رفعت وزارة المالية المصرية العائد على أذون الخزانة الحكومية خلال الستة أسابيع الماضية بمعدلات متفاوتة، ليبلغ إجمالي الزيادة في فائدة العطاءات أجل 3 أشهر قرابة 3%.
رفع “المالية” لعوائد أذون الخزانة خلال الأسابيع القليلة الماضية، بهدف سداد الاستحقاقات القديمة للحد من عجز الموازنة، بجانب ضغوط المستثمرين بطلب أسعار فائدة إيجابية بعد خصم الضريبة، بحسب محللون ومصرفيون تحدثوا إلى “العربية”.
وتستهدف المالية خفض الدين العام إلى 88.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري 2024-2025 على أن يصل إلى 80% بنهاية يونيو 2027، بهدف تقليل الدين على الموازنة العامة للدولة.
المدير التنفيذي لأسواق الدخل والنقد الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية محمود نجلة، قال لـ “العربية” إن وزارة المالية لديها العديد من الأسباب لرفع الفائدة تدريجيا على أدوات الدين الحكومي وأهمها استحقاق عطاءات قديمة، والسيطرة على عجز الموازنة العامة”.
وأضاف أن تسعير أذون الخزانة خاضع للعرض والطلب، ومع تراجع الطلبات من جانب البنوك والمستثمرين، لجأت المالية لرفع العوائد وخاصة على الأذون أجل 3 و6 أشهر.
وأوضح أن التدفقات الكبيرة التي دخلت مصر سواء من صفقة رأس الحكمة أو اكتتابات الأجانب الضخمة في أذون الخزانة خلال شهري مارس وأبريل الماضيين، حدت من احتياجات الحكومة للاستدانة، وبالتالي رفضت المالية رفع الفائدة وتخلت عن بعض العطاءات.
“رفع المالية للفائدة على أذون الخزانة متوقع وبمعدلات أكبر الفترة المقبلة، وذلك مع استحقاق الآجال للعطاءات الضخمة التي تلقتها الوزارة بعد التعويم مباشرة” مسؤول بخزانة أحد البنوك.
وأضاف أن هناك عزوفا ملحوظا من المستثمرين المحليين عن الاكتتاب في أذون الخزانة، بسبب تحصيلهم فوائد سلبية بعد خصم الضريبة، وهو ما دفع المالية للتخلي أيضا عن الفائدة المنخفضة.
واستجابت وزارة المالية لرفع المركزي المصري الفائدة 6% مارس الماضي، لترفع الفائدة على الأذون إلى مستوى 32%، ولكن سرعان ما قامت بخفض الفائدة بنفس نسبة الزيادة سريعا خلال أول أسبوعين من تعويم الجنيه وسط زيادة عبء تكلفة الدين وتوافر التدفقات الأجنبية.
وترى المحللة المالية منى بدير أن تراجع طلبات المستثمرين الأجانب على الاكتتاب في أذون الخزانة منذ بداية يونيو الماضي، بجانب اتجاه البنوك لاستثمار فوائض السيولة بوديعة المركزي الأسبوعية، قلص الطلبات المعروضة، وبالتالي دفع المالية لزيادة أسعار الفائدة.
وأضافت أن المخاطر الجيوسياسية لعبت دور مهم أيضا في تقليص الطلب على أدوات الدين المحلي، مما دفع وزارة المالية للتخلي عن أسعار الفائدة المنخفضة، وذلك بعد المنافسة مع أكثر من دولة على اجتذاب مثل هذه الاستثمارات وبمخاطر أقل نسبياً.
ومن جانبه قال مسؤول الخزانة إن البنوك أصبحت تٌفضل توظيف فوائض السيولة في وديعة البنك المركزي الأسبوعية عند مستوي فائدة 27.75% دون التعرض لأعباء الضرائب على الأذون، التي تهبط بالفائدة الحقيقية على أذون الخزانة لنحو 21% فقط.
وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد مزيد من الارتفاعات في أسعار الفائدة على أذون الخزانة أجل 3 و6 أشهر فقط، حيث أنها مازالت أقل بنحو 5% عن العائد لدى البنك المركزي بما يستلزم مواصلة المالية رفع الفائدة.
“ارتفاع الفائدة على أذون الخزانة قصيرة الأجل لتقارب فائدة الكوريدور بالبنك المركزي وتجاوزها، تعد تصحيح لألية تسعير الفائدة في السوق المحلي بشكل عام” وفقا للمسؤول.
في حين يرى نجلة أن خروج بعض الاستثمارات الأجنبية محدود ولم يضغط على الطلب بشكل كبير، مشيرا إلى أن هذا الخروج كان مرتبط باضطرابات في الأسواق العالمية، وليس بالسوق المحلي.
وعانت مصر خلال عامي 2022 و2023 من تفاقم أزمة النقد الأجنبي بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بنحو 22 مليار دولار خلال النصف الأول من العام 2022 بسبب مخاوف الصراع الروسي الأوكراني.
ولكن بعد قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي استقطبت مصر نحو 22 مليار دولار استثمار أجنبي غير مباشر خلال أول شهرين من تحرير سعر الصرف في مارس وأبريل الماضيين ليصل إجمالي المحفظة إلى رقم قياسي 35.4 مليار دولار عند أعلى مستوياته منذ تعويم مارس.