قال الدكتور محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، أن اللجوء للمؤسسات المالية الدولية يجب أن يكون لضرورة قصوى، منوها إلى أن الاستدانة ليست قدرًا وإنما اختيار مرتبط بنموذج للتنمية، ويجب أن تكون في أضيق الحدود.
وأضاف خلال استضافته في حلقة من بودكاست «الحل إيه» تقديم الدكتورة رباب المهدي مديرة مركز حلول للسياساتِ البديلة، أن الدول أو الشركات أو الأفراد يستدينون إذا كان الدين يحقق ضرورة ويحقق نفعًا اقتصاديًا، مع امتلاك القدرة على السداد، لافتا إلى أن الاستدانة المحلية أقل خطرًا من الخارجية؛ لأنها تكون بالعملة المحلية من مؤسسات داخل الدولة، كما أن إمكانيات التعامل معها تحت السيطرة العامة،رغم أنها قد تؤدي إلى آثار تضخمية على المدى الطويل، لكن الاستدانة الخارجية تعد أسوأ أنواع المصادر للتمويل.
ولفت الدكتور محمود محيي الدين، أن المشروعات العامة التي لا تدر عائدًا مباشرًا كالطرق يجب أن تمول من الموازنة العامة للدولة بشكل مباشر.
وأشار إلى أن مصادر تمويل مشروعات البنية الأساسية كالطرق والمطارات كانت محل جدل كبير خاصة عندما تولى المسئولية التنفيذية في الحكومة المصرية، مضيفًا: «كان من واجبي أن أنبه في أي مشروع للبنية الأساسية، سواء طرق أو مطارات، يجب اتباع أساليب المشاركة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي المشهورة باسم Public Privet Partnership، كما حدث في دول عدة وأثبتت نجاحًا».
ونوه المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، ، أن صندوق النقد الدولي يموّل عملية التنمية ويمنح الدول قروضًا «إنعاشية»؛ لإصلاح الاختلالات في الموازنة العامة للدولة، أو في ميزان المدفوعات، أو في القطاع المالي، أو في سوق النقد الأجنبي، معقبًا: «في بعض الأحيان تعاني الدول مشكلات يمكن حلها، لكن الإبطاء في الحل يؤدي إلى أزمات وكوارث، وفي تلك الحالة لا يكون أمام الدول سوى الاستدانة من صندوق النقد الدولي، في إطار من السياسات الاقتصادية العامة، لأن البرنامج وحده لن يؤدي إلى زيادة النمو والتنمية أو تحقيق انطلاقة في مجالات الاستثمار، حتى لو نجح نجاحًا منقطع النظير».
وأوضح أن برامج مصر مع صندوق النقد الدولي اعتبارًا من عام 2016، تستهدف تحقيق الاستقرار النقدي والمساندة، داعيًا إلى ضرورة وضع قواعد للتخارج من الصندوق بنجاح قبل حلول عام 2026.
واستعرض أداء الاقتصاد المصري بعد البرنامج الأخير مع الصندوق الذي بدأ عام 2023، بقوله: «العلاقة في البداية كانت معقولة، خاصة مع القرارات الغريبة التي أثرت خلال 2022 على الاقتصاد، ومنعت الاستيراد، وأدت إلى تراجع النمو وخفض التصنيف الائتماني والانفلات في سعر الصرف، لذلك الدولة عبرت السنة الأولى بنجاح بقدر من الرأفة».
وقال إن العلاقة في العام الحالي «جيدة» بعد دمج المراجعتين الأولى والثانية، وحسم المراجعة الثالثة قبل أيام بإشارات جيدة من الصندوق أن الاقتصاد المصري سيكون أعلى نموًا وأقل في معدل التضخم والمديونية الخارجية وأفضل في الاحتياطي من النقد الأجنبي، بنهاية البرنامج.
وتساءل إلى أي مدى سيظل وضع الاقتصاد أفضل، مع الحفاظ على معدل النمو الإيجابي وتقليل التضخم وتغطية الاحتياطي من النقد الأجنبي لاحتياجات الاستيراد، لافتًا إلى أنه لا يعول كثيرًا على مؤشر «الدين للناتج المحلي» في قياس تلك العوامل، وإنما يقيس التحسن وفقًا للقدرة على تقليل الديون وتعبئة الموارد المحلية وزيادة الاستثمارات الخاصة.
وصرح بأن العلاقة مع صندوق النقد تستمر حتى لو خرجت الدولة من البرنامج بنجاح، لأن الصندوق مسئول عن تقييم للموقف الاقتصادي للدول ويخرج بيانات تستفيد منها كل مؤسسات التصنيف الدولي، داعيًا إلى التركيز أكثر على طريقة التعامل بعد عام 2026، بدلًا من الحديث عن مدى جدوى إبرام البرامج مع الصندوق اعتبارًا من عام 2016.