شهد سعر أونصة الذهب العالمي انطلاقة كبيرة خلال شهر مارس الذي شهد تسجيل أعلى مستوى تاريخي للذهب، وسط تزايد التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة الأمريكية، إلى جانب تزايد الطلب على الملاذ الآمن ليتزايد الاقبال على الذهب بشكل كبير دفع السعر إلى مستويات قياسية.
افتتح سعر أونصة الذهب العالمي تداولات شهر ابريل اليوم الاثنين بتسجيل أعلى مستوى تاريخي جديد عند 2265 دولار للأونصة مرتفعاً بنسبة 1% ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 2254 دولار للأونصة.
ارتفع سعر الذهب الفوري خلال شهر مارس بنسبة 9.2% ليربح 189 دولار ويغلق عند المستوى 2233 دولار للأونصة بعد أن سجل أعلى مستوى عند 2236 دولار للأونصة، ليحقق بذلك أعلى أداء شهري منذ يوليو 2020.
كان هناك زخم صاعد قوي في أداء الذهب خلال شهر مارس واتضح هذا من الارتفاع القوي والمستمر بدون تصحيح سلبي يذكر، فخلال الشهر الماضي أغلق الذهب 6 جلسات فقط على انخفاض بينما في المقابل سجل أكثر من قمة سعرية تاريخية خلال الشهر. وخلال الربع الأول من العام ارتفع الذهب بنسبة 8.3% بعد ارتفاع آخر بنسبة 11.6% خلال الربع الرابع من العام الماضي.
على المستوى الأسبوعي ارتفع الذهب خلال الأسبوع الماضي بنسبة 3.1% ليسجل 5 أسابيع من الارتفاع خلال آخر 6 أسابيع وخلال الأسبوع الأول من شهر مارس اخترق الذهب آخر قمة سعرية قد سجلها في 4 ديسمبر 2023 عند 2148 دولار للأونصة، ليغلق تداولات الأسبوع الأول من مارس وقد سجل أعلى مستوى تاريخي جديد عند 2195 دولار للأونصة.
جاء السبب وراء تسجيل هذه القمة إلى بيانات تقرير الوظائف الأمريكية عن شهر فبراير التي أظهرت ارتفاع في معدل البطالة في الولايات المتحدة خلال شهر فبراير بنسبة 3.9% بأعلى من التوقعات والقراءة السابقة عند 3.7%. تسبب هذا في زيادة توقعات الأسواق في قيام البنك الفيدرالي بخفض الفائدة خلال شهر يونيو لتصل احتمالات الأسواق إلى 75%.
بعد ذلك سجل الذهب قمة سعرية جديدة عند 2222 دولار للأونصة يوم 21 مارس وتبع هذا قمة أخيرة عند 2236 دولار للأونصة والتي سجلها في آخر جلسة تداول الأسبوع الماضي يوم الخميس 28 مارس، قبل بداية عطلة الأسواق المالية التي بدأت يوم الجمعة الماضية. وذلك قبل أن يفتتح تداولات اليوم ليسجل مستوى تاريخي جديد.
شهادة رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول أمام الكونجرس الأمريكي أشار خلالها إلي أن البنك ليس بعيدًا عن اكتساب الثقة التي يحتاجها في ضمانة استدامة تراجع التضخم حتى يستطيع البدء في خفض أسعار الفائدة
وجاء ذكر خفض الفائدة من قبل باول مع استمرار الضغط عليه من اللجنة المصرفية في الكونجرس الأمريكي التي طالبته بخفض الفائدة قبل أن يتأثر قطاع العمالة بشكل تقوم معه الشركات بالتخلي عن العمالة.
خلال شهر مارس صدرت بيانات التضخم عن شهر فبراير لتكشف ارتفاع غير متوقع في التضخم، ولكن أبقى البنك الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة ثابتة عند نطاق 5.25% – 5.50% خلال اجتماعه وأبقى أعضاء البنك على توقعاتهم بخفض الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2024 دون تغيير عن توقعاتهم الأخيرة في ديسمبر الماضي.
البنك الفيدرالي قرر عدم اتخاذ اجراء بعد ارتفاع معدلات التضخم في فبراير، وقد ظهر هذا خلال حديث لرئيس الفيدرالي باول بعد أسبوع من اجتماع البنك أشار خلاله إن بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي لشهر فبراير، والذي يعد مقياس التضخم بالنسبة للفيدرالي جاءت ضمن توقعات البنك، وعلى الرغم من أن الأرقام أظهرت تباطؤًا أقل من العام الماضي على المستوى الجوهري، فلن يكون هناك مبالغة في رد الفعل من قبل البنك.
حديث رئيس البنك الفيدرالي جاء ليؤكد للأسواق أن التضخم يسير وفقاً لمخطط البنك وليدل على استمرار توقع البنك بخفض الفائدة حتى لا يحدث تأثير سلبي على قطاع العمالة، وقد استقرت توقعات الأسواق بخفض البنك الفيدرالي للفائدة في يونيو القادم عند 60% مع نهاية شهر مارس.
بالنسبة لأداء الدولار الأمريكي خلال شهر مارس فقد كان إيجابي بشكل كبير، بالرغم من تسجيله أدنى مستوى في شهرين عند 101.93 وفقا لمؤشر الدولار إلا أنه استطاع أن ينهي الشهر على ارتفاع بنسبة 0.8% مسجلاً أعلى مستوى منذ 6 أسابيع عند 104.44.
ارتفاع الدولار جاء على الرغم من تماسك توقعات الأسواق بخفض الفيدرالي للفائدة في يونيو القادم، ولكن استطاع الدولار أن يحصل على الدعم اللازم للارتفاع نتيجة للتخفيض المفاجئ لسعر الفائدة من قبل البنك المركزي السويسري، إلى جانب الإشارات الحذرة من البنك المركزي البريطاني لاتجاهه إلى خفض الفائدة ليدفع الجنيه الإسترليني إلى الهبوط الحاد، مما صب في صالح الدولار باعتباره العملة الرئيسية الوحيدة ذات العائد المرتفع والمنخفضة المخاطر.
أيضاً تدخلات البنك المركزي الصيني لدعم عملته من الانهيار بالإضافة إلى تحذيرات من الحكومة اليابانية بالتدخل لدعم الين الياباني بعد أن انخفض لأدنى مستوياته منذ 34 عام مقابل الدولار، كل هذا ساعد على ارتفاع الدولار فقد وجد المستثمرين أن الدولار هو العملة الأفضل والأقل مخاطرة خلال الفترة الحالية.
الذهب استطاع مقاومة قوة الدولار وتحقيق ارتفاع قوي وقياسي خلال شهر مارس بدعم من توقعات خفض الفائدة والسيولة النقدية الكبير التي تم ضخها في أسواق العقود الآجلة وأسواق الخيارات والتي عملت على رفع أسعار الذهب بهذا الشكل الحاد على الرغم من قوة وتماسك الدولار الأمريكي.
أيضاً الطلب الفعلي على الذهب ساعد على تماسك الأسعار بشكل كبير فقد زادت احتياطيات الذهب الرسمية العالمية بمقدار 39 طنًا خلال شهر يناير بأكثر من ضعف صافي المشتريات لشهر ديسمبر التي كانت عند 17 طنًا، ليعد هذا الشهر الثامن على التوالي من صافي المشتريات بالنسبة للبنوك المركزية.
كان البنك المركزي التركي أكبر مشتري للذهب في يناير حيث زاد حيازاته الرسمية من الذهب بمقدار 12 طنًا. ليرتفع إجمالي مخزونات الذهب إلى 552 طنًا أي أقل بنسبة 6٪ فقط من أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 587 طنًا في فبراير 2023.
بينما قام البنك المركزي الصيني بزيادة حيازاته بمقدار 10 أطنان في يناير، مسجلاً ارتفاع في احتياطي الذهب للشهر الخامس عشر على التوالي. ليصل اجمالي الذهب لدى البنك الآن إلى 2245 طن، أي أعلى بنحو 300 طن عما كانت عليه في نهاية أكتوبر 2022.
أسعار الذهب فى مصر
سيطر التذبذب على أداء سعر الذهب المحلي خلال شهر مارس بسبب الأحداث الهامة التي شهدها وعلى رأسها تغير سياسة سعر الصرف والتدفقات الدولارية التي دخلت إلى مصر، مما دفع سعر الذهب إلى التغير بدون اتجاه واضح في انتظار استقرار الأوضاع وتحديد اتجاه واضح.
افتتح الذهب المحلي عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الاثنين عند المستوى 3110 جنيه للجرام ليتداول عند نفس المستوى وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون، وذلك بعد أن انخفض يوم أمس بمقدار 5 جنيهات ليغلق عند المستوى 3080 جنيه للجرام بعد أن افتتح الجلسة عند المستوى 3085 جنيه للجرام.
خلال شهر مارس ارتفع سعر الذهب بمقدار 155 جنيه بنسبة ارتفاع 5.3% ليغلق تداولات الشهر عند 3080 جنيه للجرام بعد أن افتتح تداولاته عند المستوى 2925 جنيه للجرام.
وفيما يلي أهم الأحداث التي أثرت على أسعار الذهب خلال شهر مارس:
– أعلن البنك المركزي المصري في اجتماع استثنائي عن رفع الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس لتصل إلى 27.25 لعائد الإيداع و28.25% لسعر الإقراض لليلة واحدة و27.75% لسعر العملية الرئيسية.
– قام البنك المركزي المصري بالسماح لسعر الصرف أن يتم تحديده وفقاً لآليات السوق. وارتفع سعر الصرف الرسمي في البنوك ليسجل أعلى مستوى عند 50.85 جنيه لكل دولار تقريباً بنسبة 66% ليبدأ في التراجع التدريجي بعدها ويغلق تداولات شهر مارس عند متوسط 47.30 جنيه لكل دولار.
– البنك الأهلي المصري وبنك مصر بطرح شهادة ادخار جديدة بفائدة 30% متناقصة بأجل 3 سنوات، حيث تقوم الشهادة بمنح عائد يصل إلى 30% في السنة الأولى و25% في السنة الثانية، ثم 20% في السنة الثالثة.
– توقيع اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي بموجبه يرتفع قيمة القرض إلى 8 مليار دولار بعد أن كان بقيمة 3 مليار دولار، مع إمكانية حصول مصر على قرض آخر بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئي.
– البنك الدولي يعتزم تقديم حزمة تمويلات إلى مصر بقيمة تصل إلى 6 مليار دولار خلال الثلاث سنوات القادمة
– وكالة موديز للتصنيف الائتماني ترفع النظرة المستقبلية لمصر من سلبية إلى إيجابية لتبقي تصنيفها الائتماني عند Caa1.
– الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على حزمة تمويلية من الاتحاد الأوروبي بقيمة 8.06 مليار دولار خلال الفترة من 2024 – 2027.
– رفع البنوك حدود المعاملات الدولية على البطاقات الائتمانية، وصرح رئيس مصلحة الجمارك المصرية عن الافراج عن بضائع بأكثر من 14.5 مليار دولار منذ يناير الماضي.
– وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية بعد أن كانت مستقرة.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
حصلت سعر أونصة الذهب العالمي على دعم كبير خلال شهر مارس دفعها لتسجل أعلى مستوى تاريخي، وسط توقعات بإمكانية استمرار أسعار الذهب في الصعود خلال الفترة القادمة، بينما يصدر هذا الأسبوع بيانات تقرير الوظائف الأمريكي والتي سيكون لها تأثير كبير على أسعار الذهب.
سعر الذهب المحلي سيطر عليه التذبذب خلال شهر مارس بعد تغيرات كبيرة في الأسواق بعد قيام البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الدولار ورفع الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس دفعة واحدة، بالإضافة إلى التمويلات الدولارية الكبيرة التي دخلت مصر خلال هذا الشهر وعملت على تهدئة الأسواق بشكل كبير.
سجل سعر أونصة الذهب العالمي مستوى تاريخي جديد عند 2265 دولار للأونصة، يتزايد الترقب حالياً لأسعار الذهب لمعرفة التحرك القادم وهل يستكمل الصعود ويخترق منطقة المستوى 2265 دولار للأونصة ليستهدف بعدها المستوى 2300 دولار للأونصة، أم أن الزخم الحالي لا يدعم ارتفاع الذهب.
مؤشرات الزخم تظهر تشبع كبير في شراء الذهب وهو ما قد يدفع السعر إلى محاولة التصحيح خلال الفترة القادمة، ومع وجود الحافز المناسب في الأسواق من البيانات الاقتصادية قد يبدأ في التراجع ويستهدف منطقة المستوى 2200 دولار ثم 2180 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي:
بالرغم من التغيرات الكبيرة في السعر والأسواق خلال شهر مارس بسبب تغير السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، إلا التذبذب سيطر على السعر خلال معظم فترات التداول واستقرت الأسعار بين منطقة 2950 – 3150 جنيه للجرام عيار 21.
استكمال صعود الذهب خلال الفترة القادمة يتطلب الاستقرار فوق المستوى 3100 جنيه للجرام ثم اختراق المستوى 3150 جنيه للجرام، ولكن الذهب يبحث عن دعم كافي لإمكانية تحقيق هذا سواء من حدوث ارتفاع في سعر الصرف أو من الارتفاع الحالي في سعر الأونصة العالمية.