يُتوقع أن يرفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة للمرة السابعة على التوالي اليوم الخميس، مع اقترابه من نهاية دورة التشديد الحاد للسياسة النقدية للحد من التضخم المتسارع.
توقع 26 محللا أن ترفع لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة المعيارية على اتفاقية إعادة الشراء “ريبو” بمقدار 250 نقطة أساس إلى 42.5%. أما بنك “ستانددرد تشارترد” الذي شذّ عن بقية المحللين، فتوقع زيادة أكبر تبلغ 500 نقطة أساس. وإذا تحققت تلك التوقعات التي أجمع عليها المحللون، ستكون تركيا قد رفعت أسعار الفائدة بنسبة 34 نقطة مئوية خلال العام الجاري.
تشديد نقدي
يأتي تشديد السياسة النقدية في إطار تحوّل اقتصادي جذري في تركيا منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو الماضي. اتخذت محافظة البنك المركزي التركي حفيظة غاية أركان ووزير المالية محمد شيمشك -وهما مصرفيان سابقان في “وول ستريت” جرى تعيينهما في يونيو الماضي- مساراً مغايراً لأعوام من السياسة النقدية والمالية التيسيرية التي يُعتقد أنها تسببت في أحد أعلى معدلات التضخم على مستوى العالم، وبإثارة مخاوف تسببت في خروج المستثمرين الأجانب.
تتوقع بنوك عالمية عديدة، من بينها “دويتشه بنك” و”جيه بي مورغان تشيس” أن تكون السندات في تركيا من بين الأفضل أداء بين الأسواق الناشئة في العام المقبل بسبب تحول السياسة النقدية.
يُرجّح “دويتشه” و”مورغان ستانلي” أن يرفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة مرة أخرى إلى 45% في يناير المقبل.
أوضحت لجنة السياسة النقدية الشهر الماضي أنها ستخفض وتيرة زيادة أسعار الفائدة مع صدور قرار سعر الفائدة في ديسمبر الجاري. وكانت قد رفعت أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس في اجتماعها الأخير في نوفمبر .
بلغ التضخم 62% على أساس سنوي، ويعتقد البنك المركزي أنه سيتراجع إلى 36% مع نهاية 2024. وحثت إركان المستثمرين في أوراق الدخل الثابت على التركيز على هذا الرقم المتوقع، وليس على الرقم الحالي.
يذكر أن سعر الفائدة الأساسي في تركيا هو معدل أسبوعي، ورفعه إلى 42.5% يعادل فعلياً 53% فائدة مركبة على مدى سنة.
صعود الأجور
زيادة الأجور في أوائل 2024 قد تسفر عن تغيير مسار السياسة النقدية، نظراً للتأثير المحتمل على معدل التضخم.
يشير “مورغان ستانلي” و”غولدمان ساكس غروب” إلى أن البنك المركزي يمكن أن يترك الباب مفتوحاً أمام رفع أسعار الفائدة إذا ارتفع الحد الأدنى للأجور متجاوزاً التوقعات. يتوقع البنكان أن يتراوح ارتفاع الحد الأدنى للأجور من 40% إلى 50% تقريباً.
تركيا تتجنب شبح الركود رغم تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي
أوضح محللون في “غولدمان” بمن فيهم باساك إديزجيل في مذكرة للعملاء، أن “حجم الزيادة السنوية في الحد الأدنى للأجور في يناير المقبل له أهمية خاصة”.
رفع أردوغان الحد الأدنى للأجور مرتين خلال العام الجاري، في محاولة لتخفيف تكاليف المعيشة للمواطنين الأتراك وتعزيز شعبيته قبيل الانتخابات الرئاسية.
يتجه الأتراك نحو صناديق الاقتراع مرة ثانية خلال مارس، لإجراء الانتخابات البلدية، والتي يريد أردوغان من خلالها استعادة المدن الكبرى مثل اسطنبول وأنقرة.
تدخلات أردوغان
على الرغم ذلك، قلص أردوغان منذ أن بدأ فترة ولايته الثالثة تعلقه الشديد بأسعار الفائدة المنخفضة، وسمح لفريق عمله من التكنوقراط المؤيدين لسياسيات السوق بصلاحيات أكبر في اتخاذ القرارات الاقتصادية.
وصرح بأن الأجور لن تُعدل سوى مرة واحدة في العام المقبل، وليس بالدرجة التي تثقل كاهل أصحاب العمل أو تؤثر سلباً على عملية التوظيف.
أشارت إركان إلى أن زيادة الأجور وارتفاع أسعار الطاقة سيؤثران على طريقة تفكير السلطة النقدية.
وقالت لصحيفة محلية خلال عطلة نهاية الأسبوع: “ستتشكل طريقة تحركنا على مسار تشديد السياسة النقدية في أغلب الأحوال، بناء على مدى سرعة دخولنا لمرحلة هبوط التضخم، ومدى نجاحنا في ذلك”.