تسعى الدولة جاهدة ، لتقليص الفجوة الدولارية، من مصادر جديدة ومختلفة ، مثل دعم الاستثمار المباشر ، وملف الطروحات ،الى جانب ذلك هناك مصادر قديمة ومتاحة ولكنها فى حاجة الى تطوير وتسريع بعض ادوات واساليب التعامل معها بافكار جريئة او خارج الصندوق ، من تلك المصادر الذهبية ، تحويلات العاملين المصريين فى الخارج ،والذى يقدر عددهم نحو اثنى عشر مليون ، بين عامل او مهاجر ، ويُقدر ما يُحَوْلوه الى وطنهم سنويا فى المتوسط ، نحو ثلاثون مليار دولار . لتتفوق تحويلاتهم على كل مصادر النقد الاجنبى التقليدية الاخرى .
وفيما يلى أعرض أربع افكار، يمكن أن تساهم فى تنشيط وتسريع ورفع معدل مساهمة هذا المصدر الذهبى ، فى سد فجوة النقد الاجنبى.
@ الاقتراح الاول
الاعفاء الجمركى لسيارات العاملين فى الخارج ، موضوع قديم متجدد ، ولكن للأسف لم يحظى كل ما طُبِقَ من آليات بالنجاح المنتظر حتى الآن ! إما لسبب عدم جدوى شروطة ،او لمشاكل وبيروقراطية التنفيذ ، والاقتراح المعروض فى هذا الصدد يتضمن السماح لكل مصرى يعمل فى الخارج ، إمكانية جلب سيارة. من الخارج وفقا للقانون الصادر فى هذا الشأن وتعديلاته السارية ، ولكن مع اجراء بعض التطويرات المقترحة من اهمها الغاء شرط عدم الحصول علي المعادل بالجنيه المصرى ، لقيمة الجمرك المسددة بالنقد الاجنبى ، إلا بعد خمس سنوات . على ان يتم الاجراء المقترح بعد ذلك على النحو التالى مع منح فرصة لمديد الاطار الزمنى للقانون لفترة اخرى مناسبة :
١ / بعد استيفاء الصفة ، وتحديد نوع السيارة وقيمة الجمارك ان وجدت وملحقاتها وتحديد المعادل المطلوب بالنقد الاجنبى ، يقوم صاحب السيارة او وكيلة ، بتحويل القيمة المطلوبة بالنقد الاجنبى وذلك وفقا للإجراءات المقررة والقائمة حاليا .
٢ / بمجرد تقديم ما يثبت التحويل ،وفى ذات اللحظة ، يحصل المواطن من بنك التعامل على المعادل بالجنيه المصرى ،لما دفعة فعلاً بالنقد الاجنبى ( كقيمة جمركيه لسيارته ) بالسعر الرسمى ، المعلن فى البنك .
يُلاحظ هنا انه لم يتم عمل ودائع بالدولار لمدة خمس سنوات ، بل تنتهى الصفقة بان يتنازل المواطن على النقد الاجنبى مقابل الحصول على المعادل بالمصرى بالسعر السائد ، وينتهى الامر تماماً الى الابد وبدون اى معلقات ، بالافراج عن السيارة ، وهكذا تتم العملية بسرعة ، ويسر ، ويتحقق الغرض لكل الاطراف ، وبدون اى معلقات مستقبلية غير مبررة منطقياً .
@ الاقتراح الثانى :
هناك نسبة – لا استطيع تقديرها – من العاملين او المهاجرين فى الخارج ، من اجيال الشباب الذين تجاوزت أعمار كلٍ منهم الثلاثين عاما ، ولكنهم لم يتمكنوا من شرف اداء الخدمة العسكرية لاسباب مختلفة ، ، ولا يستطيعوا القدوم أو العودة لوطنهم ،والاقتراح ينصب على انه طالما ان البلاد والحمد لله ليست فى زمن حرب ، فيمكن دراسة إعفاء من يطلب منهم من “التعرض للمحاكمه ” بسبب التخلف عن التجنيد ، مقابل دفع غرامة فورية معقولة ، تدفع بالنقد الاجنبى ، ومن ثم يمنحون الاعفاء النهائى ،على تتراوح الغرامة بين خمسة آلاف دولار إلى خمسة عشر الف دولار ، وفقا لجغرافية المهجر ، ومدته ، ومتوسط الدخل ، ومدة التخلف عن الخدمه .
الاقتراح الثالث :
لقد سمح البنك المركزى مؤخرا للمستوردين والمصدرين المصريين ، المتعاملين مع البنوك المصرية عبر الاعتمادات المستندية ومستندات التحصييل ، للتعامل مع البنوك المصرية ، فى بعض تطبيقات المشتقات ،خاصة عقود التبادل الآجلة Swaps Contracts علي ان يكون احد طرفى الصفقة عملة اجنبية والطرف الآخر الجنيه المصري . ، و ذلك بغرض تغطية مخاطر تقلبات سعر الصرف ، و إمكانية توفير سيولة مؤقتة ، وليس لاغراض المضاربة ،
والاقتراح ينصب على مد سقف استخدام تلك الأداة من أدوات المشتقات الى العاملين المصريين فى الخارج ، ويسمح لهم فى اتمام عمليات تبادل آجلة بموجب عقد يقوم العميل بمقتضاه ( بالبيع للبنك كمية من النقد الاجنبى بالسعر الآنى ، وإعادة شراء ذات المبلغ ، من البنك بالسعر الآجل فى تاريخ الاستحقاق المستقبلي الآجل . ) وبالطبع يتم الاتفاق بين العميل والبنك على تحديد سعر الشراء الآجل وفقا للاصول المتبعة فى تلك التطبيقات ، والتى تقضى بعدم تغير تلك الاسعار المحددة فى العقد مهما تغيرت أسعار الصرف فى الاسواق، و يشترط ان يكون مصدر تلك العمليات هى تحويلات من مدخرات العميل المباشرة من الخارج ، وبمبالغ لها حد ادنى واقصى ، وتكون لاغراض الحماية وليس لاغراض المضاربة ، على ان يتم اعادة شرائها فى تاريخ لاحق ( عام ) على ان يحدد سعر التبادل الآجل يوم ابرام الصفقة . أخذا فى الاعتبار فارق سعرى الفائدة بين العملتين . ويمكن اشتراط ان يودع العميل كل او نسبة من المعادل بالعمله المصريه فى وديعة لدي البنك بالاسعار المميزة وكضمان .
الاقتراح الرابع :
دراسة السماح بعمل ودائع بالنقد الاجنبى للعاملين المصريين فى الخارج ، باسعار فائدة فائقة التميز ، مثلاً ( السعر السائد عالمياً + علاوة محفزة كبيرة على نسق الشهادات المصرية ) قد يتخوف البعض ان فى ذلك قدر من المبالغة ، ولكن اذا ما قورن الوضع بتكلفة وظروف الاقتراض من أسواق السندات الدولارية الاوربية الصعبة حالياً ، ربما تكون ودائع المصريين هى الافضل .
ويمكن اطلاق المنافسة بين وحدات الجهاز المصرفى المصرى فى تجميع ودائع المصريين بالنقد الاجنبى ،وتحفيزهم باعفاء البنوك من نسب الاحتياطى الإلزامي على شرائح ودائع المصريين العاملين فى الخارج – الجديدة – بالنقد الاجنبى .
الخلاصة :
نحن نعيش ازمة اقتصادية ، تحتاج حلول جريئة ،تتناسب مع شدة وحدة تلك الازمة التى فرضتها الحرب الروسية الاوكرانية .
ان تحويلات العاملين المصريين فى الخارج ، أمن قومى واستراتيجي ، يفرض علينا العمل اكثر من اجل تحفيز المصريين المتواجدين فى كل انحاء العالم على الادخار ،والاستثمار اكثر ، فى وطنهم الام مصر ،،،