استعرض الإتحاد المصري للتأمين برئاسة علاء الزهيري، دور شركات التأمين في الاقتصاد الفضي، وذلك خلال النشرة الأسبوعية الصادرة من الإتحاد، اليوم الأحد.
وأوضح الإتحاد أن الاقتصاد الفضي يشير إلى الأنشطة والفرص الاقتصادية التي تنشأ من تقدم عمر السكان. فكون أن هناك عدد لا بأس به من الأشخاص يعيشون حياة أطول وأكثر صحة، وذلك يعكس حقيقة أن هناك شريحة متزايدة من السكان تزيد أعمارهم عن 60 عاماً؛ وقد أدى هذا التحول الديموغرافي إلى زيادة كبيرة في الطلب على المنتجات والخدمات المصممة خصيصاً لتلبية احتياجات وتفضيلات كبار السن.
وتابع “يمكن تقسيم هذا القطاع النابض بالحياة إلى مجموعتين متميزتين هما كبار السن (الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و75 عاماً) وكبار السن (الذين تبلغ أعمارهم 76 عاماً أو أكثر)؛ ويصبح إدراك هذا التمايز أمراً محورياً عند صياغة حلول مخصصة تلبي إحتياجاتهم وتتناسب مع أنماط حياتهم ومخاوفهم”.
وحول أهميته لنشاط التأمين، أوضح الإتحاد إلى أن الاقتصاد الفضي يشير إلى ظهور واقع جديد يتميز بسمات رئيسية، أولاً، وجود زيادة في نسبة الإعالة، مع انخفاض عدد الأفراد في سن العمل إلى عدد الأفراد كبار السن من 4 في عام 2001 إلى أقل من 2 بحلول عام 2050؛ ويضع هذا التحول أهمية أكبر على توفير أنظمة دعم قوية لفئة المسنين؛ وثانياً، هناك ارتفاع ملحوظ في صافي ثروة الأجيال الأكبر سناً.
وفقًا لشركة ماكينزي، من المقرر أن ترتفع قوتهم الشرائية العالمية، لتصل إلى 22 تريليون دولار بحلول عام 2030. وهذا يمثل زيادة ملحوظة بنسبة 40٪ مقارنة بمستويات أوائل عام 2020، مما يؤكد الإمكانات الاقتصادية الهائلة للاقتصاد الفضي.
وأضاف أنه إدراك الاهتمام الرقمي المتزايد بين كبار السن، وهو اتجاه متسارع مع تقدم الأجيال الجديدة في السن، حيث تستمر طلاقتهم الرقمية وحرصهم على تبني التكنولوجيا في التوسع، مما يفتح عالماً من الاحتمالات للابتكارات الرقمية المصممة خصيصاً لاحتياجاتهم.
وقال إن الاقتصاد الفضي يمثل في جوهره سوقاً ديناميكية سريعة التطور؛ وبالنسبة لشركات التأمين فمن الضروري أن تتفاعل بشكل استباقي مع هذه التركيبة السكانية المتنامية من أجل الحفاظ على قدرتها التنافسية؛ وهذا يستلزم التعرف على المطالب والتطلعات والتفضيلات الفريدة لكبار السن ومواءمة استراتيجياتها لتلبية احتياجاتهم المتطورة.
وأشار الإتحاد إلى أنه على الرغم من أن المجتمع المصري يعتبر مجتمعًا فتيًا، حيث تشكل الفئة العمرية أقل من 15 عامًا حوالي ثلث عدد السكان بنسبة 32.6%، فيما تمثل الفئة العمرية أكثر من 65 عاماً نسبة 5% فقط، إلا أن ذلك يعني أن عدد الأفراد المنتمين لهذه الفئة يبلغ حوالي 5.6 مليون نسمة وهو عدد يستحق أن توليه صناعة التأمين اهتمامها.
وأضاف أنه من الضروي تبني شركات التأمين تفكير جديد لخلق بيئة داعمة لهذه الشريحة سريعة النمو؛ وأن تحرص على توسيع نطاق المنتجات التي تمنح الناس قدراً أكبر من الأمان والثقة حتى يتمكنوا من الإنفاق دون خوف من تجاوز مصدر دخلهم ، وهو أمر مهم للمجتمع ككل .
وأوضح أن الإتحاد يعمل تحفيز قطاع التأمين على البحث عن المزيد من الفرص لتعزيز وإثراء هذا القطاع عن طريق محاولة إستغلال الفرص غير المستغلة وذلك من خلال إيجاد فئات جديدة من العملاء وتصميم المنتجات التي تلبى إحتياجاتهم مما يزيد من معدل إنتشار التأمين.
وحول كيف يمكن لشركات التأمين التكيف مع تقدم أعمار كبار السن؟، أوضح الاتحاد أنه على مر التاريخ، لعب التأمين دورًا حيويًا في حماية الأفراد والشركات من الخسائر المحتملة؛ فمنذ نشأته لحماية البحارة والتجار من الخسارة الكاملة لبضائعهم، تطور التأمين باستمرار لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمجتمع.
وتابع “واليوم، مع تقدم سكان العالم في السن، تواجه شركات التأمين واقعًا جديدًا وهو عدد متزايد من كبار السن النشطين الذين يسعون إلى تجارب جديدة ومثيرة في سنواتهم الأخير؛ ولتلبية احتياجات هذه الفئة السكانية، تتبنى شركات التأمين أساليب مبتكرة وتعمل على تطوير منتجات وخدمات مخصصة”.
ونوه أنه لا يوجد جانب واحد لتحديد السمات والتجارب التي تميز “كبار السن” عن الأجيال الأصغر سنا؛ حيث تتأثر رفاهتهم بجوانب مختلفة و متعددة، بما في ذلك صحتهم، واستقرارهم المالي واستقلالهم وإدماجهم الاجتماعي؛ ومن خلال فهم هذه الديناميكيات المتغيرة، يمكن التعرف على التحديات التي تواجه هذه الفئة السكانية واستكشاف كيف يمكن لشركات التأمين تخصيص منتجاتها لتوفير حلول شاملة لهم.
وأضاف أنه ترتبط رفاهية كبار السن ارتباطًا وثيقًا بحالتهم الصحية؛ وتشكل المشكلات الصحية غير المتوقعة مخاوف كبيرة لهذه الفئة السكانية، مما يستدعي الاهتمام بضمان جودة حياتهم بشكل عام. وعلاوة على ذلك، فإن طول العمر المتوقع لكبار السن يؤكد على أهمية الحفاظ على صحتهم طوال فترة حياتهم؛ وتصبح معالجة احتياجاتهم الصحية وتعزيز التدابير الوقائية جوانب ضرورية لتلبية متطلبات رفاهتهم.
وحول الاعتبارات المالية، أشار إلى أنه يمكن تقسيم الوضع الاقتصادي للسكان المسنين إلى فئتين، الأولى تتمتع بالراحة المالية؛ والثانية تضطر لمواجهة الفقر في سن الشيخوخة.
لقد تركت عواقب الأزمة المالية لعام 2008 عددًا كبيرًا من كبار السن مع الحد الأدنى من المدخرات، مما أدى إلى انخفاض معاشات التقاعد إلى ما دون خط الفقر؛ ومع ذلك، من الأهمية بمكان ملاحظة أن رفاهية كبار السن لا تحددها الموارد المالية فقط؛ بل إن النهج الشامل الذي يأخذ في الاعتبار الصحة والإدماج الاجتماعي ضروري للتوصل إلى حل شامل.
وكانت قد تغيرت تركيبة سكان العالم منذ ثلاثة عقود بصورة يصعب تخيلها وبوتيرة أسرع من أي وقت مضى، مما يدفعنا إلى إعادة التفكير فيما يعرف باقتصاد كبار السن أو الاقتصاد الفضي الذي يعني بدراسة مسارات إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات التي تهدف إلى استخدام الإمكانات الشرائية للمسنين وتلبية احتياجاتهم الاستهلاكية والمعيشية والصحية.
وطبقًا للتقديرات فإن اقتصاد كبار السن أو الاقتصاد الفضي يبلغ 15 تريليون دولار، وتبلغ قيمة السوق العالمية لتقنية الرعاية لكبار السن أكثر من 13 مليار دولار، وأصبح القطاعان العام والخاص يدركان أن كبار السن يمثلون فرصة جذابة، وخاصة بالنسبة للصناعات التكنولوجية والخدمات الرقمية و المالية.
و يُعدُّ ارتفاع معدل الأعمار في العالم حقيقة لا يمكن غضّ النظر عنها؛ إذ تشير أبحاث الأمم المتحدة إلى أن عدد كبار السن سيتضاعف عالمياً بحلول عام 2050م، ليصل إلى ما نسبته 25% من السكان،.
تحل اليابان في المرتبة الأولى عالمياً في ارتفاع معدل الأعمار، إذ تبلغ نسبة من تتراوح أعمارهم بين 65 عاماً فما أكبر 26.3 %من السكان، ومن المتوقع أن يصبح ثلث الشعب الياباني بما نسبته 32.2%من كبار السن بحلول عام 2030م، تليها دول أوروبا، فمن بين199 مليون أوروبي هناك %39 منهم فوق سن الخمسين، وبحلول عام 2025م سيصبح عددهم 222 مليونًا أي 43% من سكان أوربا، وهو ما يؤشر بتغيّر تشكيل الاقتصاد العالمي في المستقبل، وتأتي الولايات المتحدة والصين في مقدمة الدول التي تتزايد فيها نســــب كبار السن، وتُعدُّ الأخيرة أرضاً خِصبة للفرص الاستثمارية لاقتصاد كبار السن، خاصة في قطاعات الصحة والترفيه والسياحة.