تضطلع السعودية بدور أساسي في برامج صندوق النقد الدولي مع دول المنطقة، وفقاً لتصريحات غيتا غوبيناث، النائبة الأولى لمديرة الصندوق، أثناء مقابلة أجرتها مع “بلومبرج” أمس الجمعة.
أكدت أن افتتاح مكتب إقليمي للصندوق في الرياض لن يكون مفيداً للسعودية فقط وإنما للعمل الذي يقوم به في المنطقة بأسرها.
أوضحت أن لدى الصندوق برامج خاصة بعدد من بلدان المنطقة لتوفير التمويل مقابل إصلاحات محددة، وهو ما يحفز تمويلات أخرى من جهات مانحة متعددة.
وأوضحت غوبيناث أن المملكة العربية السعودية من الدول التي وفرت هذا التمويل للدول المأزومة في شراكة مع الصندوق، متوقعة زيادة التمويل لهذه الدول في إطار الشراكة. كما يمكن التعاون مع السعودية في مجال تطوير القدرات في المنطقة للبلدان التي تحتاج إلى بناء المؤسسات.
وأضافت : “نعمل بشكل وثيق مع المملكة العربية السعودية وذلك لسنين خلت، ونحن ممتنّون للسعودية على كل الدعم الذي وفّرته للبلدان محدودة الدخل عبر صندوق النقد الدولي”.
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان صرّح أثناء المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بأن الدعم المالي من السعودية سيجري توفيره وإدارته بالتعاون مع المنظمات الدولية وعلى رأسها طبعاً صندوق النقد الدولي.
بحسب غوبيناث “هناك دول تعاني مما يُعرف بمشكلات ميزان المدفوعات وهي مشكلات تطرأ عندما لا تحصل على ما يكفي من التمويل الخارجي فتصبح مأزومة وتعاني من مشكلات في ماليّتها وعُملتها وعندما تأتي وتطلب برنامجاً من صندوق النقد الدولي نعمل مع الدولة بشكلٍ وثيق لوضع برنامج إصلاحي لمساعدتها على الخروج من تلك الأزمة”.
وقالت: “نحن نوفّر بعض المال ولكن عادةً ما تكون الفجوة التمويلية أكبر من المبلغ الذي نوفّره وهنا يمكن للدول الأخرى من الجهات المانحة الثنائية أن تضطلع بدور ما. وهنا إذا وفّرت المملكة العربية السعودية التمويل كجزءٍ من برنامج الصندوق سيكون ذلك مفيداً جداً للدول المعنية”، مؤكدة أن المملكة تحدد تفاصيل الدور الذي تضطلع به أو تمتنع عنه.
تساعد المملكة الدول المعنية وتوفر التمويل في إطار برنامج الصندوق، غالباً. لذلك تحرص على أن يكون التمويل مشروطاً وأن تقر الإصلاحات المطلوبة، بحسب غوبيناث.
وأيدت غوبيناث سياسة الاحتياطي الفيدرالي المتشددة لمواجهة معدل التضخم غير المسبوق منذ 40 عاماً، رغم تأثيرها سلباً على الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على الاستيراد بسبب ارتفاع قيمة الدولار، ما يزيد الضغوط المالية التي تتعرض لها.
غير أن النائبة الأولى لصندوق النقد الدولي قالت إن البنك المركزي الأميركي ينبغي أن يستمر في هذا المسار حتى تتمكن الولايات المتحدة من خفض التضخم. ولاحظت أن ذروة ارتفاع الدولار ظهرت في شهر أكتوبر الماضي ثم بدأت قيمته في الانخفاض نسبياً. مؤكدة أن سيطرة الولايات المتحدة على التضخم ستعود بالخير على الاقتصاد العالمي ككل وليس عليها وحدها.
وقالت إن بعض الدول تعاني بالتأكيد من الضغوط التضخمية، لكن”حتى الآن، لم نرَ أزمة دَين واسعة النطاق تطال عدة أسواق ناشئة. وما تزال الأوضاع المالية تساعد هذا الأسواق على التعامل مع التشديد القائم”. ولفتت إلى وجود بلدان أكثر هشاشة من الاقتصادات الواعدة تـأثرت بتشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة. و”هناك عدد من البلدان منخفضة الدخل في وضع مديونية حرج، ويجب أن نتمكّن من تأمين طريقة لتخفيف أعباء الديون عنها”.
واعتبر صندوق النقد الدولي برنامج الإصلاح في مصر نموذجاً يحتذى به في إطار تنفيذها جزءاً كبيراً من الإصلاحات في برنامج عام 2016 المتفق عليه مع القاهرة. لكن نائبة مديرة الصندوق قالت إن الاقتصاد تعرض بعد ذلك لصدمة تلو الأخرى، كما حدث في دول أخرى.
وأوضحت غيتا غوبيناث: “تلقى قطاع السياحة في مصر ضربةً كبيرة، وبعد ذلك جاء الارتفاع الكبير في أسعار السلع، ثم غزو روسيا لأوكرانيا الذي كان له أيضاً أثر مباشر على مصر من حيث تكلفة الطاقة. وبالتالي عانوا من الكثير من الصدمات. نصيحتنا لهم كانت دائماً أن يكون سعر الصرف مرناً لأننا عندما ندافع عن سعر الصرف نخسر جزءاً كبيراً من الاحتياطي”. مشددة على أنها لن تعلق على قيمة الجنيه المصري وإذا ما كانت أقل أو أعلى من قيمته الحقيقية، وإنما تؤكد على فكرة السماح لسعر الصرف بأن يتكيف، باعتبار ذلك أساسياً للدولة.
وأكدت على ضرورة تحجيم دور الدولة في عدة قطاعات اقتصادية، باعتبار ذلك جزءاً أساسياً من البرنامج الذي تم الاتفاق عليه بين الصندوق ومصر، بمعنى الانسحاب من بعض القطاعات وتأمين مساواة أكبر لبعض الشركات للنمو بقيادة القطاع الخاص، موضحة أن إدراج بعض الشركات في البورصة جزء كبير من الاستراتيجية المتفق عليها، دون الخوض في التفاصيل.
ويُنتظر أن يزور فريق من صندوق النقد الدولي لبنان في شهر مارس المقبل. وكانت كريستالينا غورغيفا، مديرة الصندوق، قالت في وقت سابق إن الإصلاحات التي اتخذتها السلطات اللبناية بطيئة للغاية.
بدورها، أكدت غيتا غوبيناث أن “لبنان بحاجة إلى إصلاحات جدية. وحتى الآن، لم نرَ الإجراءات المطلوبة من أجل القيام بتلك الإصلاحات.وسنعرف أكثر عندما يزور وفد الصندوق البلاد”.