عاد دولار السوق السوداء في مصر إلى الارتفاع أمام الجنيه خلال الساعات القليلة الماضية بعد رحلة هبوط قاسية بدأت منذ مطلع هذا الشهر، حيث يبدو أن الأسواق بدأت تستوعب الأنباء التي أدت إلى حالة من الارتباك الشديد بالسوق والتي نتج عنها تراجع سعر العملة الأمريكية بشكل ملحوظ بالسوق الموازية.
كانت هذه الأنباء التي أدت إلى هبوط سعر الدولار بالسوق السوداء بمصر متمثلة في الصفقة المتعلقة بالمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي بشأن صرف الحزم التمويلية المتأخرة، مع زيادة التمويلات المقدمة لمصر مع شركاء دوليين آخرين.
بيد أن هذا الانخفاض في دولار السوق السوداء جاء بسبب أيضًا حملة أمنية واسعة النطاق شنتها السلطات للقبض على المضاربين بالسوق الموازية، حيث إن تبادل الدولار خارج القنوات الرسمية يعد أمرًا غير قانوني في مصر.
ومما ساهم أيضًا في التخبط الشديد الذي ضرب السوق السوداء للدولار، هو الأنباء المتعلقة بوجود صفقة استثمارية إماراتية محتملة في مدينة رأس الحكمة المطلة على البحر المتوسط، والتي تصل إلى 22 مليار دولار وفقًا للتقارير.
جميع الأنباء السابق ذكرها ساهمت في حالة التضخم الشديدة التي ضربت السوق الموازية لتداول العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع الجنيه أمام الدولار بالسوق السوداء خلال الأيام القليلة الماضية. ومع ذلك، عاد الدولار للارتفاع مجددًا أمام العملة المصرية، حيث يبدو أن زخم هذه الأنباء قد تلاشى والسوق بدأ في استيعابها.
ولا يزال السعر أضعف بكثير من السعر الرسمي، الذي ظل ثابتًا عند حوالي 30.9 دولارًا للدولار خلال معظم العام الماضي، مما يسلط الضوء على النقص الحاد في العملات الأجنبية في مصر.
خفضت مصر قيمة عملتها ثلاث مرات منذ أوائل عام 2022، ومن المتوقع على نطاق واسع حدوث خطوة أخرى في الربع الأول من هذا العام. حيث تجري السلطات محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة القروض التي قد تجلب شركاء آخرين وتأمين تمويل بنحو 10 مليارات دولار. لكن من المرجح أن يتوقف الاتفاق على تخفيف مصر القيود على الجنيه.
في أواخر الأسبوع الماضي، انتشرت أنباء بشأن صفقة استثمارية إماراتية بنحو 22 مليار دولار في مدينة رأس الحكمة الواقعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط في مصر.
وتوقعت شركة أكسفورد إيكونوميكس أن تنخفض قيمة العملة المحلية رسميًا في مصر إلى ما يتراوح بين 55 جنيهًا و60 جنيهًا للدولار بحلول نهاية العام شريطة التحول إلى نظام سعر صرف مرن.
بناءً على سعر الصرف المتوقع، تتوقع أكسفورد إيكونوميكس أن يصل التضخم السنوي إلى ذروته في الربع الرابع من عام 2024، ليصل إلى ما بين 40% و45%. وقد تباطأ معدل التضخم الرئيسي في الأشهر الأخيرة، حيث وصل إلى 33.7% في ديسمبر مقارنة بـ 38% في سبتمبر.
وفي غضون ذلك، أصدرت مؤسسة بحثية اقتصادية أخرى، وهي كابيتال إيكونوميكس ومقرها لندن، توقعات أكثر تشاؤمًا الأسبوع الماضي، حيث توقعت أن يشهد الجنيه المصري “انخفاضًا أوليًا” بالسعر الرسمي إلى 60-65 دولارًا أمريكيًا إذا شرعت السلطات المصرية في تخفيض قيمة العملة قريبًا.
تتركز المناقشات مع صندوق النقد على مراجعتين مؤجلتين للاتفاق الحالي الذي تم التوصل إليه قبل أكثر من عام. فيما تغطي المحادثات الإصلاحات التي تحتاج مصر إلى تفعيلها والتي تشمل تشديد السياسات النقدية والمالية إلى جانب التحرك نحو نظام مرن لسعر الصرف.
دولار السوق السوداء
ظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند حوالي 30.90 جنيهًا للدولار، بينما ارتفع سعر الدولار بالسوق السوداء خلال الساعات الماضية، حيث يتحرك حول مستوى 60 جنيهًا للدولار الواحد USD/EGPp، فيما تتراوح التداولات بين الـ 59 إلى 61 جنيهًا للدولار، وفقًا للبيانات المتاحة على موقع إنفستنغ السـعودية.
يأتي ذلك بعدما كان يتم تداول الدولار خلال تعاملات أمس حول مستوى 57 جنيهًا للدولار.
وكان الدولار بالسوق الموازية في مصر قد وصل إلى أعلى سعر سجله على الإطلاق في نهاية يناير، وذلك عندما لامس مستوى 75 جنيهًا.