خفضت مؤسسة ستاندرد أند بورز نظرتها المستقبلية لكل من البنك الأهلي المصري، وبنك مصر والبنك التجاري الدولي من مستقرة إلى سلبية مع الإبقاء على التصنيف الائتماني عند BB للبنوك الثلاثة، وهو ما أثار استفهام وسؤال العديد حول مدى قوة وصلابة القطاع المصرفي المصري.
وفي هذا السياق، قال هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، إنه على الرغم من تخفيض التوقعات المستقبلية لثلاثة بنوك كبرى في مصر من مستقرة إلى سلبية من قبل وكالة ستاندرد آند بورز (S&P) للتصنيف الائتماني، فإن تأكيد التصنيف عند BB يشير إلى أن البنوك لا تزال لديها قدرة معتدلة على الوفاء بالتزاماتها المالية ، وإن كان ذلك بمستوى أعلى من المخاطر.
وأرجع الخبير المصرفي، أسباب تخفيض النظرة المستقبلية إلى أن البنوك الثلاث يرتبطون ارتباطا وثيقا بجدارة الائتمانية وديناميكية الاقتصاد المحلي؛ لذلك كان لا بد من تعديل التصنيف الائتماني المستقبلي ليتماشى مع المخاطر المتعلقة بأداء الاقتصاد، وفي ضوء زيادة استثمارات القطاع المصرفي في السنوات الأخيرة، لتصل إلى 37٪ من إجمالي حجم استثماراته بحلول نهاية 2022،
أضاف: قد يكون لخفض التصنيف الائتماني للبنوك عدة آثار تشمل تكاليف الاقتراض المرتفعة فقد يؤدي التصنيف المنخفض من S&P إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للبنوك حيث قد يطلب المقرضون سعر فائدة أعلى للتعويض عن المخاطر المتزايدة.
أشار إلى أن هناك تأثير محتمل لانخفاض الوصول إلى أسواق رأس المال حيث يكون من الصعب على البنوك إصدارات سندات في الأسواق الدولية. قد يحد هذا من قدرتهم على النمو أو توسيع أعمالهم.
وقال: قد يكون لخفض التوقعات المستقبلية لثلاثة بنوك كبيرة في مصر من قبل ستاندرد آند بورز (S&P) آثار مهمة على القطاع المصرفي في مصر ككل. بعض هذه الآثار تشمل التأثير السلبي على ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في القطاع المصرفي بشكل عام في مصر. وقد يؤدي ذلك إلى تراجع الاستثمارات ويؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي العام في الدولة.
وأوضح، أن التصنيف يعكس زيادة تكاليف الاقتراض للبنوك في مصر ، مما يجعل الوصول إلى أسواق رأس المال أكثر تكلفة بالنسبة لهم. كما بمكن أن تتعرض البنوك الأخرى في مصر أيضًا للضغط ، حيث قد يكون هناك تأثير غير مباشر على النظام المصرفي ككل.
في سياق موازي قال محمد أنيس الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، إنه لا يوجد تأثير سلبي على القطاع المصرفي المصري من قرار وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز، حيث يمتلك الجهاز المصرفي عددا من المؤشرات ونقاط القوة التي تقوي وتعزز مركزه بين الأوساط المصرفية العربية، لافتا إلى أن نسبة الودائع وحجم السيولة ومعدلات الكفاية والقروض ونسبة التعثر في القطاع المصرفي جيدة جدا، موضحا أن تخفيض التنصيف مرتبط بالنظرة المستقبلية السلبية للاقتصاد المصري فبالتالي يتم تخفيض النظرة وفقا لذلك.
أضاف أنه من الصعب أن يكون هناك تأثير على القطاع المصرفي المصري، ولن يكون هناك تأثير على أموال المودعين لجودة القطاع.
ووفق تقرير حديث للبنك المركزي المصري، أوضح ارتفاع حجم أصول القطاع المصرفي المصري لنحو 8,758 تريليون جنيه في أكتوبر 2021 ،كما عكست مؤشرات السلامة المالية للبنوك المصرية تصاعد نسبة القاعدة الرأسمالية إلى الأصول المرجحة بأوزان المخاطر لنحو 19.3% في سبتمبر 2021، وقفزت صافي الاحتياطيات من النقد الأجنبي من حوالي 16.7 مليار دولار في يونيو 2014 إلى حوالي 41 مليار دولار أمريكي في نوفمبر 2021.
وأظهر مؤشر القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض تحسن في الأداء، حيث انخفض المؤشر من 8.5% في يونيو 2014 إلى 3.6 % في سبتمبر 2021.
وسجلت السيولة المحلية بنهاية 2022 سجلت 6.95 تريليون جنيه، وبلغ حجم الأصول 10.82 تريليون جنيه، بينما سجلت إجمالي القروض 3.618 تريليون جنيه.
وبلغت قروض القطاع الخاص نحو 1.389 تريليون جنيه، وقدرت قروض القطاع العائلي 724.2 مليار جنيه، فيما سجلت إجمالي الودائع 7.84 تريليون جنيه، وارتفعت ودائع القطاع الخاص بنحو 1.139 تريليون جنيه.
وسجلت ودائع القطاع العائلي 4.846 تريليون جنيه، فيا بلغت حقوق الملكية 706.8 مليار جنيه، وبلغ رأس المال نحو 2.88 مليار جنيه، فيما سجلت الاحتياطيات نحو 418 مليار جنيه.
وعلى الرغم من التحديات الدولية والتداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي ككل، الا ان القطاع المصرفي مازال يتمتع بقوة ومتانة مراكزه المالية وارتفاع معدلات السيولة مما يستدعى تدخل البنك المركزي المصرية من خلال أدوات السياسة النقدية والسوق المفتوح لسحب فائض السيولة من القطاع المصرفي بشكل اسبوعي مما يدل على ارتفاع معدلات السيولة في القطاع.
وعمل البنك المركزي علي تحقيق بيئة تشريعية قوية ترسخ تفوق القطاع المصرفة المصري وتعزز من استقلاليته وتحمى أموال عملائه وتم إصدار القانون رقم 194 لعام 2020 و الذى ينظم عمل القطاع المصرفي المصري ، وقد تضمن القانون مزيد من تعزيز استقلالية البنك المركزى فى ضوء أحكام الدستور، وتطوير قواعد الحوكمة سواء بالبنك المركزى أو البنوك، وضمان عدم تضارب المصالح، وزيادة التنسيق والتعاون بين الجهات الرقابية على القطاع المالى، كما يضمن أيضاً تدخل البنك المركزى المبكر لمنع حدوث الأزمات المصرفية، ومعالجة أوضاع البنوك المتعثرة، وتنظيم الرقابة والإشراف على نظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية، ووضع الأطر القانونية لتنظيم إصدار وتداول العملات الرقمية.
وقد تضمن القانون الجديد وضع قواعد للمنافسة العادلة ومنع الاحتكار وحماية حقوق العملاء فى الجهاز المصرفى، اعتماداً على أفضل الممارسات الدولية للبنوك المركزية، وتوصيات الخبراء الدوليين المتخصصين فى قوانين البنوك، بجانب القواعد الدولية للحوكمة، وأهمها القواعد الصادرة عن لجنة بازل، ومنظمة التعاون الإقتصادى والتنمية، والمقترحات التي وردت للبنك المركزى، وغيرها من الجهات ذات الصلة خلال السنوات العشر الماضية.
ويأتي ذلك بعد أن خفضت المؤسسة نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقرة إلى سلبية، حيث حذرت من مخاطر عدم القدرة على تلبية احتياجات البلاد التمويلية الخارجية إذا لم تنفذ مصر الإصلاحات الاقتصادية المرتبطة ببرنامج قرض صندوق النقد الدولي.
وأبقت الوكالة، في تقريرها، التصنيف الائتماني للأصول السيادية لمصر عند درجة B/B.
أشارت الوكالة إلى أن التوقعات السلبية تعكس مخاطر بأن إجراءات السياسة التي تنفذها السلطات المصرية قد لا تكون كافية لاستقرار سعر الصرف وجذب تدفقات العملة الأجنبية اللازمة لتلبية احتياجات التمويل الخارجية السيادية المرتفعة.
ولفتت الوكالة في تقريرها أن احتمالية تخفيض التصنيف في الـ 12 شهراً المقبلة إذا كان دعم التمويل متعدد الأطراف والثنائي أكثر محدودية من المتوقع.
وشددت “ستاندرد آند بورز” على ضرورة أن اتخاذ إجراء تقييم سلبي مسألة قد تحدث أيضاً في حالة استمرار الضغوط التصخمية بحيث يزيد خطر الاضطرابات الداخلية من بين تداعيات أخرى محتملة.
ومن جانب آخر تركت الوكالة احتمال مراجعة التوقعات إلى مستقرة في حالة ظهور وجود احتمالات أعلى لتلبية احتياجات مصر من التمويل بالعملة الأجنبية.
وتابعت الوكالة بأن إصلاحات السلطات المصرية الكبيرة، وأعلنت في ديسمبر الماضي ما قد تؤدي إلى تدفق مستمر للعملة الأجنبية إذا تم تنفيذها بالكامل.
وتشير توقعات “ستاندر آند بورز” بأن يبلغ متوسط نمو اقتصاد مصر في السنوات الثلاث المقبلة مستويات 4%.
وفي سياق متصل، أكد مصطفى مدبولي رئيس الوزراء ، التزام مصر بسداد ديونها والاستمرار في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية خلال الشهرين المقبلين بقيمة لا تقل عن 2 مليار دولار، فضلاً عن طرح 10 شركات تابعة للجيش، و تتزامن تلك التصريحات مع اقتراب مراجعة صندوق النقد الدولي للاقتصاد المصري