هزة عنيفة أحدثتها تداعيات المصارف الامريكية الثلاثة التي أفلست أو دخلت في طور من الأزمات المالية المتعددة والتي تعد أكبر عملية انهيار تحدث بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وبلغ صدى الانهيارات الثلاثة في بنوك سيليكون فالي وبنك سيجنتشر وسيلفرجيت كابيتال.
في الوقت نفسه يدرس مجلس الاحتياطي الفيدرالي تغيير شكل رقابته على البنوك متوسطة الحجم بعد انهيار ثلاثة مصارف الأسبوع الماضي، وفقا لما قاله شخص مطلع على الأمر، بينما يبحث المنظمون في البنك المركزي الأميركي قواعد يمكن أن ترفع رأس المال والسيولة لمستويات قريبة من القيود التي تواجهها أكبر شركات “وول ستريت”.
ويشمل أحد التغييرات قيد الدراسة ما يسمى باختبارات التحمل، وهو تمرين يفحص قدرة البنوك على تحمل الأزمات، كما قال الشخص الذي طلب عدم الكشف عن هويته لسرية المداولات الداخلية، تأتي الجهود المبذولة لإعادة النظر في اللوائح الخاصة بالبنوك التي تتراوح أصولها بين 100 مليار دولار و250 مليار دولار في أعقاب سيطرة الحكومة على مصرف “سيليكون فالي بنك” و”سيجنتشر بنك.
وأعلنت “سيلفرجيت كابيتال كورب” الداعمة للعملات المشفرة أنها بصدد تصفية بنكها طواعية، ثم يوم الأحد، اتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع ووزارة الخزانة إجراءات استثنائية لتهدئة المخاوف.
أدى إفلاس البنوك الثلاثة إلى خفض وكالة موديز النظرة المستقبلية للنظام المصرفي الأمريكي إلى سلبية من مستقرة، مع انهيار ثلاثة بنوك في الأيام الأخيرة، قائلة: جاء هذا القرار جاء مع تدخل السلطات التنظيمية يوم الأحد عبر خطة إنقاذ للمودعين والمؤسسات المتضررة من الأزمة.
وأضافت موديز: غيرنا النظرة المستقبلية للنظام المصرفي الأمريكي إلى سلبية، لتعكس التدهور السريع في بيئة التشغيل بعد الذعر المصرفي في بنوك سيليكون فالي وسيلفرجيت وسيجنتشر.
وفي سياق مختلف، أكد مصرفيون أن القطاع المصرفي المصري يتحلى بأعلى درجات الأمان والصلابة في مواجهة كافة التحديات العالمية والمحلية لما يتمتع به من مؤشرات السلامة المالية والقاعدة الرأسمالية ومعدلات السيولة المرتفعة، حيث كشفت بيانات البنك المركزي المصري ارتفاع أصول البنوك إلى 11.4 تريليون جنيه بنهاية عام 2022، مع تسجيل رؤوس أموال مال البنوك 303.03 مليار جنيه. فيما بلغت الاحتياطيات 437.13 مليار جنيه، وسجلت مخصصات البنوك 256.09 مليار جنيه.
وبحسب تقرير مؤشر السلامة المالية للبنوك باستثناء البنك المركزي، تراجعت نسبة كفاية رأس المال إلى 19% بنهاية ديسمبر الماضي من مستوى 20.5% بنهاية سبتمبر 2022. وحققت البنوك المصرية صافي أرباح بقيمة 130.84 مليار جنيه بنهاية ديسمبر الماضي، فيما بلغ رصيد القروض 4.09 تريليون جنيه، وسجلت الودائع 8.56 تريليون جنيه في 2022.
وقال هاني أبو الفتح الخبير المصرفي، إن انهيار “سيليكون فالي” يؤثر بشكل كبير على المتداولين على أسهم الشركات الناشئة الذين قد يواجهون تحديات كبيرة، حيث يؤدي انهيار البنوك إلى تقلص تمويل هذه الشركات الناشئة، وبالتالي يمكن أن يتأثر عائد الأسهم وقيمتها بشكل سلبي.
وأوضح أن التصرف في مثل هذه الحالة، يمكن للمتداولين أن يتبعوا بعض الاستراتيجيات مثل الحفاظ على التوازن في المحفظة الاستثمارية من خلال تنويع المحفظة الاستثمارية على عدة أصول مختلفة، بحيث يتم توزيع المخاطر بين مختلف الأصول، وبذلك يمكن تقليل تأثير انهيار البنوك على قيمة المحفظة.
كذلك يمكنهم الانتظار ومراقبة حركة السوق والأسهم، وعدم اتخاذ قرارات سريعة ومتسرعة، وبذلك يمكن تحديد الاتجاهات السوقية واتخاذ القرارات الصحيحة بناءً على التحليل الفني والأساسي.
أوضح أن انهيار بنك متخصص في تمويل الشركات الناشئة وشركات التقنية الناشئة إلى تداعيات عديدة على هذه الشركات والاقتصاد بشكل عام، فعادة يمكن أن يؤدي الى تقلص تمويل الشركات الناشئة حيث يعتمد الكثير منها على التمويل من بنوك متخصصة، وإذا حدث انهيار لأحد هذه البنوك، فسيتقلص تمويل هذه الشركات، مما قد يؤدي إلى تعطل عملياتها أو تقلصها.
أشار إلى أن الأزمة قد تؤدي تقلص تمويل الشركات الناشئة إلى تباطؤ نمو هذه الشركات، مما يؤثر على الاقتصاد بشكل عام، ويؤثر على فرص التوظيف والاستثمار، كما يمكن أن يتسبب انهيار البنك في تراجع قيمة أسهم الشركات الناشئة والتقنية الناشئة، حيث يمكن أن يفقد المستثمرون الثقة في هذه الشركات ويترددون في الاستثمار فيها، مما يؤدي إلى تراجع قيمة الأسهم.
القطاع المالي العالمي يخسر نصف تريليون دولار
وخسرت أسهم القطاع المالي عالمياً 465 مليار دولار من قيمتها السوقية في يومين، حيث خفض المستثمرون تعرضهم للبنوك من نيويورك إلى اليابان في أعقاب انهيار بنك “سيليكون فالي”.
واتسعت الخسائر خلال الأسبوع الماضي، حيث انخفض مؤشر MSCI للأسهم المالية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 2.7% إلى أدنى مستوى منذ 29 نوفمبر، وتراجعت مجموعة “Mitsubishi UFJ Financial Group” بنسبة 8.3% في اليابان، بينما هبطت مجموعة “Hana Financial Group” الكورية الجنوبية 4.7%. كما أن هناك مخاوف من أن الشركات المالية يمكن أن ترى تأثيراً من استثماراتها في السندات والأدوات الأخرى على القلق الناجم عن ” SVB “، إذ انخفضت عوائد سندات الخزانة وسط توقعات بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتأجيل رفع أسعار الفائدة بسبب الاضطرابات في النظام المصرفي.
من جانبه، قال كبير مسؤولي الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في مجموعة كريدي سويس غروب إيه جي، جون وودز: “الأسواق المالية تسير على قشر البيض”
أضاف: نحتاج إلى معرفة التأثير المحتمل الذي يمكن أن يحدثه هذا على نطاق أوسع في السوق بدقة، لافتا إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما يتوقف مؤقتاً عن رفع الفائدة لأن هذا يتعلق إلى حد كبير بمخاطر السيولة”.
وانخفضت القيمة السوقية الإجمالية للشركات المدرجة في مؤشر MSCI المالي العالمي ومؤشر “MSCI EM Financials” بنحو 465 مليار دولار منذ يوم الجمعة. كانت البنوك الإقليمية الأميركية من بين الأكثر تضررا يوم الاثنين، حيث انخفض مؤشر “KBW” للبنوك الإقليمية بنسبة 7.7%، وهو أكبر انخفاض له منذ يونيو 2020.
وتراجعت أسهم “First Republic Bank” بنحو 73% في 3 جلسات لتكون أكبر الخاسرين على مقياس “MSCI World Financials” في هذه الفترة. ويتزامن ذلك، مع وضع “وكالة موديز” جميع التصنيفات طويلة الأجل للبنك قيد المراجعة لخفض التصنيف الائتماني، كما تراجعت أسهم البنوك وشركات التأمين الأوروبية أمس الاثنين.
وانخفض سهم “كريدي سويس” بنسبة تصل إلى 15% إلى مستوى قياسي منخفض جديد وارتفعت تكلفة تأمين سنداتها ضد التخلف عن السداد إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق وسط مخاوف من انتشار العدوى في الصناعة المصرفية من انهيار “SVB”.
البنوك المصرية ليس لها ودائع أو تعاملات مع بنك سيليكون
أكد البنك المركزي المصري أنه لا يوجد أية تداعيات سلبية على القطاع المصرفي المصري تأثرًا بالأوضاع المالية التي يتعرض لها بنك «سيليكون فالي» الأمريكي – المتخصص بتمويل الشركات التكنولوجية والناشئة – نظرًا لعدم امتلاك البنوك المصرية أية ودائع أو توظيفات أو معاملات مالية لدي “سيليكون فالي”. وشدد على أن البنوك المصرية ليس لها ودائع أو تعاملات مع بنك سيليكون فالي الأمريكي