يستمر التذبذب في أسواق الذهب العالمية لليوم الثالث على التوالي في نطاقات محددة في ظل تضارب التوقعات في الأسواق المالية بشأن مستقبل السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي في ظل توقعات بركود الاقتصاد الأمريكي نهاية هذا العام وترقب للأزمة المصرفية العالمية.
تتداول أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس عند المستوى 1968.00 دولار للأونصة وقت كتابة التقرير حيث شهدت ارتفاع طفيف بنسبة 0.2% بعد بداية سلبية خلال جلسة اليوم ليسيطر التذبذب على تحركات أسواق الذهب.
يستمر المنظمين الأمريكيين في تكرار أن النظام المصرفي الأمريكي مستقرًا، وأن الأزمة التي شهدها بنك سيليكون فالي ترجع إلى سوء إدارة المخاطر والمجازفة بشكل كبير. خاصة في ظل عدم وجود تطورات سلبية في القطاع البنكي في الأسبوعين الماضيين، مما أدى إلى عودة الرغبة في المخاطرة ببطء إلى الأسواق كلف الذهب بعض جاذبيته كملاذ آمن.
الدولار الأمريكي من ناحية أخرى شهد انخفاض خلال جلسة اليوم، حيث هبط مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالية أمام سلة من 6 عملات رئيسية بنسبة 0.3% ليتداول بالقرب من أدنى مستوياته في أسبوع.
العائد على السندات الحكومية الأمريكية يشهد تذبذب فبعد أن ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى في أسبوع عند 3.611% عاد إلى التراجع ليغلق على انخفاض، بينما سجل العائد على السندات لأجل عامين أعلى مستوى في أسبوع عند 4.140%.
تذبذب العائد على السندات الحكومية الأمريكية يفشل في دعم الدولار، حيث تنتظر الأسواق اليوم صدور القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي عن الربع الرابع مع توقعات بتسجيل نمو بنسبة 2.7%.
أيضاً غداً تصدر بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي عن شهر فبراير، وهو المؤشر الذي يعد مقياس التضخم المفضل للبنك الاحتياطي الفيدرالي، وستساهم هذه البيانات في مساعدة الأسواق على توقعات تحركات الفيدرالي القادمة.
نائب رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي للرقابة مايكل بار صرح يوم أمس الأربعاء إن الفيدرالي سيتخذ قراراته بشأن سعر الفائدة خلال تقييمه للوضع كل اجتماع على حده وسيأخذ الظروف المالية في الاعتبار في هذا الحكم جنبًا إلى جنب مع عوامل أخرى.
تقوم الأسواق الآن بتسعير احتمال بنسبة 56.1% أن يقوم البنك الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعه القادم في مايو، مقابل احتمال بنسبة 43.9% أن يرفع البنك أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
الجدير بالذكر أن رفع الفائدة يؤثر سلباً على أسعار الذهب كونه لا يقدم عائد مقارنة بالسندات الحكومية التي تشهد انتعاش مع رفع أسعار الفائدة لأنها تجتذب قطاع عريض من الأسواق للاستفادة من العائد المتزايد.
التدفقات إلى صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب مستمرة في الزيادة
لا يزال الذهب يشهد تدفقات قوية إلى صناديق الاستثمار المتداول في الذهب، فقد ارتفع حجم التداول في صندوق SPDR وهو أكبر صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب إلى أعلى مستوى منذ أكتوبر الماضي، ليرتفع أداء الصندوق منذ عام حتى الآن بنسبة 8.26%.
خلال العام الماضي شهدت صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب تدفقات خارجة كبيرة وقد استمر الأمر مع بدايات هذا العام، ولكن خلال الأسبوعين الماضيين بالتوازي مع أزمة القطاع المصرفي وسقوط بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر في الولايات المتحدة وبنك كريدي سويس في سويسرا، عادت التدفقات إلى التزايد على الصناديق بشكل كبير وسجلت صافي مشتريات وصل إلى 36 طن من الذهب.
أيضاً بسبب عدم اليقين الجيوسياسي والمناخ الاقتصادي الحالي، تستمر البنوك المركزية أيضًا في زيادة احتياطيها من الذهب، وفقاً لمجلس الذهب العالمي فإن البنوك المركزية العالمية لا تزال تهتم بشراء الذهب وزيادة احتياطاتها من المعدن النفيس خلال يناير 2023، وذلك بعد عمليات الشراء القياسية التي شاهدناها في 2022.
في يناير 2023 اشترت البنوك المركزية 31 طن من الذهب بزيادة شهرية قدرها 16%، وتمت عمليات الشراء من قبل ثلاثة بنوك مركزية هي الصين وتركيا وكازاخستان، يأتي هذا بعد أن كثفت الصين مشترياتها من الذهب بشدة نهاية العام الماضي، بينما كانت تركيا صاحبة المركز الأول في أكبر مشتري رسمي للذهب في 2022.
يرى مجلس الذهب العالمي أن هذه الزيادة في شهية البنوك المركزية في شراء الذهب ستظل قوية طوال هذا العام، وبيانات يناير 2023 تؤكد على أن التوجه من قبل البنوك المركزية سيظل مستمر خلال هذا العام.
بورصة كومكس للذهب تشهد انتعاش في عقود الذهب
تُظهر بيانات هيئة تداول السلع الآجلة أن المضاربين قد عززوا صافي صفقات الشراء في عقود الذهب الآجلة في الأسابيع الأخيرة المتداولة في بورصة كومكس للعقود الآجلة والخيارات، حيث ارتفعت صافي عقود الشراء على الذهب بمقدار 67047 عقد منذ شهر فبراير الماضي ليصل إجمالي عقود الشراء إلى 106955 عقد.
المضاربون زادوا بالفعل من مراكز الشراء على الذهب منذ نهاية العام الماضي مع توقعات باقتراب الفيدرالي من نهاية دورة رفع أسعار الفائدة، ولكن أزمة القطاع المصرفي الأخيرة زادت من الإقبال على الشراء مجدداً، خاصة مع تزايد توقعات بإمكانية خفض الفائدة من قبل الفيدرالي خلال النصف الثاني من العام.
الجدير بالذكر أن حجم عقود شراء الذهب الحالية تظهر إمكانية على مزيد من عمليات الشراء، فمجمل عقود الذهب حالياً تعد أقل من المستويات التي شوهدت في يناير الماضي، وأقل بكثير من المستويات التي شاهدناها وقت بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وبالطبع تبقى أقل بمعدل كبير من المستويات التي شوهدت خلال ذروة جائحة كورنا.
أيضاً تبلغ نسبة الشراء / البيع للمضاربين في عقود الذهب حالياً عند 3.72 وهي أقل كثيراً من النسبة القياسية التي تم تسجيلها عند 90 خلال ذروة شراء الذهب أثناء جائحة كورونا.
أسعار الذهب محلياً
شهدت أسعار الذهب محلياً قفزة جديدة لتصل إلى أعلى مستوى لها تم تسجيله من قبل وذلك في ظل انتظار الأسواق لقرار البنك المركزي المصري اليوم، حيث تجد أسعار الذهب الدعم محلياً على الرغم من التذبذب في أسعار الأونصة العالمية خلال هذا التوقيت.
سجل جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً أعلى مستوى له عند 2135 جنيه للجرام، كما ارتفع سعر الجنيه الذهب ليسجل 17080 جنيه.
استمرار المخاوف والتوتر في الأسواق المصرية يدفع الطلب إلى التزايد بشكل حاد على الذهب كملاذ آمن وتحوط ضد التضخم الذي بلغ مستويات قياسية، ووسط تضارب في التوقعات بشأن قرارات البنك المركزي المصري الذي يعقد اجتماعه الثاني هذا العام اليوم الخميس.
معدل التضخم الأساسي السنوي وصل في فبراير إلى 40.3% وهو مستوى تاريخي، كما تبع هذا ارتفاع في أسعار الوقود المحدد إدارياً إلى جانب استمرار تدريجي في انخفاض سعر صرف الجنيه خلال شهر مارس، وهو الأمر الذي ينذر بأن التضخم سيشهد قفزة جديدة خلال شهر مارس وهو ما قد يدفع المركزي المصري إلى سرعة التدخل للسيطرة على التضخم.
من جهة أخرى نجد أن شهادات الـ 18% التي حان ميعاد استحقاقها ستضخ إلى الأسواق سيولة نقدية تصل إلى 750 مليار جنيه تقريباً، وهو ما قد يستدعي إصدار شهادات ادخار جديدة لامتصاص هذه السيولة والتي قد تنتقل إلى شراء الذهب أو الدولار للتحوط ضد التضخم.
حررت مصر سعر عملتها المحلية 3 مرات منذ مارس 2022 وحتى يناير الماضي، ليهوي سعر الجنيه المصري مقابل الدولار بأكثر من 24% خلال الثلاثة أشهر الأخيرة، وبأكثر من 95% منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية في مارس الماضي، ليُتداول حالياً عند 30.95 جنيه لكل دولار.
توقعات المؤسسات المالية المحلية والعالمية تشير إلى إمكانية قيام المركزي المصري برفع الفائدة من 2% إلى 3%، حيث تستقر أسعار الفائدة حالياً عند المستوى 16.25% للإيداع و 17.25% للإقراض.
الأوضاع الحالية تدعم عمليات شراء الذهب بشكل كبير في الأسواق المحلية في محاولة للتحوط ضد التضخم وضد أية تغيرات قد تطرأ على سعر صرف العملة المحلية خلال الفترة القادمة.
مصر تخفض مستهدفها للنمو الاقتصادي خلال العام القادم
قامت الحكومة المصرية بتخفيض مستهدفها للنمو خلال العام المالي القادم إلى 4.1% بعد أن كان المستهدف السابق عند 5.5%، كما تهدف إلى تحقيق فائض أولي عند 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذا وقد خفضت مصر توقعات النمو في السنة المالية الحالية إلى 4.2% من المستهدف السابق بنسبة 5%، بينما كان المستهدف للنمو في العام المالي السابق 2021-2022 عند 6.6%.
بدأ الأزمة في شح العملة الصعبة منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022 حيث قام الفيدرالي الأمريكي في رفع الفائدة وهو ما أدى إلى خروج أكثر من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر بحثاً عن الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة.
ومنذ ذلك الوقت تعاني مصر من تراجع في النقد الأجنبي والعملة الصعبة الأمر الذي دفع الحكومة إلى الإعلان عن طرح 32 شركة للبيع أو التداول في البورصة، ولكن حتى الآن لم تتم هذه الصفقات مما أدى إلى ضح المتاح من النقد الأجنبي.