تبحث لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، اليوم في آخر اجتماع لها هذا العام أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.
كانت قد قررت لجنة السياسات النقدية في اجتماعها السابق يوم 2 نوفمبر، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 19.25% و 20.25% علي التوالي بعد رفعها 300 نقطة أساس منذ بداية العام وحتى تاريخه و800 نقطة أساس خلال عام 2022.
هاني جنينة يتوقع رفع أسعار الفائدة
من جهته توقع هاني جنينة، الخبير الاقتصادي، أن يتجه البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة بنحو 500 نقطة أساس على مرحلتين، الأولى خلال الاجتماع المقبل الذي يتزامن موعده مع نهاية العام الجاري، ويرفع فيه الفائدة بنحو 300 نقطة أساس في الوقت الراهن، و200 نقطة أساس في أول اجتماع للجنة السياسات النقدية في العام المقبل.
وتباينت توقعات بنوك الاستثمار حول قرار البنك المركزي المصري بشأن سعر الفائدة يوم الخميس المقبل، وسط ضبابية المشهد الاقتصادي في مصر، خصوصاً في ما يتعلق بتوقيت رفع سعر الوقود وتخفيض سعر العملة.
كما توقعت بنوك الاستثمار رفع المركزي المصري خلال اجتماعه الثامن والأخير لعام 2023 أسعار الفائدة بما يتراوح بين 100 و500 نقطة أساس لكبح جماح التضخم الذي يُعد ضمن الأولويات في برنامج الإصلاح الاقتصادي ضمن إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأشار مصرفيون إلى أن المركزي المصري قد يتبع نظيره الأمريكي حيث أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، أسعار الفائدة دون تغيير، وذلك للمرة الثالثة على التوالي، لتظل عند مستوى يتراوح بين 5.25 و5.5 بالمئة، وهو الأعلى منذ 22 عاما، وتبعه في ذلك عدد من البنوك المركزية العالمية مثل المركزي الأوروبي، بنك الصين المركزي، بنك اليابان المركزي.
وأشار الفيدرالي في توقعات اقتصادية جديدة إلى أن التشديد التاريخي للسياسة النقدية الأميركية بلغ نهايته وأن تكاليف الاقتراض ستنخفض في 2024، حيث توقع انخفاضا بمقدار 75 نقطة أساس خلال العام المقبل.
أسباب الإبقاء على أسعار الفائدة
«إتش سى» تتوقع تثبيت سعر الفائدة
أصدرت إدارة البحوث بشركة اتش سى للأوراق المالية والاستثمار توقعاتها بشأن قرار لجنة السياسات النقدية المحتمل في ضوء الوضع الراهن لمصر، حيث توقعت أن تثبت اللجنة سعر الفائدة في اجتماعها المقرر عقده الخميس 21 ديسمبر.
سعر الفائدة
قالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة اتش سى: ” بناء علي تراجع معدلات التضخم في مصر خلال الشهرين السابقين علي التوالي، قمنا بخفض توقعاتنا لمعدلات التضخم، حيث نتوقع ارتفاع التضخم للحضر بنسبة 1.9% على أساس شهري و 34.4% على أساس سنوي في ديسمبر، الأمر الذي يعكس نقص المعروض في السلع الأساسية وغيرها المتأثرة بخفض الواردات، بالاضافة الي تصدير بعض المحاصيل الزراعية وانخفاض السيولة الدولارية.
كذلك قامت الحكومة المصرية بخفض توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي 2023/2024 إلي 3.5% بدلا من 4.2% في توقعاتها السابقة، وفقا لما أعلنته وزيرة التخطيط، والذي يعد أقل أيضا من توقعاتنا عند 4.0%.
ووفقا للبيانات الواردة عن البنك المركزي المصري، اتسعت صافي التزامات القطاع المصرفي من العملة الأجنبية بمقدار 340 مليون دولار على أساس شهري مسجلة 27.2 مليار دولار في أكتوبر 2023 وذلك بسبب تزايد صافي التزامات البنك المركزي المصري بمبلغ 823 مليون دولار الي 11.3 مليار دولار، والتي علي الأرجح تتعلق بتسديد بعض من ديون مصر الخارجية. و بالمثل اتسعت الفجوة بين أسعار صرف العملات الأجنبية في السوق الموازية والرسمية بما يصل إلى 60% و30% تقريبًا بين سعر الصرف الحقيقي (RER) وسعر الصرف الحقيقي الفعلي (REER)، بناءً على حساباتنا.
أما علي الجانب الإيجابي، ارتفع صافي احتياطي النقد الأجنبي بنسبة 4.9% على أساس سنوي و 0.20% على أساس شهري إلي 35.2 مليار دولار في نوفمبر، كما ارتفعت الودائع الغير مدرجة في صافي الاحتياطي الأجنبي بنسبة 11.8% تقريبا على أساس شهري و 3.71 مرة على أساس سنوي لتصل الى 6.18 مليار دولار في نوفمبر.
كما انخفض مؤشر قيمة مبادلة مخاطر الائتمان في مصر لمدة عام واحد إلى 870 نقطة أساس من مستواه عند 1577 نقطة أساس في الاجتماع السابق للجنة، ولهذا نقدر متوسط العائد من قبل المستثمرين عند 27.9% (قبل الضرائب) بناءا علي حسابتنا، الأمر الذي يعكس عائد حقيقي إيجابي بنسبة 0.11% (بعد خصم 15% ضرائب علي المستثمرين من أوروبا و أمريكا) و ذلك بمتوسط لأسعار التضخم عند 23.6% خلال السنة المقبلة و ذلك بالمقارنة بعائد حقيقي سلبي بنسبة 0.50% لأخر طرح لأذون الخزانة لمدة عام عند 27.2%.
توقع هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، أن تبقي لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها الأخير لهذا العام المقرر عقده في 21 ديسمبر 2023.
أشار إلى أن هناك عدة مبررات لهذه التوقعات، منها استقرار معدل التضخم الذي سجل انخفاضًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، حيث سجل معدل التضخم لإجمالي الجمهورية 36.5% مقابل 38.5% في أكتوبر الماضي.
ويرجع هذا الانخفاض إلى عدة عوامل منها انخفاض أسعار السلع والمنتجات الزراعية العالمية مثل القمح والحبوب والزيوت النباتية، بشكل ملحوظ في نوفمبر 2023. وقد ساهم هذا الانخفاض في انخفاض أسعار المواد الغذائية في مصر، مما أدى إلى انخفاض معدل التضخم بشكل عام.
كذلك زيادة الإنتاج الزراعي المحلي، حيث شهدت مصر زيادة في الإنتاج الزراعي المحلي في نوفمبر 2023، مما أدى إلى زيادة المعروض من السلع الغذائية في الأسواق المصرية.
وتابع: قد ساهم هذا الزيادة في انخفاض أسعار المواد الغذائية في مصر، مما أدى إلى انخفاض معدل التضخم بشكل عام كما ساهم ارتفاع أسعار الفائدة على مدار عام و نصف في ارتفاع تكلفة الاقتراض وخفض الطلب على السلع والخدمات.
ولفت إلى أن التقديرات تشير إلى أن النمو الاقتصادي في مصر سيتباطأ خلال عام 2023، حيث من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 3.7% و 4.1% في 2024 وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي. ويرجع هذا التباطؤ إلى عدة عوامل، وارتفاع أسعار الفائدة، و ضعف مرونة سعر الصرف.
بناءً على العوامل المذكورة أعلاه، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
وتجدر الإشارة الى أنه من المحتمل أن يكون هناك تأثير للمحادثات الجارية بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي بشأن زيادة قيمة برنامج القرض لمصر على قرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة،
إذا نجحت المحادثات في زيادة قيمة برنامج القرض لمصر، وتحسن أداء الاقتصاد المصري فقد يؤدي ذلك إلى خفض الضغوط على البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة.
في النهاية، سيعتمد قرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة على مجموعة من العوامل، بما في ذلك نتائج المحادثات الجارية مع صندوق النقد الدولي، وتطورات الاقتصاد المصري، وتوقعات التضخم.