حزمة من الإصلاحات والقرارات الجريئة أعلنتها الحكومة والبنك المركزي، تضمنت تحرير سعر الصرف وتشديد السياسة النقدية، كسبيل لاستهداف التضخم والسيطرة على الأسعار، تحمل بين طياتها العديد من الثمار على المدى البعيد، ولكن تظل هناك تداعيات سلبية لبعض هذه القرارات على المديين القريب والمتوسط، على رأسها تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على الخطط التوسعية للشركات بمختلف القطاعات والتي تعتمد على الاقتراض كطريقة رئيسية للتمويل.
من هذا المنطلق تبدأ الشركات في البحث عن بدائل تمويل منخفضة التكلفة قادرة على توفير السيولة اللازمة لاستمرار الأنشطة وتنفيذ الخطط المستقبلية، ولعل البورصة المصرية أحد بدائل التمويل الرئيسية في ظل ارتفاع تكلفة الاقتراض المصرفي، سواء من خلال زيادة رؤوس أموال الشركات المدرجة بالفعل أو طروحات عامة جديدة.
نستعرض رؤية عدد من خبراء سوق المال ورؤساء بنوك الاستثمار حول جاهزية البورصة المصرية لاستقبال أوراق مالية جديدة، ومدى قدرة السوق على توفير السيولة اللازمة لتغطية الاكتتابات والطروحات العامة الجديدة، وأبرز المتطلبات اللازمة لتعظيم دور البورصة التمويلي.
الخبراء أكدوا قدرة البورصة المصرية على استقبال طروحات جديدة مع توفير السيولة اللازمة للشركات المدرجة من خلال زيادات رؤوس الأموال، وذلك بالتزامن مع استعاد ثقة المؤسسات والصناديق الأجنبية في السوق المحلية عقب استقرار سعر الصرف والقضاء على الدولار الموازي، بالإضافة إلى لجوء المستثمرين المحليين للاستثمار في الأسهم كسبيل للتحوط من التضخم وتحقيق أعلى العوائد، على عكس الشهادات البنكية ذات العائد الثابت والتي ما زالت نسبة العائد منها أقل من معدلات التضخم التي تشهد تفاقمًا مستمرًا خلال الفترة الأخيرة.
وتتضمن إستراتيجية مجلس إدارة البورصة للتطوير حاليًا وبالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية، إعادة صياغة شاملة وإعادة إصدار لقواعد القيد بعد دمج الإجراءات التنفيذية بالقواعد بما يضمن التحديث وفق احتياجات السوق المصرية، وأفضل الممارسات الدولية، وتوفير أفضل حماية للمتعاملين مع تبسيط الإجراءات ومعالجة المشاكل الحالية.
وسجلت زيادات رؤوس الأموال النقدية والمجانية لسوق الأسهم بالبورصة المصرية في عام 2023، رقماً غير مسبوق منذ عام 2019 لتصل إلى 49.9 مليار جنيه بنسبة زيادة 65% عن عام 2022.
بوابة تمويل الشركات
«برايم»: توقعات بزيادة نشاط الطروحات الحكومية والخاصة بداية النصف الثاني من العام الجاري
في البداية، قال محمد عياد، عضو مجلس إدارة شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن رفع أسعار الفائدة يشكل عائقًا أمام شريحة كبيرة من الشركات في الوقت الراهن، سواء الكيانات المقترضة أو التى تسعى للاقتراض من أجل زيادة توسعاتها، وهو ما يدفع للبحث عن بدائل تمويلية منخفضة التكلفة، مضيفًا أن البورصة خلال الوقت الراهن هي بوابة التمويل الأولي أمام الشركات بالقطاعات كافة، وهي السبيل الرئيسي لتوفير الاستثمارات اللازمة لتنفيذ الخطط التوسعية سواء في ظل ارتفاع تكلفة التمويل من سبل التمويل الأخرى.
وتوقع أن تلجأ شريحة كبيرة من الشركات لسوق الأوراق المالية خلال الفترة المقبلة للاستفادة من زخم السيولة المرتقب والقدرة على تدبير السيولة اللازمة لتنفيذ الخطط التوسعية دون اللجوء للاقتراض المصرفي.
عياد أكد أن حزمة القرارات الإصلاحية الأخيرة هي الركيزة الأساسية لاحتواء تداعيات الأزمة الاقتصادية ودعم خطط الدولة التنموية، فعدم استقرار سعر الصرف كان العقبة الأساسية أمام تدفق مزيد من الاستثمارات الأجنبية، ولكن في ظل القضاء على السوق الموزاية وتحرير سعر الصرف وفقًا لحركة البيع والشراء من خلال القطاع المصرفي، من المتوقع زيادة حركة الاستثمارات الأجنبية سواء صورة استحواذات أو اندماجات أو في صورة مشروعات جديدة بقطاعات إستراتيجية، بجانب جذب المزيد من الأموال الساخنة والمرجح استحواذ الأسهم على النصيب الأكبر منها.
وأشار إلى برنامج الطروحات الحكومية الذي ارتكز خلال الفترة الأخيرة على طروحات لمستثمرين إستراتيجين، وذلك بهدف تسريع عجلة الاستثمار وتوفير مدخلات إضافية من العملة الأجنبية، وتوقع أن تستقبل البورصة بالتزامن مع استقرار سعر الصرف، عددًا من الطروحات الحكومية المرتقبة، بداية من مطلع النصف الثاني من العام الجاري، خاصة في ظل التأكد من قدرة سوق المال على تغطية هذه الطروحات وجذب مؤسسات وصناديق أجنبية تبحث عن الفرص المتنامية بالقطاعات الحيوية، ما يعظم بالتبعية جذب استثمارات أجنبية تدعم خطة الدولة لزيادة مصادر الدخل من الدولار. .
ولفت إلى التأثير السلبي لرفع أسعار الفائدة وتراجع قيمة الجنيه بالسوق الرسمية على تقييم الشركات سيما الشركات التي ترغب في طرح حصص من أسهمها بالبورصة، وذلك نتيجة إعادة هيكلة القيم العادلة للشركات والأصول المملوكة لها وفقًا لقيمة العملة المحلية والأعباء المالية المفروضة على كاهل الشركات.
تابع أنه غم هذه التأثيرات لا تزال لدى الشركات الفرصة الكاملة لطرح حصة من أسهمها بالبورصة واستغلال الزخم الشرائي للمتعاملين في الوقت الراهن من خلال الاعتماد على أرباح المركز المالي خلال العامين السابقين.
وألمح عياد إلى الأداء الإيجابي للبورصة خلال 2023 وارتفاع مؤشر السوق الرئيسي EGX30 بمعدل يقارب الـ3 أضعاف عوائد الشهادات الادخارية والتي طرحت العام الماضي بمعدل عائد 25%، وهو ما يؤكد عدم تأثير الشهادات المعلن عنها مؤخرًا بعائد 30% على سحب السيولة الموجهه للاستثمار في الأسهم.
وأوضح أن الطبيعة الاستثمارية للمستثمر متوسط وطويل الأجل لا تدفعه للتخارج من البورصة لشراء شهادة ثابتة العائد، مؤكدا أن الأسهم في الوقت الراهن تعد أحد البدائل الاستثمارية الأكثر أمانًا أمام المستثمرين للتحوط من مخاطر التخضم.
وأشار عضو مجلس “برايم” إلى أن من أكثر القطاعات المتضررة جراء الارتفاع الراهن بأسعار الفائدة، الخدمات المالية غير المصرفية سيما شركات التمويل الاستهلاكي التي من شأنها أن تواجه بعض الانكماش في التعاملات خلال الفترة المقبلة نتيجة لارتفاع الفائدة والتى وصلت إلى 36% لدي شركات التمويل الاستهلاكي، الأمر الذي سيظهر على المراكز المالية للكثير من الشركات بنهاية 2024.
صناديق الاستثمار
«أودن»: زيادة عوائد صناديق الأسهم بالتزامن مع الأداء الإيجابي للبورصة يجذبان شرائح متنوعة من المتعاملين
محمد حسن، مدير صناديق الاستثمار بشركة أودن للاستثمارات المالية، اتفق مع الرأي السابق في أن البورصة المصرية هي أحد بدائل التمويل الأساسية في ظل الارتفاع الكبير بأسعار الفائدة بنحو 8% منذ بداية العام الجاري، سواء من خلال زيادة رؤوس أموال الشركات المدرجة بالفعل، أو الطروحات الجديدة للشركات الباحثة عن التمويل مع ارتفاع تكلفة الاقتراض من قبل القطاع المصرفي، والتوقعات الرامية لمزيد من رفع أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة كسبيل رئيسي لاحتواء التفاقم الراهن في معدلات التضخم والتي تسجل أعلى مستوياتها حاليًا.
وأكد جاهزية سوق المال على استقبال أوراق مالية جديدة وقدرتها على توفير السيولة اللازمة لتغطية الاكتتابات المرتقبة، وذلك بالتزامن مع توجه شريحة كبيرة من المستثمرين إلى الأسهم كبديل استثماري للتحوط من مخاطر التضخم، واستغلال الأسعار المتدنية للأسهم وتحقيق عوائد مرتفعة تفوق معدلات الربحية الثابتة التي توفرها شهادات الادخار.
تابع قائلا: “بلا شك يحمل قرار تحرير سعر الصرف بين طياته رسالة ثقة للمؤسسات والصناديق الأجنبية التي ترى في السوق المصرية فرصًا واعدة للاستثمار، كون استقرار سعر الصرف هو الركيزة الأساسية لعودة تدفق الاستثمارات ورؤس الأموال الأجنبية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة تستحوذ البورصة على النصيب الأكبر منها”.
وتوقع حسن نشاط التداولات بالبورصة تدريجيًا بالتزامن مع زيادة كميات التداول والعمليات المنفذة من قبل المستثمرين المحليين والأجانب، وهو ما يزيد من عمق سوق المال ويساعد على استعادة نشاطها ويعزز دورها التمويلي المنوط.
في سياق متصل استعرض أبرز السيناريوهات المتوقعة لأداء صناديق الاستثمار خلال الفترة المقبلة، متوقعًا أن تشهد صناديق الأسهم انتعاشة قوية بالتزامن مع الأداء الصاعد المتوقع أن تسجله البورصة على المدى المتوسط، مع زيادة الإقبال على صناديق الدخل الثابت والصناديق النقدية بالتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة لتسجل عوائد مرتفعة تقترب من الـ25% بنهاية العام الجاري.
وأكمل: “صناديق الدخل الثابت تتمتع بمميزات تجعلها الخيار الأفضل من الاستثمار في الشهادات مرتفعة العائد ألا وهي إتاحة السيولة بجانب الإعفاءات الضريبية، كما أن المستثمر في صناديق الدخل الثابت قادر على التخارج من الصندوق دون التقيد بفترة زمنية على عكس الشهادات التي يتم صرفها بعد انتهاء مدتها، وهو ما يفسر تدني الإقبال على الشهادات”.
وأوضح أن شريحة كبيرة من المتعاملين لجؤوا إلى صناديق الدخل الثابت والنقدية وكذلك صناديق الأسهم كسبيل للتحوط من معدلات التضخم ولحين استقرار الوضع على الصعيد الاقتصادي، وذكر أن الإقبال على الشهادات يكون من المستثمر الذي لا يستطيع تحمل المخاطر مثل أصحاب المعاشات، أما ترك البورصة للتوجه للشهادات ليس من طبيعة مستثمر البورصة الذي بطبيعته لديه القدرة على تحمل بعض المخاطر.
عودة نشاط الدمج والاستحواذ
«زيلا كابيتال»: الشهادات البنكية تستقطب المستثمر قصير الأجل.. وسوق المال محط أنظار صناديق ومؤسسات أجنبية
مصطفي الشنيطي، رئيس قطاع بنوك الاستثمار بزيلا كابيتال، قال إن هناك رغبة كبيرة لدى المستثمرين المحليين والأجانب لعلميات الدمج والاستحواذ بالسوق المصرية خلال الفترة الماضية، إلا أن هناك بعض المعوقات كانت تعرقل تنفيذ تلك الصفقات.
وأضاف أن تحرك الحكومة نحو تحرير سعر الصرف وإجراء بعض السياسات المالية الهيكلية من شأن تعزيز رغبة المستثمرين العرب والأجانب في تنفيذ المزيد من صفقات الدمج والاستحواذ وعلى الأخص الشركات المدرجة بالبورصة، سيما أن هناك تعطشا كبيرًا لدي المستثمرين للدخول في السوق المصرية، متوقعًا نشاط وتيرة صفقات الدمج والاستحواذ بصورة كبيرة على المدى المتوسط سواء ما بين عمليات دمج بين الشركات، ورغبة المستثمرين في التخارج من الأخرى، بجانب الرغبة الجامحة لدي بعض الشركات في زيادة توسعاتها بشكل كبير من خلال الاستحواذ على كيانات قائمة بالفعل لزيادة الخدمات المقدمة.
وتابع قائلًا: “توجد رغبة لدي المستثمرين في الاستثمار في القطاع الصناعي من أجل توطين بعض الصناعات محليًا ومن ثم تغطية السوق داخليًا وتوفير فائض للعملية التصديرية وهو ما لاقى استحسانًا بشكل كبير جدا من المستثمرين بالخارج للدخول في السوق المصرية خلال الفترة الماضية، لكن تواجد سعرين للعملة أرجأ من بعض العمليات الاستثمارية”.
ورصد رئيس قطاع بنوك الاستثمار بزيلا كابيتال مراحل جني ثمار هذه التغيرات الاقتصادية منقسمة إلى 3 مراحل، تتضمن المرحلة الأولى حالة التذبذب خلال الفترة ما بين شهرين و3 أشهر من أجل الوقوف على العملية الاستثمارية بشكل أدق وإعادة هيكلة بعض القرارات المالية والخطط، ما يضع السوق المصرية في حالة تذبذب في العملية الاستثمارية على مختلف الأدوات، من ثم المرحلة الثانية خلال العامين الماليين المقبلين والتى سوف يحدث فيها انتعاشة بصورة كبيرة على مختلف الأصعدة سواء على صعيد نشاط الدمج والاستحواذ، أو على صعيد الحصيلة الدولارية المرتقبة من صفقات رأس الحكمة وإتفاقية صندوق النقد الدولي والتي من شأنها أن تسد الفجوة التمويلية بشكل نسبي، بينما تأتي المرحلة الثالثة كنتيجة للمراحل السابقة والتى سوف نري فيها نتيجة التغيير سواء بشكل يعمق من ارتفاع التكلفة على الديون أو الاستمرار في انتهاج سياسة مالية واضحة نستطيع من خلالها استقطاب حصيلة دولارية مرتفعة لسداد التزامات الدولة وذلك استنادًا إلى زيادة الحركة التصديرية للمنتجات والتنوع القطاعي.
وذكر “الشنيطي” أن الإجراءات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة بشأن تحرير سعر الصرف وتركه للتعامل الحر المبني على العرض والطلب، من شأنها أن تعزز الثقة لدى المستثمرين والمتعاملين مرة أخرى في الدخول بالسوق، لتشهد الفترة المقبلة نشاطا ملحوظا في تدفق الأموال الساخنة سواء للاستثمار في الأوعية الادخارية ذات العائد الثابت، أو انتقاء أسهم أسهم الشركات ذات الملاءة المالية القوية بالبورصة، ما يزيد بالتبعية عمق السيولة بسوق الأوراق المالية، ويعظم دوره المنوط كسبيل تمويل رئيسي بجانب القطاع المصرفي.
ولفت إلى أن الفترة الحالية تشهد إعادة هيكلة للمتعاملين في الأسهم من خلال تخارج المستثمر قصير الأجل وتوجيه أمواله إلى أدوات الدين الحكومية والشهادات البنكية منعدمة المخاطر ذات العائد الثابت، في حين تجذب سوق الأسهم المزيد من الاستثمارات طويلة الأجل بجانب المتعاملين الأجانب والعرب، لتستقبل البورصة خلال الفترة المقبلة تدفق سيولة جديدة مع زيادة قاعدة المستثمرين طويلي الأجل، بالإضافة إلى زيادة شهية المؤسسات والصناديق الإجنبية للاستحواذ على حصص من بعض الشركات المدرجة سيما المندرجة تحت مظلة قطاعات حيوية تتمتع بقدرة على النمو وتحقيق أعلى العوائد.
الطروحات الحكومية
«الأهلي كابيتال»: ثمار قرارات «المركزي» على المدى الطويل.. وأسهم البنوك والشركات المُصدرة المستفيد الأكبر
على صعيد آخر، ترى حنان وجدي، رئيس تطوير الأعمال في “الأهلي” لإدارة الاستثمارات المالية، أن قرار البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة له إيجابيات وسلبيات على البورصة المصرية، متوقعة أن يؤثر سلبًا على السيولة وأسعار الأسهم على المدى القصير، بينما تزداد التوقعات حول كونها إجراءات إيجابية على المدى الطويل من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية ودعم استقرار العملة المحلية، مشيرة إلى أنه في ظل التوقعات الرامية لرفع أسعار الفائدة خلال العام الجاري خاصة في ظل تفاقم معدلات التضخم، قد يزيد عبء تمويل استثمارات الشركات.
ورصدت رئيس تطوير الأعمال في الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية أبرز الأسهم المتوقع استفادتها من القرارات الأخيرة للحكومة والبنك المركزي، وعلى رأسها أسهم قطاع البنوك والشركات المُصدرة، بحيث تستفيد المصارف من زيادة العائدات على سندات وأذون الخزانة، بينما تستفيد شركات الأسمدة والمواد الكيميائية من تصدير أكثر من 50% من إنتاجها بالدولار مثل أبوقير للأسمدة وموبكو.
ونوهت بأنه من الممكن أن تدفع القرارات الاقتصادية الحكومة إلى استكمال برنامج الطروحات الحكومية واللجوء للبورصة كسبيل للتخارج بجانب المستثمرين الإستراتيجيين ما تترتب عليه زيادة الطروحات العامة الجديدة في البورصة خلال النصف الثاني من 2024 كحافز للشركات للحصول على التمويل من خلال الطرح العام.
وعلى صعيد أداء صناديق الاستثمار، قالت «وجدي» إنها حققت أداءً جيدًا منذ بداية العام بمعدل نمو يقدر بحوالي 25%، مشيرة إلى أنه من المتعارف عليه أنه خلال فترات ارتفاع أسعار الفائدة تُعد شهادات الإيداع في البنوك خيارا أكثر استقرارا وتحوطا، بينما توفر صناديق الاستثمار فرصا لتحقيق عوائد مرتفعة في ظل تنوع أوسع في الاستثمارات مع مخاطر محسوسة في حين يتيح الاستثمار في شهادات الإيداع عائدًا ثابتًا وحماية ضد التقلبات في الفائدة، مؤكدة ضرورة تنويع المحافظ الاستثمارية ما يسمح بتوزيع المخاطر وتحقيق عوائد على المدى الطويل.
متطلبات المرحلة
الشريف للاستشارات: رفع الوعي والثقافة المالية أبرز متطلبات الفترة الراهنة.. وضرورة إعادة النظر في ملف الضرائب
وقال عاطف الشريف، الشريك المؤسس لمكتب الشريف للاستشارات القانونية، إن البورصة المصرية هي البديل الأمثل للحصول على تمويل في ظل الوضع الاقتصادي الراهن بالتزامن مع القرارات الأخيرة للبنك المركزي والذي يرتفع معها تكلفة التمويل من قبل القطاع المصرفي.
أشار إلى أن البورصة المصرية تحتاج إلى طروحات قوية من شأنها جذب المستثمرين الأجانب والمحليين خاصة مع توقعات بتحسين الوضع الاستثماري والاقتصادي خلال الفترة المقبلة بعد لمس نتائج قرارات المركزي الأخيرة على أرض الواقع في محاولة للقضاء على السوق الموازية لسعر الصرف.
ويرى أن برنامج الطروحات الحكومة سيكون مؤثرا كبيرا في تعزيز دور البورصة المصرية التمويلي المنوط خاصة مع جذب شرائح جديدة من المتعاملين وتعميق السيولة بتدفق دماء جديدة لها، منوها إلى الفرص الاستثمارية الكبيرة التي تتمتع بها أسهم قطاعات البورصة المصرية المدرجة حاليا.
وتابع أنه ما زالت هناك قطاعات غير ممثلة في البورصة المصرية وتحتاج إلى المزيد من المحفزات الجاذبة لاستقطاب العديد من الشركات سواء للقطاع الخاص أو العام للقيد والطرح وعلى رأس هذه المحفزات إعادة النظر في ملف الضرائب.
الشريف أشار إلى أن الفترة الراهنة تتطلب تعريف الشركات بمزايا القيد والطرح وكذلك الأفراد عن طريق حملات الترويج الفعالة والقوية من خلال مختلف السبل التعليمية عن طريق الكتيبات والمدارس والجامعات وكذلك في الوسائل الإعلامية المتعددة.
وتوقع نمو قيمة زيادات رؤوس الأموال خلال 2024 في البورصة المصرية، خاصة للشركات التي تستهدف الحصول على تمويل لتنفيذ الخطط التوسعية وذلك بسبب انخفاض تكلفة التمويل مقارنة بالأدوات الاستثمارية الأخرى.
ويرى أن الطرح في البورصة المصرية للشركات غير المدرجة سبيل جيد للحصول على التمويل اللازم بتكلفة أقل، موضحا أن البورصة المصرية سجلت مستويات عالية خلال الفترة الماضية بسبب توجه المتعاملين إليها كسبيل للمحافظة على قيمة الأصول ضد مخاطر التضخم ما يثبت قوتها كأداة تمويلية قادرة على أداء دورها المنوط.
ويعتبر أن التوجه بمزايا إضافية لبورصة الشركات الصغيرة والمتوسطة بهدف استقطاب المزيد من هذه النوعية ومساعدتها على النمو والتوسع يدعم اقتصاد الدولة بشكل كبير خاصة أن توجه الاستثمارات أصبح كبيرا نحو تلك الشركات خاصة المتوقع لها النمو في وقت قياسي.
التخارج السريع
«إتش سي»: الاستثمار في الأسهم أحد الملاذات الاستثمارية في ظل ارتفاع معدلات التضخم.. وسهولة التخارج أهم المميزات
حسن شكري، العضو المنتدب لشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار اتفق معه في الرأي، موضحًا أنه في ظل ارتفاع معدلات التضخم يتجه المستثمر إلى الأوعية الادخارية القادرة على تحقيق عوائد أعلى وأسرع له خاصة المستثمر طويل الأجل القادر على تحمل المخاطر، مشيرًا إلى أن المتعامل الذي يتجه للشهادات البنكية مرتفعة العائد تختلف طبيعته عن مستثمر البورصة، لأن الأول لا يقدر على تحمل المخاطر فيفضل بذلك أن يتجه بأصوله للأوعية الثابتة.
وتوقع أن ترتفع قدرة البورصة المصرية على جذب المزيد من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة في ظل مقارنتها والأوعية الاستثمارية الأخرى كالعقار الذي يصعب تسييله بسهولة أو الذهب الذي شهد تذبذب كبير في أسعاره خلال الفترة الماضية.
ويرى أن البورصة المصرية قادرة على تحقيق عوائد كبيرة في الأسهم الواعدة بالعديد من القطاعات فضلا عن سهولة التخارج منها في أي وقت، مشيرا إلى أنها ستتمتع بمزايا أكبر في حالة إعادة النظر في ملف الضرائب كسبيل للمحافظة على قاعدة المتعاملين الذين يعتبرون الضرائب عائقا أمام استثماراتهم.
كما يرى أن البورصة المصرية قادرة على استقبال أي ورقة مالية قوية للطرح من خلالها خاصة بعد الأداء القوي الذي حققت معه المؤشرات مستويات قياسية عديدة فضلا عن كسر رأس المال السوقي مستوى الـ 2 تريليون جنيه وأكثر في بعض الجلسات.
وأكد شكري أن تحريك سعر الصرف ينتج عنه تضخم في قيمة الأصول خاصة المقومة بالعملة الأجنبية وبالتالي ستلجأ العديد من الشركات لزيادة رأسمالها ولن تجد أفضل من البورصة المصرية سبيلا لذلك، موضحا أن ارتفاع سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة تكلفة الإقراض على الشركات لذلك متوقع اللجوء للبورصة المصرية خلال الفترة المقبلة كسبيل لتوفير التمويل بتكلفة أقل مقارنة بالقروض البنكية.