ارتفعت أسعار الذهب لتسجل أعلى مستوى منذ قرابة 3 أسابيع خلال جلسة اليوم وذلك بدعم من تراجع مستويات الدولار الأمريكي بعد بيانات النمو الأقل من المتوقع التي صدرت يوم أمس، بينما تترقب الأسواق اليوم صدور بيانات التضخم الأمريكية والتي سيكون لها تأثير كبير على حركة الذهب اليوم.
سجل سعر الذهب الفوري ارتفاع اليوم الجمعة بنسبة 0.4% ليسجل أعلى مستوى منذ ما يقرب 3 أسابيع عند 2055 دولار للأونصة ليخترق منطقة المقاومة 2040 – 2050 دولار للأونصة التي دفعت الذهب إلى التذبذب تحتها لقرابة أسبوعين، وفق تحليل جولد بيليون.
ويأتي ارتفاع الذهب اليوم بعد أن أغلق أمس فوق المستوى 2040 دولار للأونصة عند 2045 دولار مرتفعا بنسبة 0.7%، حيث عجز السعر عن تحقيق اغلاق يومي فوق هذا المستوى منذ أسبوعين.
واكتسب الذهب زخم إيجابي كبير خلال جلسة الأمس بعد بيانات الناتج المحلي الإجمالي عن الولايات المتحدة خلال الربع الثالث من العام والتي أظهرت تقلص النمو إلى 4.9% من القراءة السابقة التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 5.2%.
بالإضافة إلى هذا انخفض مؤشر فيلادلفيا لأداء القطاع الصناعي الأمريكي بشكل حاد ليسجل – 10.5 مقارنة مع القراءة السابقة المنخفضة بقيمة – 5.9%، الأمر الذي يدل أن الاقتصاد الأمريكي بدأ في المعاناة الحقيقية من جراء دورة رفع الفائدة من قبل البنك الفيدرالي بغرض محاربة التضخم.
ساهمت هذه البيانات في زيادة توقعات الأسواق أن البنك الفيدرالي سيسارع في عمليات خفض الفائدة، بسبب ظهور التباطؤ في قطاعات مختلفة من الاقتصاد الأمريكي، لتصل احتمالات خفض الفائدة في مارس إلى أكثر من 70%.
أما عن الدولار الأمريكي فقد انخفض بشكل كبير يوم أمس بعد البيانات الأمريكية الضعيفة، ليسجل مؤشر الدولار انخفاض بنسبة 0.6% ويسجل أدنى مستوياته منذ 5 أشهر، في طريقه إلى تسجيل انخفاض أسبوعي بنسبة 0.8% وهو انخفاض للأسبوع الثاني على التوالي.
ويتداول العائد على السندات الحكومية الأمريكية بالقرب من أدنى مستوى في 5 أشهر الذي سجله هذا الأسبوع عند 3.381%، حيث انخفض العائد هذا الأسبوع بنسبة 1.3% ليسجل انخفاض للأسبوع الثالث على التوالي.
وتنتظر الأسواق اليوم صدور مؤشر التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي عن الولايات المتحدة، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري الذي يستثني عوامل التذبذب، ومن المتوقع أن يظهر المؤشر عن شهر نوفمبر ارتفاع بنسبة 0.2% دون تغير عن القراءة السابقة، بينما متوقع أن يتراجع المؤشر السنوي إلى 3.4% من القراءة السابقة 3.5%.
قراءة المؤشر يأخذها البنك الفيدرالي في الاعتبار عند تقييم أداء التضخم والاقتصاد الأمريكي، وفي حال انخفضت القراءة بأقل من التوقعات سيعمل هذا على زيادة التوقعات في الأسواق بأن الفيدرالي قد يلجأ إلى خفض الفائدة في وقت مبكر من العام القادم، وتتزايد رهانات الأسواق على خفض الفائدة في اجتماع شهر مارس 2024.
وسيعمل هذا بالطبع على زيادة الضغط السلبي على مستويات الدولار الأمريكي وبالتالي سيؤثر بشكل إيجابي على أسعار الذهب الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع الدولار ومع عوائد السندات الحكومية الأمريكية.
من جهة أخرى نجد أن الذهب يجد دعم خلال الفترة الحالية باعتباره ملاذ آمن، في ظل التوترات الحالية في البحر الأحمر وسط استمرار عمليات مهاجمة السفن، هذا بالإضافة إلى بداية العطلات خلال الأسبوعين القادمين الأمر الذي قد يدفع المستثمرين إلى انهاء تداولات هذا الأسبوع بوضع استثماراتهم في الملاذ الآمن سواء الذهب أو الدولار.
من شأن هذا أن يعمل على زيادة التذبذب خلال جلسة اليوم خاصة بعد صدور بيانات التضخم الأمريكية، ولكن اغلاق أسعار الذهب هذا الأسبوع فوق المستوى 2050 دولار للأونصة، سيعني اختراق الذهب للمنطقة التي كونها خلال الأربع أسابيع الماضية بين 2000 – 2050 دولار للأونصة، وهو ما يزيد من فرص ارتفاع أسعار الذهب خلال الفترة القادمة.
أسعار الذهب في مصر
استكمل الذهب في مصر رحلة الصعود ليعود لتسجيل المستويات التاريخية من جديد وذلك بعد ارتفاع سعر الأونصة العالمية إلى جانب قرار البنك المركزي المصري أمس بتثبيت الفائدة مما زاد من الإقبال على الذهب كملاذ آمن.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الجمعة عند المستوى 3010 جنيه للجرام قبل أن يستمر في الارتفاع مسجلاً أعلى مستوى تاريخي عند 3030 جنيه للجرام وهو السعر الذي يتداول عنده حالياً.
يأتي هذا بعد أن انخفض سعر الذهب يوم أمس بشكل طفيف بمقدار 5 جنيهات ليغلق عند المستوى 2995 جنيه للجرام بعد أن افتتح جلسة الأمس عند المستوى 3000 جنيه للجرام، وفق رصد تحليلي من جولد بيليون.
الارتفاع الحالي في أسعار الذهب يأتي بعد أن سجل سعر الدولار في السوق الموازي مستوى قياسي ليساهم هذا بشكل رئيسي في ارتفاع الذهب الذي يتم تسعيره باستخدام الدولار في السوق الموازي.
من ناحية أخرى وجد الذهب الدعم أيضاً من ارتفاع سعر أونصة الذهب العالمي اليوم قبل صدور بيانات هامة عن التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا وقد قرر البنك المركزي المصري يوم أمس تثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض في آخر اجتماعات لجنة السياسات النقدية العام الجاري 2023. حيث أبقى سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 19.25% و20.25% و19.75% على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 19.75%.
وأشار البنك المركزي في بيانه أن السبب وراء تثبيت الفائدة هو تراجع معدلات التضخم في الفترة الأخيرة لتماشى مع توقعات البنك، بالإضافة إلى تراجع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 3.8% خلال العام المالي 2022-2023 مقارنة بالعام المالي السابق.
الأسواق بدأت تتفاعل اليوم مع قرار البنك المركزي الذي أبقى سياسته النقدية دون تغيير، فبالنسبة للأسواق لا تغير في الأوضاع الاقتصادية أو النقدية في مصر وبالتالي يبقى الطلب متزايد على الدولار في السوق الموازي بسبب التخوفات من تعويم محتمل في سعر الصرف، وهو ما يدفع الذهب إلى المزيد من الارتفاع.
البنك المركزي المصري فضل اتباع سياسة الانتظار وترقب المستجدات خاصة في ظل مفاوضات مستمرة مع صندوق النقد الدولي لإعادة تفعيل برنامج اقراض مصر مع إمكانية زيادة القرض من 3 مليار دولار إلى 5 مليار دولار.
ويبقى الحذر في الأسواق المالية وأسواق الذهب وسط ترقب لأي قرارات جديدة ستصدر مع بداية العام، وهو ما ينعكس على سوق الذهب والدولار الموازي بارتفاع في الطلب وبالتالي ارتفاع في مستويات الأسعار.