كشف الخبير المصرفي محمد العال عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس الأسبق، أن قرار رفع الفائدة ليس هو الحل الامثل لمواجهة التضخم في ظل الظروف العالمية الحالية، حيث وصل معدل التضخم إلى أكثر من 40%.
وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا يــوم الخميس الموافـــق 30 مارس 2023 رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.25%، 19.25% و18.75%، على الترتيب.
كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.75%.
وقال الخبير المصرفي، إن رفع الفائدة لن يساعد فى الأجل القصير والمتوسط فى معالجة الوضع القائم ، قائلا: التضخم المصرى محصن الآن ضد سلاح رفع الفائدة ، وتَحَور صاعدا متأثرا بعوامل تغيرات سعر الصرف اولا ، وارتفاع كل ماهو مستورد ثانياً.
تخفيض الجنيه يزيد من ارتفاع معدل التضخم
أضاف في: نحن نعيش فى أوضاع اقتصادية قاسية، ونعاني من معدل تضخم غير مسبوق، ويالتالي يكون رد فعل السلطة النقدية فى أى دولة فى العالم، هو استخدام أهم وأشهر أداة لمقاومة التضخم، وهى رفع الفائدة وهذا ما تم لدى معظم دول العالم عبر تعاقب العقود الماضية، بما فيها أوروبا والولايات المتحدة.
برنامج الاصلاح الاقتصادى
ولفت إلى أنه تم استخدام تلك الأداة فى مصر مع بداية تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادى وتداعيات جائحة كورونا، ثم محاولة استخدامها لاحتواء التضخم الذى ساد مرحلة تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية وحتى الآن .
أشار إلى أن مصر تستورد أكبر بكثير مما تصدر ، ورفع الفائدة يزيد من تفاقم عجز الميزان التجارى ، وبالطبع زيادة كلفة تمويل عجز الموازنة وكلها مؤشرات سلبية تضغط على سعر الصرف، ولأن هناك علاقة طردية بين التضخم وسعر الصرف فأى تخفيض للجنيه يعنى ارتفاع معدل التضخم خاصة مع ثبات العوامل الأخرى.
استقرار سعر الصرف ضرورة
أوضح أنه لكى تنجح أداة الفائدة محلياً لابد أن تقف العوامل الخارجية المؤثرة سلباً علينا ، وأولها الحرب الروسية الاوكرانية، وتحقيق استقرار سعر الصرف حتى نسمح للنقد الاجنبى أن يتدفق بدون تردد.
وقال:« أعلم اننى قد اكون أسير عكس الاتجاه العالمى السائد ، وعكس توجهات صندوق النقد الدولى، ولكنى مع كل الاحترام والتقدير فإن ظروفنا ومشاكلنا فى مصر مختلفة عن ظروف ومشاكل دول أخرى تحارب التضخم برفع الفائدة».
التركيز على سياسة رفع الفائدة قد لا يجدي نفعا
وألمح إلى أن التركيز على سياسة رفع الفائدة بأكثر مما هى علية الآن ، قد لا يجدى نفعاً على المستوى الاقتصاد الكلى فى شقيه النقدى والمالى، موضحا أن الاستمرار فيما أخذت به لجنه السياسة النقدية الموقرة فى اجتماعها السابق بتثبيت الفائدة ، هو فى تصورى أفضل الحلول .
وقالت لجنة السياسات النقدية، إنه على الصعيد العالمي، انخفضت حدة توقعات أسعار السلع العالمية مقارنة بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق. وعلى الرغم من ذلك، استمرت حالة عدم اليقين المرتبطة بتوقعات تلك الأسعار. وتتمثل أهمها في اّفاق اختلالات سلاسل التوريد العالمية وتوقعات النشاط الاقتصادي العالمي، خاصةً في ضوء العدول عن سياسة الاغلاق المصاحبة لجائحة كورونا في الصين بالإضافة الى التطورات الأخيرة في القطاع المالي في الاقتصادات المتقدمة. وقد انعكست تلك التطورات في تقلبات كبيرة في الأوضاع المالية للاقتصاد الأمريكي والاتحاد الأوروبي، مما يؤكد ارتفاع مستويات عدم اليقين المتعلقة بالاقتصاد العالمي.
وعلى الصعيد المحلي، تباطأ معدل نمو النشاط الاقتصادي الحقيقي بشكل طفيف ليسجل 3.9% خلال الربع الرابع من عام 2022 مقارنة بمعدل نمو بلغ 4.4% خلال الربع الثالث من عام 2022. وبالتالي، سجل النصف الأول من العام المالي 2022/2023 معدل نمو بلغ 4.2%. وتشير البيانيات التفصيلية للربع الثالث من عام 2022 إلى أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي جاء مدفوعاً بتحسن النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، وخاصةً قطاعات السياحة والزراعة وتجارة الجملة والتجزئة. وبالإضافة إلى ذلك، استمرت معظم المؤشرات الأولية في تسجيل معدلات نمو موجبة خلال الربع الأول من عام 2023. ومن المتوقع أن يتبع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وتيرة معتدلة خلال العام المالي 2022/2023 مقارنة بالعام المالي السابق على أن يعاود الارتفاع بعد ذلك. وفيما يتعلق بسوق العمل، سجل معدل البطالة 7.2% خلال الربع الرابع من عام 2022، مقارنة بمعدل بلغ 7.4% خلال الربع الثالث من عام 2022.
وقد استمر المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر في الارتفاع ليسجل 25.8% و31.9% في يناير وفبراير2023، على الترتيب. كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 31.2% في يناير 2023، ووصل إلى أعلى معدل تم تسجيله تاريخياً في فبراير 2023 ليسجل 40.3%. وتعكس تلك الارتفاعات العديد من العوامل، والتي تشمل اختلالات سلاسل الامداد محلياً، وتقلبات سعر صرف الجنيه المصري، بالإضافة إلى ضغوط من جانب الطلب، وهي ما تتضح في تطورات النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بطاقته الإنتاجية القصوى والارتفاع في معدل نمو السيولة المحلية. وبالإضافة إلى ذلك، انعكس الأثر الموسمي لشهر رمضان على أسعار رحلات العمرة، وأسعار السلع الغذائية.
وتستمر اللجنة في تقييم أثر تقييد أسعار العائد الأساسية والمتخذ بشكل استباقي استناداً إلى توافر البيانات. وقد أظهرت التطورات الأخيرة للتضخم ارتفاعاً واسع النطاق في بنود الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يتطلب المزيد من التقييد النقدي، ليس فقط لاحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب السابق ذكرها، ولكن أيضاً لتجنب الآثار الثانوية التي قد تنتج عن صدمات العرض، وذلك للسيطرة على التوقعات التضخمية للأسعار.
وفي ضوء ما سبق، قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية بمقدار 200 نقطة أساس، وتؤكد مرة أخرى على أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس على معدلات التضخم السائدة. كما تشدد اللجنة على ضرورة تقييد السياسة النقدية كشرط أساسي لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة من قبل البنك المركزي المصري والبالغة 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026. وسوف تتابع لجنة السياسة النقدية عن كثب كافة التطورات الاقتصادية ولن تتوانى عن تعديل سياستها من أجل تحقيق هدف استقرار الأسعار.