أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية برئاسة الدكتور محمد فريد، ضوابط لتنظيم عمل شركات إعادة التأمين وفروعها في السوق المصري للمرة الأولى، ضمن خطة الهيئة الهادفة إلى إحداث تطوير جذري وشامل لقطاع التأمين المصري بما يعزز استقرار وموثوقية القطاع ومن ثم المساهمة بقوة في نمو الاقتصاد الوطني.
ويأتي هذا القرار في إطار استراتيجية الهيئة لتطوير القطاع المالي غير المصرفي ورفع كفاءة سوق التأمين، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية لحماية حقوق حملة الوثائق وتعزيز المراكز المالية لشركات التأمين.
وتُعد عملية إعادة التأمين، آلية توفر الحماية لشركات التأمين من المخاطر الكبيرة عبر إعادة تأمين عملياتها لدى شركات تأمين أكبر تُسمى “شركات إعادة التأمين”، وذلك بهدف تعزيز قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه العملاء وضمان استقرار السوق التأميني.
وتضمن القرار تنظيم غير مسبوق لعمل شركات إعادة التأمين وفروعها بالسوق المصري، إذ وضع ضوابط جديدة ومُشددة لقيد شركات وفروع إعادة التأمين، وألزم شركات التأمين المصرية بالتعامل حصريًا مع الكيانات المُسجلة والمُعتمدة من الهيئة، مما يضمن التعامل مع معيدي تأمين ذوي ملاءة مالية وتصنيف ائتماني دولي قوي.
وصرح الدكتور محمد فريد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، بأن هذا القرار يمثل خطوة جوهرية في استراتيجية الهيئة لتطوير قطاع التأمين، الذي يُعد ركيزة أساسية في منظومة إدارة المخاطر الاقتصادية والاجتماعية في مصر من خلال وضع معايير واضحة ومُلزمة لاختيار معيدي التأمين، مشيرًا إلى أن الهيئة لا تحمي حقوق حملة الوثائق فقط، بل تعزز أيضًا من قدرة شركات التأمين المصرية على الوفاء بالتزاماتها المالية والفنية.
ونص القرار رقم (230) لسنة 2025 على إنشاء قائمة لأول مرة لقيد شركات وفروع شركات إعادة التأمين المسموح بالتعامل معها من قبل شركات التأمين المُرخص لها بالعمل في مصر. كما اشترط ضرورة ألا تكون تلك الكيانات قد مارست أي أنشطة أضرت بالسوق المصري خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وأضاف رئيس هيئة الرقابة المالية، أن إنشاء قائمة مُعتمدة مبنية على التصنيف الائتماني والملاءة المالية سيرفع الكفاءة التشغيلية للسوق، ويحد من مخاطر التركز، ويجعل السوق المصري أكثر توافقًا مع المعايير الدولية، مما يعزز ثقة المستثمرين في قطاع التأمين المصري.
ووضعت الهيئة قواعد صارمة لضمان الملاءة المالية، إذ اشترطت خضوع شركات إعادة التأمين لجهة رقابية أجنبية مماثلة لاختصاصات الهيئة، كضمانة تشغيلية للتأكد من خضوع الشركة لقوانين ومعايير صارمة، وأنها ليست عبارة عن كيان وهمي أنشئ بلا ضوابط.
واشترط القرار الحصول على تصنيف ائتماني سارٍ صادر عن إحدى وكالات التصنيف الائتماني الدولية، بحيث لا يقل عن (B+) من وكالة A.M Best، أو (BBB) من ستاندرد آند بورز S&P أو (BBB) من وكالة فيتش أو (Baa) من وكالة موديز.
ولقيد شركات إعادة التأمين التجاري، اشترطت الهيئة توافر شرطين على الأقل من الشروط الآتية، وهي ألا يقل التصنيف الائتماني للدولة التي يتم ممارسة النشاط بها عن BBB- من مؤسسة فيتش أو ما يعادلها، أو ألا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن 75 مليون دولار أمريكي أو ألا تقل حقوق ملكية الشركة عن 125 مليون دولار أمريكي. وبالنسبة لشركات إعادة التأمين التكافلي، فيكتفى بتوافر أحد الشروط المذكورة.
وتستهدف الهيئة من تلك الشروط، خلق سوق قوي يضم فقط شركات إعادة التأمين ذات القدرات المالية الكبيرة القادرة على سداد التعويضات وقت الأزمات، مما يوفر الحماية اللازمة لشركات التأمين المصرية من التعثر ومن ثَم حماية حقوق حملة الوثائق.
وفيما يتعلق بقيد فروع شركات إعادة التأمين، اشترطت الهيئة أن تكون شركة التأمين الأم المالكة للفرع مقيدة في سجلات الهيئة، مع تقديمها خطاب ضمان يقر بمسؤوليتها الكاملة عن الأعمال المُسندة للفرع من قبل شركات التأمين العاملة في مصر.
ونص القرار على أن الشركة الراغبة في القيد، عليها التقدم بطلب على النموذج المُعد لذلك، مرفقًا بترخيص مزاولة نشاط إعادة التأمين من الجهة الرقابية بالخارج، وأحدث تقرير تصنيف ائتماني دولي والقوائم المالية وتقرير مراقب الحسابات لآخر 3 سنوات، بجانب دراسة جدوى فنية لنشاطها في السوق المصري تشمل خطة العمل والتشغيل وبيان المساهمة في نقل الخبرات الفنية، والهيكل التنظيمي متضمنًا أسماء المديرين الرئيسيين والمفوضين بالتوقيع وبيانات التواصل، بالإضافة إلى أي مستندات إضافية تطلبها الهيئة.
وألزمت الهيئة في قرارها، شركات التأمين المصرية، بحجز المخصصات الفنية والإفراج عنها في الربع المماثل من العام التالي، والتأكد من صحة البيانات والمستندات المقدمة عند القيد أو إعادة القيد، مع موافاة الهيئة بنهاية شهر مارس من كل عام بما يفيد استمرار التعامل مع الشركات والفروع المقيدة، وببيان سنوي يتضمن حساب التركز للشركات أو الفروع المُتعامل معها ووسطاء إعادة التأمين والدول التي ينتمون إليها، فضلًا عن إخطار الهيئة بأي تغييرات تطرأ على البيانات أو المستندات المطلوبة.
وفيما يتعلق بضبط نسب التركز، وضع القرار حدودًا واضحة لعمليات إعادة التأمين سواء في تأمينات الممتلكات أو تأمينات الأشخاص. ففي تأمينات الممتلكات، لا يجوز أن تزيد النسبة المُسندة إلى معيد تأمين واحد عن 25% من إجمالي محفظة إعادة التأمين، كما لا يجوز أن تتجاوز نسبة إجمالي حجم عمليات إعادة التأمين السارية لدى معيدي التأمين الخاضعين للسيطرة الفعلية لذات الشخص الاعتباري عن 30% من إجمالي المحفظة.
كما نص على ألا تتجاوز النسبة 50% في حالة امتلاك معيد التأمين لـ 50% أو أكثر من شركة التأمين، وألا تزيد نسبة العمليات مع معيدي التأمين في دولة واحدة عن 40%، وألا تزيد العمليات مع معيدي تأمين في دولة ما عن 60% في حال كانت شركة التأمين مملوكة لمعيد تأمين أو أكثر في تلك الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بنسبة تزيد عن 50%.
أما في تأمينات الأشخاص، فقد أوجب القرار على الشركات التي تتجاوز فيها عمليات إعادة التأمين نسبة 30% من إجمالي أقساط الخطر، ألا تزيد نسبة عمليات إعادة التأمين السارية لدى معيد تأمين واحد عن 30% من إجمالي المحفظة.
وأعطى القرار لمجلس إدارة الهيئة الحق في شطب قيد أي شركة أو فرع في حالات فقدان أحد شروط القيد، أو عدم إسناد أي عمليات لمدة عامين متتاليين، أو الإخلال بالالتزامات المقررة أو القيام بممارسات أضرت بسوق التأمين المصري.
وأكد القرار أن الشطب لا يعفي الشركة من تنفيذ التزاماتها تجاه شركات التأمين المصرية، مع السماح بإعادة القيد حال زوال سبب الشطب.
كما ألزم القرار شركات التأمين بتوفيق أوضاعها وفقًا لأحكامه خلال سنة من تاريخ العمل به، مع جواز مد المهلة بقرار من الهيئة، واستبعاد الشركات والفروع غير المستوفية للمتطلبات الجديدة من القائمة، على أن يُسمح لمن تم استبعاده بتقديم طلب لإعادة القيد خلال شهرين إذا كان لديه ما يبرر استمرار القيد.
وتعمل الهيئة على إنشاء قائمة بالموقع الإلكتروني الخاص بها، تضم شركات إعادة التأمين المتوافقة مع الضوابط الجديدة فقط.
الجدير بالذكر أن قائمة الهيئة لمعيدي التأمين المُعتمدين، والتي كانت تعمل وفقًا للضوابط السابقة المُلغاة بموجب هذا القرار، تضم حاليًا 268 شركة إعادة تأمين نشطة تنتمي إلى 47 دولة حول العالم. كما تضمنت القائمة 16 فرعًا نشطًا لشركات أجنبية تعمل بضمان من شركاتها الأم وتنتمي إلى 10 دول.
وبموجب القرار الجديد (230) لسنة 2025، ستكون جميع هذه الشركات والفروع (الحالية والجديدة) مُلزمة باستيفاء المعايير الجديدة، وعلى رأسها التصنيف الائتماني ومتطلبات الملاءة المالية، وذلك خلال مهلة توفيق الأوضاع المحددة بعام، لضمان استمرار قيدها في القائمة المعتمدة.
















































