تخفيض آخر لقيمة الجنيه ليس “الطريق الصحيح للمضي قدما” بالنسبة لمصر ويمكن أن يصعب مهمة جذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، حسبما كتب محللو دويتشه بنك في مذكرة بحثية يوم الاثنين.
ويرى صندوق النقد الدولي أن سعر الصرف المرن بشكل دائم ضروري لدعم الاقتصاد وتقوية الاحتياطيات الأجنبية، مما جعله شرطا محوريا في برنامج قرض مصر البالغة قيمته 3 مليارات دولار. “من غير المرجح أن يؤدي تخفيض رابع لقيمة العملة إلى حل التحديات الكامنة في مصر، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية في جذب التدفقات المستدامة إلى مصر”، حسبما قال محللو دويتشه بنك.
مبررات تحليل دويتشه بنك:
ـ تخفيض قيمة العملة لن يفعل الكثير لتشجيع الاستثمار طويل الأجل: “فشلت التخفيضات السابقة في جذب تدفقات استثمارية مستدامة، باستثناء بعض (التدفقات) قصيرة الأجل”، ومن المستبعد أن يكون التخفيض الرابع مغايرا لما سبق، وفقا للمذكرة. جاء الطلب على أدوات الدين الحكومية متنوعا، وذهبت التدفقات الوافدة في الغالب نحو أذون الخزانة قصيرة الأجل، مما أدى إلى تقصير متوسط آجال استحقاق ديون الحكومة.
سيؤثر ذلك على قدرة الدولة على تحمل الديون: “تخاطر مصر بتمويل استحقاقات الديون طويلة الأجل بديون قصير الأجل بمعدلات فائدة أعلى كثيرا”، طبقا للمذكرة. تستحق نحو 52 مليار دولار من الديون طويلة الأجل في عامي 2023 و2024، إضافة إلى 64 مليار دولار من السندات المتوقع تجديدها.
ـ عجز الحساب الجاري لا يستدعي تخفيضا جديدا: بدأ عجز الحساب الجاري يتقلص بالفعل في أعقاب التخفيضات السابقة في قيمة العملة، وحقق فائضا لأول مرة منذ عام 2014 في الربع الأخير من عام 2022. ورغم توقعات دويتشه بنك باستمرار العجز حتى نهاية عام 2023، لكنه يقول إن هناك “مساحة محدودة لمزيد من التراجع” في العجز، بفضل ارتفاع عائدات السياحة وقناة السويس وتراجع الطلب على الواردات.
ـ الجنيه المصري مقوم بأقل من قيمته العادلة: يقدر دويتشه بنك أن الجنيه مقوم بأقل من قيمته بنحو 10%، وفقا لسعر الصرف الفعلي الحقيقي. وذلك رغم استقرار سعر الصرف منذ ثلاثة أشهر، بعد تخفيض قيمة العملة المحلية في يناير من العام الحالي بنسبة 20%.
تقلصت احتمالية حدوث تخفيض جديد لقيمة العملة في الأسابيع الأخيرة: تراجعت البنوك الاستثمارية عن توقعاتها بشأن تخفيض وشيك في قيمة العملة، وتتوقع الآن حدوثها في وقت لاحق من العام. واستبعد الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي تخفيضا جديدا قائلا، إنه لن يُسمح بتخفيض إضافي لقيمة العملة إذا عرّض الأمن القومي للبلاد للخطر وعمق معاناة المواطنين.
الانتقال إلى سعر صرف مرن بشكل دائم كان شرطا رئيسيا لبرنامج صندوق النقد الدولي. كان من المقرر أن يجري الصندوق المراجعة الأولى في منتصف مارس، لكنه أجلها وسط عدم إحراز تقدم في الوفاء بالعديد من الالتزامات الرئيسية في البرنامج، وخاصة تخفيض قيمة العملة والتحول لسعر صرف أكثر مرونة بشكل دائم وتأمين مليارات الدولارات من مبيعات الأصول المملوكة للدولة. يتوقع دويتشه بنك أن يختتم صندوق النقد الدولي مراجعته الأولى في أواخر الربع الثالث من العام، بالتزامن مع خفض إضافي لقيمة العملة المحلية.
المسار البديل: “يجب أن يتحول التركيز إلى معالجة جذور المشكلة، وهي رصيد الدين المحلي لمصر”، وفقا لمحللي دويتشه. يرى المُقرض الألماني ضرورة أن تطيل مصر آجال استحقاق ديونها، لكنه يعتقد أن الأمر غير مطروحا، “نظرا للأولويات الحالية لصندوق النقد الدولي”.
التوقعات الرئيسية في المذكرة:
سينخفض سعر الصرف إلى 37 جنيها للدولار الواحد بنهاية العام.
تشير التوقعات حتى منتصف العام إلى استمرار تداول الجنيه عند 31 مقابل الدولار، وهي قيمة تقترب من أن تصبح واقعا.
سيرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس.