بدأت خطوة انضمام مصر لتكتل “بريكس” تؤثر في تعاملات السوق السوداء للدولار في مصر، حيث انخفض سعر العملة الأمريكية بالسوق الموازية خلال الساعات القليلة الماضية بعد سلسلة من الأنباء الهامة، كان أهمها انضمام مصر للتكتل الاقتصادي الشهير.
وكان الجنيه المصري قد تراجع أمام العملة الأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية بعد حزمة من التقارير والتوقعات الصادرة من بنوك ومؤسسات دولية التي أفادت بحدوث تخفيض محتمل في قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية. وذلك باعتبار أن هذا التخفيض مرتبط بمراجعة صندوق النقد الدولي الأولى والمقررة الشهر المقبل.
وبشكل عام، يتراجع الدولار في السوق السوداء كلما كانت هناك أنباء مطمئنة حول وضع الاقتصاد المصري، أو صدور توقعات من مؤسسات وبنوك دولية تفيد بعدم تراجع الجنيه في القريب العاجل، حيث يرتفع العرض ويقل الطلب في هذه الحالة. والعكس صحيح، يرتفع الدولار ويزداد الطلب كلما كانت الأنباء سلبية وغير مطمئنة.
الدولار يتراجع بالسوق السوداء
أحدثت دعوة تكتل بريكس لـ 6 دول من بينها مصر إلى الانضمام للمجموعة تغيرات ملحوظة بالسوق السوداء للدولار ظهرت أثاراها خلال الساعات القليلة الماضية.
وتعول مصر على انضمامها للتكتل كأحد حلول مواجهة أزمة شح العملات الأجنبية بالبلاد. حيث تسعى مصر عبر هذه الخطوة إلى تخفيف الضغط على النقد الأجنبي في البلاد، نظراً إلى تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة بعد شح ملحوظ في السيولة الدولارية بالبلاد.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تنامي الحديث في الفترة الأخيرة عن احتمال إنشاء مجموعة بريكس عملتها الخاصة، الأمر الذي من شأنه أن يقلل من الطلب على الدولار الأمريكي، وبالتالي سيضعف موقف الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.
وفي الوقت نفسه، أشار أحد الخبراء الاقتصاديين أن انضمام مصر للتكتل من شأنه المساهمة في حل أزمة الدولار التي تعاني منها مصر في الوقت الحالي. إذ أكدت حنان رمسيس، خبيرة سوق المال المصري، أن تعويما جديدا للجنيه أمام الدولار الأمريكي في تلك المرحلة غير وارد في أجندة الحكومة، نظرا لما سوف يترتب عليه من تداعيات خطيرة، وهناك بدائل أخرى يجري العمل عليها للتخفيف من الأزمة ومن بينها الانضمام إلى مجموعة “بريكس”.
الطروحات الحكومية
تلقت السوق السوداء للدولار ضربة جديدة مع صدور وثيقة “سياسة ملكية الدولة” التي أفادت بأن الحكومة المصرية تعتزم طرح حصص في 5 شركات ضمن برنامج الطروحات الحكومية، بالإضافة إلى محطات تحلية مياه حتى نهاية النصف الأول من العام المقبل، حيث إن البرنامج يستهدف جمع 5 مليارات دولار خلال هذه المرحلة، وهو ما يبشر بانفراجة في أزمة شح الدولار، وهو تسبب في هزة بالسوق السوداء.
ورفعت الحكومة المصرية عدد الشركات ضمن برنامج الطروحات إلى 35 شركة، حيث تم تضمين “الشرقية للدخان (EGX:EAST)”، و”المصرية للاتصالات (EGX:ETEL)”، و”العز الدخيلة للصلب (EGX:IRAX)” إلى البرنامج، والذي كان يشمل 32 شركة.
وأوضحت وثيقة “سياسة ملكية الدولة”، أن البرنامج يستهدف جمع 5 مليارات دولار خلال هذه المرحلة، الجزء الأكبر منها يرجع إلى طرح 70% من محطة كهرباء سيمينز في “بني سويف”، والمتوقع تنفيذه في يونيو من العام المقبل، بعد الحصول على موافقة الدائنين على إعادة الهيكلة ونقل الدين البالغ 735 مليون دولار على المحطة من الشركة القابضة لكهرباء مصر إلى الشركة الجديدة المخصصة لهذا الغرض. ولم تستبعد الحكومة طرح حصة من الشركة في البورصة المصرية.
عودة ثقة المستثمرين
عادت ثقة المستثمرين في السندات المصرية مرة أخرى، على الرغم من الاضطرابات التي شهدتها مؤخرًا. حيث أظهرت البيانات أن المستثمرين أصبحوا يطلبون عوائد أقل لشراء سندات مصر، في إشارة إلى تحسن نظرتهم للاقتصاد المصر.
وأفادت بيانات مؤشر بلومبرغ المجمع لديون الأسواق الناشئة بالدولار (Bloomberg EM USD Aggregate index)، بتراجع الفارق بين عائد المؤشر الذي يقيس أداء سندات الأسواق الناشئة وعائد سندات الخزانة الأميركية بنحو 6 نقاط أساس، ووصل إلى 315 نقطة خلال الأسبوع الماضي. وكان تراجع الفارق المتعلق بالسندات المصرية هو الأكبر مقارنة ببقية الدول الأخرى.
منذ بداية العام تراجع الفارق لمؤشر بلومبرغ المجمع بنحو 24 نقطة أساس.
كانت تراجع الفارق بين سندات الشركات المصرية بالدولار ونظيرتها لنفس الأجل من الديون الحكومية الأميركية هو الأكبر بين سندات الأسواق الناشئة خلال الأسبوع الماضي.
الفارق بين السندات ونظيرتها من السندات الحكومية الأميركية لنفس الأجل يُسمى أيضاً علاوة المخاطر، وكلما قل هذا الفارق يعني زيادة الثقة في هذه السندات ومُصدرها، وكلما زادت تعكس عدم ثقة المستثمرين إذ يرغبون في الحصول على عائد أكبر مقابل تحمل مخاطر الاستثمار بتلك السندات.
بدأ تحسن أداء السندات المصرية يظهر مطلع الشهر الجاري، بعدما استأنفت الدولة دورة التشديد النقدي، مما عزز التفاؤل بأن السلطات ستواصل تنفيذ برنامج الإنقاذ الذي وضعه صندوق النقد الدولي لها حسب الخطة المقررة.
كما انخفضت تكلفة التمويل على الديون السيادية لمصر أجل 5 سنوات والمعروفة باسم “CDS” إلى أدنى مستوى في أسبوعين عند 1436 نقطة، إذ تراجعت في المتوسط بأكثر من 1.5% يومياً على مدى الأيام الخمس الماضية، انخفاضاً من أعلى مستوى مسجل منذ يوليو الماضي والبالغ 1562 نقطة.
الدولار بالسوق السوداء اليوم
ظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند حوالي 30.90 جنيه للدولار منذ أشهر، بينما انخفض سعر الدولار أمام العملة المصرية في السوق السوداء إلى مستويات تتراوح بين الـ 39 والـ 40 جنيه للدولار الواحد، وذلك بعدما وصل الأسبوع الماضي لمستوى الـ 41 جنيه للدولار.