دعت هبة علاء الدين، مدير قسم وحدة الدراسات المصرفية، بمركز ايجيبشن انتربريز للدراسات، إلى ضرورة تكامل الأدوار التي تلعبها السلطات المعنية بالسياسات النقدية، والاقتصادية، والهيئات المالية الإقليمية، والدولية، المعنية بوضع المعايير المالية، والمحاسبية، تعزيز القدرة على مواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية التي يواجهها العالم الآن.
وقالت مدير قسم وحدة الدراسات المصرفية، بمركز ايجيبشن انتربريز للدراسات، في مقال لها بعنوان: (أزمة 2008 تلوح في الأفق: خطر التركز يهدد الاقتصاد العالمي)، إن تلك الإجراءات تقلل الآثار السالبة الناجمة عن تركز المخاطر، والتي من الممكن أن يتضاعف أثرها، وبالتالي فإن التحرك سيقلل من تداعيات الأزمات الاقتصادية المتلاحقة على الساحة العالمية.
وتابعت، أنه إذا لم يتم وضع ضوابط حاكمة، والاستفادة من “العولمة الاقتصادية” في مجال تنشيط التجارة الدولية، وتجنب الجانب السلبي منها في سرعة انتقال الأزمات للحد من الخسائر الناجمة، عن عدم احتواء الازمات في بدايتها، ستتكرر “أزمة 2008” مجددًا، ولكن بتداعيات وخسائر أكبر.
وأشارت إلى ضرورة فهم تداعيات إفلاس البنوك ومخاطر السيولة على الوضع الاقتصادي العالمي، وهو الأمر الذي يهدد استقرار المؤسسات المالية، وبالتالي فإن فهمنا لما يحدث يشكل لدينا رؤية واضحة؛ لتفادي هذه المخاطر
واستطردت أنه ليس المعني هو اقتصاديات الدول وحدها، لكن كل رؤية مؤسسية تسعى لتحقيق أرباح، والحد من المخاطر المصاحبة للتوسع الاستثماري.
وأفادت أن الأزمة المالية التي عصفت بالعالم في العشرية الماضية – بدأت بوادرها في 2007 وبرزت ملامحها في سبتمبر 2008- تجلت بشكل واضح في الائتمان، والمصارف، والعملات، والتجارة، وأدّت إلى حدوث أزمة في قطاع الإسكان بالولايات المتحدة الأمريكية، وإلى انهيار الكثير من البنوك الأمريكية، الأوروبية، وانخفاض في مؤشر البورصة.
وأردفت أن تلك الأزمة وضعت نصب أعيننا أحد المخاطر التي تواجه المؤسسات المالية، والاقتصاد بشكل عام، وهو “خطر التركز”، وعلى إثرها تجلت أدوار المؤسسات الدولية والإقليمية في دعم بعض الدول المتأثرة بدرجات تفاوت مختلفة.
وذكرت، أنه بعد أزمة 2008 العالمية، شرع صندوق البنك الدولي، كأحد أقطاب الإدارة الاقتصادية العالمية، في دعم برامج الإصلاح الاقتصادي للدول المعنية لتخطي تداعيات الأزمة، مع منح قروض ميسرة للدول الأعضاء، وتعديل سياسته الداخلية؛ بسبب عدم توقع الأزمة، بالإضافة لإجراء إصلاح شامل لإطار الإقراض، وإصدار دراسات بحثية كاشفة لما حدث، وهو ما خطت عليه مؤسسات إقليمية، كصندوق النقد العربي، والذي أصدر كتيب حول “مخاطر التركز الائتماني في المؤسسات المالية والمصرفية”.
وأكدت هبة علاء الدين، أن هذه الأزمة تعد تلك الأزمة الاقتصادية العالمية، من أعنف الازمات التي واجهها العالم، بدأت في الاقتصاد الأمريكي، ومن ما نتج عنها: ضعف البنوك والمؤسسات المالية، علاوة على أزمة “الرهن العقاري”، والتي هددت بتدمير النظام المالي الدولي، وسببت فشلًا ذريعًا للعديد من البنوك الاستثمارية، والتجارية الكبرى، ومقرضي الرهن العقاري، مثل: بنك (ليمان برزرز – Lehman Brothers)، والذي أعلن إفلاسه في 14 سبتمبر 2008، بسبب الخسارة التي حدثت في سوق الرهن العقاري.
وأوضحت أنه كان لإفلاس البنك تأثيرات سلبية على الكثير من أسواق العالم، ويعد إفلاس “ليمان”، هو الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، ويعتقد أنه لعب دورًا رئيسيًا في تطور الأزمة المالية.
وأكدت الباحثة في الشؤون المصرفية، أن هناك دور كبير لـ “العولمة المالية” في تلك الأزمة، كونها وفرت العوامل والأدوات لتفجرها، من خلال تدفق الاستثمارات العابرة للحدود، والزيادة السريعة في معاملات الأوراق المالية، وأنه نتيجة لذلك، ركزت لجنة “بازل” المقررات (II) و(III) على المعايير المحاسبية الدولية، وعلى جوانب الإفصاح، بالشكل الذي يُمكّن مستخدمي القوائم المالية من الحكم على مدى قدرة المؤسسات على إدارة المخاطر بطريقة فعالة، ودعت أيضاً لتوضيح كافة البنود المعرضة لخطر الائتمان والتي تظهر في المركز المالي.
بالإضافة إلى البنود الأخرى خارج المركز المالي، التي لا تظهر بطريقة تساهم في استيفاء متطلبات الأطراف المستفيدة من البيانات المالية، وتمكن المؤسسات المالية من التنبؤ بالمخاطر الكمية والنوعية التي قد تتعرض لها المؤسسة مستقبلاً، وفق “هبة” .
وصرحت أنه يتم تحديد توجهات القرارات الاستثمارية في ضوئها، بل امتد التطور ليشمل الإدارة الاستباقية للمخاطر بهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية، واعتبار إدارة المخاطر جزء أساسي من طريقة ممارسة الأعمال، تم دمجها في سياق العمليات اليومية، حيث تنامي الرصد الدقيق للمخاطر والسياسات الكفيلة لاحتوائها، بما يعزز سلامة الأنظمة المالية.
وبالنسبة للمؤسسات المصرفية، أضافت أنه يجب على جميع البنوك المركزية وضع تلك الضوابط للحد من التوسع في منح الائتمان، دون وجود الغطاء النقدي المتاح أو المتوقع؛ لتغطية الالتزامات النقدية للبنك، وتلزم البنوك بتقارير دورية، خاصة في الدول التي تلجأ بنوكها المركزية للتفتيش الميداني، والتفتيش المكتبي؛ للتأكد من التزامها بهذه الضوابط، وموافاتها بالتقارير الدورية.