خرجت أمريكا عن صمتها حيال المحاولات التي تقوم بها الدول الإقتصادية من تحالفات لكسر هيمنة الدولار والاتفاق على عملة موحدة للتبادل التجاري بينهم كروسيا والصين والبرازيل والهند وغيرهم.
حيث يشهد العالم حرب نقدية حاليًا على إثر اندلاع موجات التضخم العالمي والمواجهات العسكرية في أوكرانيا، فبينما يتمسك الدولار بهيمنته على مقاليد الاقتصاد العالمي، يظهر اليوان الصيني في المشهد بقوة حاليًا كبديل للورقة الخضراء التي لطالما اشتهرت بكونها العملة الاحتياطية العالمية الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وأظهر تحليل لمؤسسة “أوراسيا ريفيو” الأمريكية حجم ما يتعرض له الدولار الأمريكي من ضغوط وتراجع في حصته في احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية عالميًا، وذلك منذ طرح العملة الأوروبية الموحدة “اليورو” في عام ١٩٩٩.
وتسعى العديد من الدول الكبرى إلى إنشاء تحالفات قوية من أجل الوقوف أمام هيمنة الدولار الأمريكي حيث قامت بعض الدول مثل روسيا والصين والبرازيل بالاعتماد على عملاتها الوطنية، حيث يعد الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية في مكونات الاحتياطي النقدي الأجنبي النقدية لمعظم الدول ويعد أيضًا العملة الرئيسية للتجارة الدولية والمعاملات المالية الدولية.
وزيرة الخزانة الأمريكية
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، أن العقوبات الاقتصادية على روسيا خصوصا، تشكل “خطرًا” على هيمنة الدولار، لكنها اعتبرت أنه من الصعب على الدول المعنية إيجاد بديل للعملة الأميركية.
وأضافت أن أسباب استخدام الدولار عملة عالمية تجعل من الصعب على الدول الأخرى إيجاد بديل بنفس الخصائص.
وتابعت وزيرة الخزانة الأميركية: “لدينا أسواق رأسمالية وسيادة قانون قوية للغاية، وهما أمران أساسيان لعملة تُستخدم عالميًا في المعاملات. ولم نر أي دولة أخرى لديها… بنية تحتية مؤسسية تسمح لعملتها لتؤدي هذا الدور العالمي”.
كما شددت جانيت يلين على أن العقوبات الاقتصادية “أداة بالغة الأهمية” تستخدمها دول حليفة أيضًا ضد روسيا ضمن “تحالف شركاء يعملون معًا”.
ويرى هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، إن محاولات الدول لزعزعة هيمنة الدولار الأمريكي من الأمور الصعبة والمعقدة وتحتاج إلى وقت وجهد كبيرين.
أضاف، أن بعض الدول مثل الصين وروسيا والسعودية في تبني عملاتها الوطنية لتعزيزها كبديل للدولار الأمريكي في التجارة الدولية.
أشار إلى أن الصين تسعى لتعزيز الاستخدام الدولي لليوان الصيني، وتقوية مكانتها في النظام المالي الدولي. وتشمل هذه الجهود إطلاق العديد من المنتجات المالية الجديدة باليوان، بما في ذلك السندات وصناديق الاستثمار ، إضافة إلى توسيع استخدام اليوان في المدفوعات الدولية وتعزيز الاتفاقات التجارية الدولية الأخرى باليوان الصيني.
ومن جانبها، تسعى السعودية إلى تعزيز الاستخدام الدولي للريال السعودي من خلال تنفيذ برنامج الرؤية السعودية 2030، والذي يهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتطويره بما يؤدي إلى جعل الريال السعودي أكثر قوة وجاذبية في السوق العالمية.
أوضح أن إنشاء نظام بديل للدولار يتطلب توافر العديد من العوامل الرئيسية مثل الثقة في النظام المالي والنقدي للدول المشاركة، وتوفر البنية التحتية اللازمة وقوة الاقتصاد الداعم. وحتى الآن، لم يشاهد أي تحولات جذرية في النظام النقدي العالمي.
في ذات السياق، يرى الدكتور اسلام شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إن اعتماد الدول على عملاتها المحلية يعزز من اقتصادها ويساعدها على التخفيف من تكلفة التبادل التجاري بين الدول، لكن في الوقت نفسه التخلي عن الدولار يحتاج إلى إجراءات وسياسات تتطلب مزيد من الوقت، ويبدو أن السعودية قد تلعب دورًا مهمًا وقد يكون حاسمًا في القضاء على هيمنة الدولار، حيث إنه إذا انتهت المبادلات النفطية بالدولار، فذلك يعني نهاية عصر الدولار الأمريكي
أوضح أن الدول تحاول أن تتكتل من خلال مجموعة البريكس حيث هناك أنباء عن احتمالية انضمام السعودية وإيران في البريكس وفي هذه الحالة سيكون هناك تحالف اقتصادي على المستوى الآسيوي مكون من الصين ،روسيا الهند، السعودية، إيران حيث هناك تخوف من استخدام أمريكا عملتها كسلاح سياسي واقتصادي إلى زيادة الضغط على الاقتصادات للدول الآسيوية مثلما حدث من فرض عقوبات على روسيا وعزلها من النظام المالي المعروف بالسويفت عقب حرب روسيا وأوكرانيا.
أشار إلى أن ما يحدث الآن من قِبل الصين والبرازيل وروسيا محاولة ترسيخ نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب اقتصاديًا وسياسيًا وليس أحادي القطب كما كان في الماضي، من أجل الوصول لصيغة جديدة تعيد النظر بدور الدولار والقضاء على هيمنته، ويتم التوصل لاتفاقيات حول عملات جديدة أو سلة عملات أو عملة مدعمة من خلال البنك الدولي لكن بعد تعديل نظامه بحيث يكون هناك مساهمة لكل الأطراف القوية اقتصاديًا.