يواجه الاقتصاد المصري تحديات عديدة بسبب ظروف عالمية ومنها محلية نتجت عن الأزمة الروسية الأوكرانية وتبعات جائحة كورونا وأزمة ارتفاع أسعار الطاقة ونزوح الاستثمارات الأجنبية عقب تحريك الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، إلا أن أكثر ما يؤرق السوق المصري هو ارتفاع الديون الخارجية التي بلغت نحو 160 مليار دولار، وتعد مصر مطالبة بتسديد نحو 25 مليار دولار سنويا على مدي أربع سنوات مقبلة منها 10.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي، و6.2 مليار يورو للسندات المقومة باليورو خلال العامين الماليين المقبليين.
خطة مصرية طموحة لبرنامج الطروحات الحكومية
ولجأت الحكومة المصرية إلى العديد من الحلول التي تعدها مرنة في مواجهة تلك التحديات، وكان أبرزها برنامج الطروحات الحكومية الذي تستهدف منه مصر جذب ملياري دولار قبل نهاية يونيو المقبل عن طريق بيع نحو 32 شركة في البورصة وتعزيزمشاركة القطاع الخاص تشمل 18 قطاعا اقتصاديا، و3 بنوك، هي بنك القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربى الأفريقى الدولى.
إرجاء تعويم الجنيه
ويدور الحديث في الأوساط الاقتصادية عن إجراء تعويم جديد في ظل التحركات المكثفة التي تجريها الحكومة في ملف الطروحات، للحصول على عوائد دولارية توازي حجم الالتزامات المستحقة على الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة.
وتوقع لويس كوستا المحلل الاستراتيجي في «سيتي جروب» أن يشهد الجنيه المصري انخفاضا حاداً قبل نهاية السنة المالية المصرية المنتهية في 30 يونيو قد يعرقل هدف الحكومة المتمثل في عجز الميزانية بنسبة 6.5 في المئة واستقرار ديون البلاد بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
كما توقَّع بنك بريطاني مزيداً من التراجع للجنيه المصري مقابل الدولار ليصل إلى38.4 جنيه مقابل الدولار، في ظل ثبات سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري عند 30.9 جنيه لكل دولار منذ مارس الماضي، وبلوغه في السوق الموازية أكثر من 40 جنيهاً.
وكانت خفّضت الحكومة سعر صرف الجنيه ثلاث مرات منذ أوائل 2022، لكنَّ المستثمرين يعتقدون أنَّ قيمته ينبغي أن تتراجع أكثر. بينما يتداول بسعر 30.9 جنيه للدولار، يتوقَّع “سوسيته جنرال” أن يهبط 16% إلى 37 بنهاية العام الجاري، أي قرب نفس مستواه الحالي في السوق السوداء. ويمثل انخفاض قيمة الجنيه عبئاً على الديون، إذ مع توقُّع تحريك جديد في سعر العملة المحلية لنحو 38 جنيهاً لكل دولار؛ ستصبح نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي أعلى من 100% بنهاية يونيو 2023 مقابل 91.6% في يونيو 2022، وفق تقديرات صندوق النقد.
التعويل على عائدات السياحية وتحويلات المصريين
وأشار إلى أن البنك المركزي المصري سينتظر على الأرجح عائدات السياحة الوفيرة والتي ستبلغ نحو 14 مليار دولار متدفقة عبر الاقتصاد قبل اتخاذ قرار في شأن الحاجة إلى إعادة تعويم آخر للجنيه، مرجحا ألا يقوم البنك المركزي المصري بتخفيض قوي آخر لقيمة الجنيه خلال الشهر المقبل أو نحو ذلك.
ترجع تحويلات المصريين في الخارج
تراجعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال النصف الأول من العام المالي الجاري بنسبة 23% مقارنة بنفس الفترة من عام 2021-2022، حيث وصلت تحويلات المصريين بالخارج خلال النصف الأول من عام 2022-2023 إلى 12 مليار دولار مقابل 15.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي الماضي، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
الحكومة جادة ففي تطبيق سعر صرف مرن
وكشف مسؤول في صندوق النقد الدولي، إن الحكومة المصرية جادة في تطبيق سعر صرف مرن للجنيه وهو شرط أساسي لاتفاقية قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع المقرض الذي يتخذ من واشنطن مقراً له.
رسالة طمأنة
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أن الدولة المصرية لم تخفق ولن تخفق في سداد أي التزامات دولية عليها، كونها ثوابت في السياسة المصرية، وفي العقيدة الخاصة بالدولة، وبتوجيه من القيادة السياسية، فإن مصر تحترم التزاماتها بالكامل، وبالتالي أؤكد أنها لم ولن تخفق في سداد أية التزامات عليها، والدليل أنه حتى هذه اللحظة لم نتأخر في سداد أي التزامات.
الدين الخارجي المصري في الحدود الآمنة
يذكر أن البنك المركزي أعلن في مارس 2023، تراجع رصيد الدين الخارجي لمصر بنهاية شهر سبتمبر 2022؛ ليسجل 155 مليار دولار؛ بتراجع قدره 700 مليون دولار، بمعدل 0.5% مقارنة بـ شهر يونيو 2022.
وأرجع تقرير صادر عن البنك المركزي، الانخفاض إلى تراجع سعر صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار الأمريكي بنحو 2.7 مليار دولار، بالإضافة إلى ارتفاع صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو ملياري دولار.
وفيما يتعلق بأعباء خدمة الدين الخارجي، أشار التقرير إلى أنها بلغت 4.8 مليار دولار خلال الفترة (يوليو- سبتمبر) من العام المالي 2023/2022 (الأقساط المسددة نحو 3.2 مليار دولار والفوائد المدفوعة نحو 1.6 مليار دولار).
ولفت إلى أنه وفقا للمؤشرات؛ فإن نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 32.4% نهاية سبتمبر 2022، وهي لا تزال في الحدود الآمنة؛ وفقا للمعايير الدولية.
كما أن هناك عدة أمور تثبت أن الدين الخارجي المصري في الحدود الآمنة، وهي أن الدين قصير الأجل 17% منه فقط، والدين طويل الأجل 83%، ما يعني الالتزامات في الوقت القصير قليلة مما يحد من الضغوط المالية بالعملة الصعبة،فضلاً عن أنه أقل مقارنة بالدول المثيلة.