عادت أسعار الذهب إلى الارتفاع مع بداية تداولات الأسبوع وذلك بدعم من التوقعات أن البنك الاحتياطي الفيدرالي في طريقه إلى التوقف مؤقتا عن رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في سبتمبر الجاري وذلك بعد عدد من البيانات الضعيفة التي تصدرت عن الاقتصاد الأمريكي كان آخرها ارتفاع معدل البطالة.
تتداول أسعار الذهب الفورية وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1942 دولار للأونصة مترفعة خلال جلسة اليوم بنسبة 0.2% لتقترب من أعلى مستوى في شهر الذي سجلته يوم الجمعة الماضية عند المستوى 1953 دولار للأونصة.
ارتفع الذهب خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.3% وذلك بعد صدور عدد من البيانات الاقتصادية عن قطاعات مختلفة في الاقتصاد الأمريكي أظهرت تباطؤ الأمر الذي يدل على بداية ظهور تأثير واضح لسلسلة رفع أسعار الفائدة التي بدأت منذ مارس 2022 على النشاط الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية.
بالتالي تزايدت التوقعات أن البنك الفيدرالي قد يتوقف خلال اجتماعه القادم في 19-20 سبتمبر عن رفع الفائدة للعمل على تقييم الوضع الحالي للاقتصاد قبل اتخاذ قراره بوقف عمليات رفع الفائدة بشكل كامل أو العودة إلى رفع الفائدة مجدداً في اجتماع نوفمبر.
التسعير الحالي في الأسواق يشير إلى احتمال بنسبة 94% أن يقوم البنك الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر، واحتمال آخر بنسبة 57.7% بتثبيت الفائدة أيضاً خلال اجتماع شهر نوفمبر.
تداولات الذهب حتى موعد اجتماع البنك الفيدرالي في سبتمبر الجاري ستعتمد بشكل كبير على أداء الدولار وعوائد السندات الحكومية الأمريكية، في ظل العلاقة العكسية القوية التي تربط بينهما، وفق جولد بيليون.
انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية خلال جلسة اليوم بنسبة 0.1% ولكنه يتداول بالقرب من أعلى مستوى سجله الأسبوع الماضي، وذلك بعد أن شهد الدولار سلسلة من الارتفاع استمرت 7 أسابيع متتالية.
من جهة أخرى شهد العائد على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات تراجع خلال الأسبوعين الماضيين وذلك بعد تسجيل أعلى مستوى منذ 15 عام، ولكن يبقى العائد يتداول فوق المستوى 4% الأمر الذي يمثل ضغط على أسعار الذهب.
الذهب يرتبط بعلاقة عكسية مع عوائد السندات الأمريكية، وذلك بسبب أن الذهب لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات التي تقدم عائد يتزايد مع ارتفاع الفائدة الأمريكية، بينما يتأثر الذهب أيضاً بعلاقة عكسية مع الدولار الأمريكي منذ كون الذهب سلعة تسعر بالدولار
.
توقف التشديد النقدي يدعم الذهب على المدى القصير
من المتوقع أن يجد الذهب الدعم على المدى القصير في حال توقف سياسة التشديد النقدي من قبل البنك الفيدرالي، الأمر الذي سيعيد الذهب لجذب الاستثمارات من جديد بعد التراجعات التي شهدها من قبل.
ولكن حقيقة أن الفائدة الأمريكية قد تستقر عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من 20 عام سيحد من فرص مكاسب الذهب على المدى المتوسط خاصة أن بيانات التضخم تظهر استقرار في المعدلات وعدم استجابة سريعة لقرارات البنك، وسيبقى الأداء الإيجابي للذهب يعتمد على توقيت بدء الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة.
تنتظر الأسواق هذا الأسبوع تصريحات عدد من أعضاء البنك الفيدرالي والتي قد تساهم في رسم توقع للسياسة النقدية للبنك، بينما قد تشهد تداولات الذهب اليوم بعض الهدوء بسبب عطلة الأسواق الأمريكية.
البنك الاحتياطي الفيدرالي أشار في أكثر من مناسبة أن قرارات الفائدة ستعتمد على البيانات الاقتصادية التي تصدر حتى موعد اجتماع البنك، وبالتالي سيظل الذهب يتأثر بالبيانات التي تصدر خلال الفترة القادمة، خاصة أن المعدن النفيس لم يثبت أقدامه في اتجاه صريح حالياً.
الذهب يعود لجذب الاستثمارات مجدداً
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 29 اغسطس، انخفاض كبير في الطلب على عقود بيع الذهب بمقدار 11612 عقد مقارنة مع التقرير السابق، بينما عاد الطلب على عقود شراء الذهب إلى الارتفاع بمقدار 9714 عقد مقارنة مع التقرير السابق.
اظهر التقرير أيضاً ارتفاع إجمالي قرارات التداول على عقود شراء الذهب إلى 252 أمر تداول بينما وصلت أوامر التداول على عقود بيع الذهب إلى 172 أمر تداول.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر انخفاض كبير في الطلب على عقود بيع الذهب الأمر الذي يعكس تغير نظرة الأسواق للذهب خلال النصف الثاني من أغسطس وهو الأمر الذي انعكس بشكل واضح على أسعار الذهب.
ضعف البيانات الاقتصادية الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي زادت من فرص الذهب في تحقيق المكاسب لأنها تدل أن البنك الفيدرالي قد لا يلجأ إلى رفع جديد في أسعار الفائدة حتى نهاية العام.
ولكن لا ننسى أن الاتجاه الهابط لا يزال هو المسيطر على أسعار الذهب على المدى القصير وبالتالي قد نرى أسعار الذهب تعود إلى الانخفاض وقد نشهد تصحيح سلبي آخر وإعادة اختبار للمستوى 1900 دولار للأونصة، قبل أن يستعيد الذهب قدرته على الارتفاع مجدداً.
أسعار الذهب في مصر
تشهد أسعار الذهب محلياً استقرار وتداولات في نطاقات محددة منذ الأسبوع الماضي، وذلك في ظل فقدان الذهب القدرة على اتخاذ اتجاه صريح في الأسواق، يأتي هذا بسبب عدم اليقين الحالي في الأسواق وتراجع الطلب على الذهب بالإضافة إلى تذبذب تحركات سعر صرف الدولار في السوق الموازية.
افتتح سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الاثنين عند المستوى 2215 جنيه للجرام قبل أن يرتفع بمقدار 5 جنيهات ويتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 2220 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم عند 17760 جنيه، وفق جولد بيليون.
الفترة الأخيرة شهدت محاولات كثيرة لسعر الذهب لكسر المستوى 2200 جنيه للجرام ولكنها كانت محاولات فاشلة الأمر الذي دفع السعر إلى الاستقرار في التداول أعلى هذا المستوى في نطاقات ضيقة من التداولات لا تزيد عن 25 جنيه للجرام.
كسر المستوى 2200 جنيه للجرام يفتح الباب لمزيد من الهبوط في سعر الذهب لأنه سيزيد من المخاوف لدى حائزي الذهب وسيدفعهم إلى البيع قبل أن يتراجع سعره أكثر، وبالتالي سيتزايد المعروض من الذهب في السوق في الوقت الذي يشهد فيه الطلب تراجع، وقد يستهدف الهبوط مستويات 2150 ومن بعدها 2130 جنيه للجرام.
الطلب الحالي على الذهب يشهد بعض التراجع في الأسواق في الوقت الذي يشهد فيه سعر صرف الدولار في السوق الموازية بعض التراجع منذ اعلان انضمام مصر إلى تكتل بريكس، وقد ساعد هذا على تهدئة أسعار الذهب المحلي الذي يتم تسعيره بالاعتماد على سعر الذهب في السوق الموازية.
من جهة أخرى تترقب الأسواق موعد مراجعة صندوق النقد الدولي والتي من المفترض أن تحدث خلال شهر سبتمبر الجاري ولكن دون تأكيدات حتى الآن، وصاحب هذا تسريبات واشاعات بإمكانية حدوث تعويم جديد للجنيه تزامناً مع مراجعة الصندوق.
ولكن حتى الآن لا يوجد أي تأكيد رسمي يؤكد أو ينفي أياً من هذا الأمر الذي يدفع الأسواق إلى الحذر وترقب التطورات الحالية في الأسواق.
من جهة أخرى قامت وكالة كابيتال إنتليجنس للتصنيف الائتماني تصنيف الديون المصرية طويلة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية لتصل إلى B بعد أن كانت عند B+ وقامت الوكالة بتعديل النظرة المستقبلية إلى مستقرة بعد أن كانت سلبية، بينما استقر تصنيف الديون قصيرة الأجل عند B.
وأشارت الوكالة أن خفض تصنيف الديون المصرية يرجع إلى تزايد عدم اليقين بشأن ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي للبلاد في مقابل المخاطر التي تواجه تدفق التمويل بالعملات الأجنبية.
أيضاً وتيرة عمليات الإصلاح في مصر متواضعة على حد وصف الوكالة خاصة ملف الطروحات الحكومية ومرونة سعر الصرف، الأمر الذي يؤثر على ثقة المستثمرين وبالتالي على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على البلاد.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
يتداول الذهب بشكل حيادي حالياً بين مستويات 1930 – 1950 دولار للأونصة في ظل محاولات الذهب لتجميع زخم إيجابي كافي لاختراق مستوى المقاومة 1950 والذي يفتح الباب إلى المستهدف الرئيسي عند منطقة 1975 – 1980 دولار للأونصة التي تمثل منطقة المقاومة الرئيسية.
فشل الذهب في اختراق المستوى المذكور يعيده لاختبار مستوى الدعم 1930 دولار للأونصة وفي حالة كسره يعيد الذهب إلى منطقة الدعم 1900 – 1907 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً فتستمر في التداول فوق 2200 جنيه للجرام عيار 21 في نطاق ضيق في محاولات مستمرة لكسر هذا المستوى، والذي قد يفتح الباب لمزيد من الهبوط واستهداف منطقة 2150 – 2155 جنيه للجرام، ومن بعدها 2130 جنيه للجرام.
فشل الذهب المحلي في كسر المستوى المذكور قد يدفعه إلى تكوين زخم لعكس حركته لأعلى، وفي هذه الحالة قد يستهدف المستوى 2250 جنيه للجرام وبعدها يختبر مستوى المقاومة 2300 جنيه للجرام.