشهر الماضي وتسارعت وتيرته إلى 26.4% على أساس سنوي، مقارنةً بـ26.2% في أغسطس، رغم توقعات بنوك الاستثمار تباطؤ وتيرته.
رفعت مصر أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام، وأجلت اتخاذ أي قرار آخر متعلق بتحديد مستويات الأسعار إلى ما بعد 6 أشهر
تزايد معدلات التضخم
توقع عمرو الألفى رئيس استراتيجيات الأسهم بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، أن تشهد معدلات التضخم في البلاد زيادة تترواح بين 0.5% إلى 1%، بعد قيام لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية برفع أسعار المحروقات يوم الجمعة.
وأضاف أن معدلات التضخم ستتزايد على مدار الشهرين المقبلين، لا سيما مع عودة الموسم الدراسي في أكتوبر الجاري وزيادة الإنفاق في موسم العودة للدراسة.
تخفيض دعم الحكومة مؤخراً لبنود مثل الوقود والكهرباء، دفع معدل التضخم إلى الارتفاع وأجل احتمال بدء التيسير النقدي إلى الربع الأول من عام 2025، بحسب “بلومبرغ”.
بحلول العام المقبل ستبدأ معدلات التضخم مسارها التنازلي، وذلك تزامناً مع قيام البنك المركزي المصري بتيسير السياسة النقدية، بحسب أية زهير رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال.
أوضحت زهير، أن الشركات التي تستخدم السولار كجزء من عملياتها التشغيلية ستشهد ارتفاعاً في تكاليفها خلال الفترة المقبلة، وستقوم بدورها بتمريره إلى المستهلك مما يرفع أسعار المنتجات.
تسارعت وتيرة التضخم في مدن مصر على نحو طفيف في سبتمبر، إلى 26.4% على أساس سنوي، مقارنةً بـ26.2% في أغسطس رغم توقعات بنوك الاستثمار بمعاودة التراجع
توقعت زهير ارتفاع معدلات التضخم في أكتوبر الجاري بمعدل يصل إلى 26.5% و26.8%، بعد ارتفاع أسعار المحروقات، موضحة أن التوقعات جاءت بناءً على قيام البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة، ومرجحة أن يتبع تلك السياسة حتى نهاية العام الجاري.
في مارس الماضي، رفع البنك المركزي المصري باجتماع استثنائي، أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، بهدف كبح جماح التضخم، لتزيد أسعار الفائدة بإجمالي 1900 نقطة منذ مارس 2022 وحتى الآن. ويبلغ عائد الإيداع والإقراض في مصر لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 27.25% و28.25% و27.75%، على الترتيب.
وسائل النقل
من جانبه، توقع هشام حمدي، نائب رئيس قسم البحوث في “النعيم المالية” أن تنعكس زيادة أسعار المحروقات على زيادة معدلات تضخم شهر نوفمبر المقبل بما يتراوح بين 0.3 – 0.5%.
وأضاف: “سنشهد انعكاساً مباشراً على أسعار وسائل النقل وأسعار الفاكهة والخضروات والتي سترتفع سريعاً، ثم يليها قيام الشركات الصناعية خلال الشهور الثلاثة القادمة برفع أسعار منتجاتها سواء سلع غذائية أو مواد بناء أو غيرها من المنتجات مدفوعة بزيادة أسعار نقل تلك البضائع”.
واعتبر أن زيادة أسعار المحروقات عادة ما تتبعها مطالب عمالية بزيادة نسب الأجور لتغطية تكلفة المواصلات، ما سيمثمل ضغطاً آخراً على الشركات يجبرها على زيادة الأسعار.
قررت الحكومة رفع لتر بنزين 80 (الأقل جودة) بنسبة 12.2% إلى 13.75 جنيه، وسعر لتر بنزين 92 بنسبة 10.9% إلى 15.25 جنيه، على أن يصل سعر لتر بنزين 95 الأعلى جودة بعد الزيادة إلى 17 جنيهاً.
أكد حمدي، أن الاضطرابات الجيوسياسية المحيطة وزيادة أسعار الكهرباء مع الارتفاعات المتلاحقة في أسعار المحروقات قد تخلق حالة من القلق وعدم اليقين في الأسواق ستتسبب في مزيد من الضغوط التضخمية.
ورفعت الحكومة أيضاً سعر بيع لتر السولار 17.4% إلى 13.50 جنيه، كما زاد سعر بيع لتر الكيروسين بنفس النسبة والقيمة. وزاد سعر المازوت الموجه للمصانع بنسبة 11.8% إلى 9500 جنيه. وجرى تثبيت المازوت المورد للكهرباء والصناعات الغذائية.
تأجيل خفض أسعار الفائدة
يبدو أن مصر ستنتظر حتى العام المقبل لإجراء أول خفض لسعر الفائدة منذ عام 2020 حيث تواجه تسارعاً غير متوقع في معدل التضخم ومخاوف من اتساع الصراع في الشرق الأوسط.
الصدمة السعرية
يرى هاني جنينة المحاضر بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن الصدمة السعرية المقبلة بالأسواق ستكون مؤقتة وعادة ما تنبع من قطاع معين مثل قطاعات الطاقة، والغذاء.
وأضاف أن ارتفاع أسعار الطاقة الحالية سينعكس على زيادة طلب المستهلكين على السلع والخدمات خوفاً من ارتفاع أسعارها بعد زيادة المحروقات، وهو ما سينتج عنه ارتفاع حقيقي في أسعار السلع والخدمات وبالتالي التأثير على معدلات التضخم في البلاد.
تنفق مصر حالياً مليارات الدولارات على دعم أسعار الوقود والطاقة لملايين المستهلكين، وهو ما انتقده مسؤولون حكوميون وخبراء اقتصاديون عدة مرات، بمن فيهم خبراء صندوق النقد الدولي الذي رفع قرضه لمصر في الآونة الأخيرة.
قال مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث بشركة “عربية أونلاين”، إن زيادة سعر السولار 17% هي نسبة كبيرة ستدفع بلاشك قراءات تضخم الشهرين المقبلين للارتفاع، بل قد تضع معدلات التضخم في مسار تصاعدي مرة أخرى، خاصة أن هذه الزيادة لن تكون الأخيرة بل أعلنت الحكومة مسبقاً عن خطتها لمواصلة رفع الدعم عن المحروقات حتى نهاية عام 2025.
وأضاف شفيع أن السولار سيؤدي بالتأكيد لارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة والدواجن والعيش السياحي والمنتاجات الغذائية وغيرها من السلع، للاعتماد عليه في نقل المنتجات وتشغيل الآلات والمعدات في المصانع، فيما ستؤدي زيادة أسعار البنزين إلى رفع تكلفة المواصلات، الأمور التي ستنعكس بشكل كبير ومباشر على معدلات التضخم.
زادت الحكومة المصرية نهاية يوليو أسعار البنزين والسولار وتذاكر القطارات ومترو الأنفاق، لتتبعها زيادات في أسعار كثير من السلع والخدمات الأخرى.
أشار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في يوليو الماضي، إلى أن حكومته تعتزم رفع أسعار بعض
المنتجات البترولية بشكل تدريجي حتى شهر ديسمبر من عام 2025.