قال محمود محي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، إنه بعد عامين من المشكلات الصعبة التي واجهت الاقتصاد المصري، حدثت بعض الأمور الإيجابية بصورة متلاحقة، حيث تم عقد صفقة رأس الحكمة التي تعد بمثابة فرصة لالتقاط الأنفاس للاقتصاد المصري، وصاحب ذلك الموافقة على المراجعة الأولى والثانية من صندوق النقد الدولي لبرنامجه مع مصر، ثم الاتفاق المتكامل مع الاتحاد الأوروبي في مجالات الاستثمار والتجارة، وتابع أن هناك مراجعة لبرنامج مصر مع صندوق النقد في الشهر القادم.
وأضاف أنه من المتوقع بعد انتهاء هذه العلاقة مع صندوق النقد والممتدة من 2016 حتى 2026 في شكل أربعة برامج حدوث ارتفاع في معدل النمو الاقتصادي وأن تقل نسبة خدمة الدين وأن يحدث انخفاض في معدل التضخم، وحتى لا تعود مصر للاقتراض من صندوق النقد مُجددًا يجب أن يكون لدينا سعر صرف مرن وأن يتم السيطرة على التضخم، والأهم أن تتجه قيمة خدمة الدين نحو النزول، إلى جانب وجود منافسة إيجابية بين كل المؤسسات؛ عامة وخاصة، محلية وأجنبية بالسوق المصري، وهنا يبرز دور المجموعة الاقتصادية والنقدية في مصر في حُسن استخدام الفرص المتاحة بما يفتح المجال لجذب الاستثمارات والتخلص من اقتصاد الاستدانة.
وذكر محي الدين أن مصر تاريخيًا لم تعرف فكرة التأخر عن سداد الدين الخارجي والمرة الوحيدة التي حدث فيها ذلك دفعت ثمنه غالياً في عهد الخديوي إسماعيل، ولكن ما دون ذلك مصر تقوم بدورها في السداد بانتظام، وهو ما يجب أن يجعل التصنيف الائتماني لمصر أفضل مما هو عليه الآن، مشددًا أن مصر لا تحتاج لعمل إعادة جدولة لديونها كما سبق وحدث في التسعينيات مع نادي باريس.
وشار إلى أن الدولة تحتاج لزيادة الموارد المحلية، وهو ما لا يأتي بفرض ضرائب جديدة ولكن عن طريق تحقيق كفاءة التحصيل الضريبي وتوحيد الموازنة العامة للدولة وهي واحدة من أهم مهام وزير المالية، إلى جانب إدخال القطاع الخاص بشكل أكبر في مختلف القطاعات مثل إدارة المطارات وغيرها من المرافق الأساسية، وهذا لا ينفي استمرار الحاجة للاستثمارات العامة الحكومية ولكن يجب أن يتم توجيهها لقطاعات محددة ومحدودة، ويجب أن يتم إخضاع جميع الشركات الحكومية- (بمختلف مسمياتها- للتنافسية العادلة دون امتياز لشركة على أخرى وفقًا لنوعها (عامة أو خاصة)، مضيفاً أنه حتى يحدث التخارج الكامل يجب أن نخضع لمرحلة انتقالية تشترك فيها الاستثمارات العامة مع الخاصة، فمشروع مثل تعمير سيناء وحياة كريمة يحتاج إلى التعاون المشترك ولا يمكن تركه للقطاع الخاص وحده أو للدولة وحدها، وإن أرادت الدولة بيع الأصول فيجب أن يتم ذلك ونحن في موقع قوة وليس بيع الاضطرار الذى يبخس السعر.
وأوضح أن الإنفاق الكبير على مشروعات البنية التحتية خلال السنوات الماضية كان أمرا ضروريا خاصةً على شبكة الطرق التي غيرت وجه الجمهورية، ومن إيجابيات هذه المشروعات كثافة التشغيل خاصةً للعمالة التي عادت من الخارج، وتابع أنه حسنًا فعلت الدولة بالتفكير مؤخرًا في عنصر التنمية البشرية باختيار نائب لرئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية خالد عبد الغفار إلى جانب تعيين نائب رئيس مجلس وزراء للقطاع الصناعي، ما يعني أن الدولة بدأت تفكر في الأبعاد المختلفة للتنمية.
ولفت، إلى أنه لابد من إشراك القطاع الخاص فيما تبقى من مشروعات البنية التحتية بعد صدور قانون الاستثمار في البنية الأساسية، وأن تكثف الدولة جهدها وتركيزها على مبادرات مثل حياة كريمة بالتعاون مع القطاع الخاص، خاصة وأن القضاء على الفقر المدقع هدف قومي يجب التعجيل به.
وأكد محي الدين، أنه يجب استهداف رفع كفاءة الدعم ليصل لمستحقيه، لأن كل مشروعات الرعاية الاجتماعية لا تكفى وحدها للقضاء على الفقر، وستظل هناك طبقة من المجتمع تحتاج المساعدة والدعم، والآليات التكنولوجية أصبحت تتيح معرفة من هم محدودي الدخل الذين يجب دعمهم، ولدينا تجارب مميزة في أمريكا اللاتينية-البرازيل والمكسيك- في موضوع الدعم يمكن التعرف والاعتماد عليها.