في تحرك مفاجئ قلب موازين سوق الذهب، واصلت أسعار المعدن الأصفر تراجعها الحاد على المستويين العالمي والمحلي، وسط مؤشرات على تغيرات كبيرة قد تعيد تشكيل قواعد اللعبة في سوق الذهب، خصوصًا مع تحركات العاصمة المصرية القاهرة، التي بدأت تفرض بصمتها بقوة على خريطة تسعير الذهب محليًا.
الذهب العالمي يهبط لأدنى مستوياته منذ 6 أشهر
شهدت الأسواق العالمية تراجعًا حادًا في أسعار الذهب خلال تعاملات الجمعة، متجهًا لتسجيل أكبر خسارة أسبوعية منذ نوفمبر الماضي. وجاء ذلك على خلفية ارتفاع الدولار الأمريكي وتراجع المخاوف المرتبطة بالحرب التجارية، مما أضعف من جاذبية الذهب كملاذ آمن.
وسجلت أونصة الذهب أدنى مستوياتها عند 3196 دولار بعد أن افتتحت التداولات عند 3241 دولار، وسط موجة بيع كثيفة دفعت السعر للانخفاض بنسبة 1.3% خلال يوم واحد.
انفراجة تجارية عالمية تضغط على الذهب
الاتفاق المؤقت بين واشنطن وبكين على تخفيض الرسوم الجمركية ساهم في تهدئة الحرب التجارية، وهو ما دعم شهية المخاطرة لدى المستثمرين، ودفعهم للتخلي عن الذهب لصالح أصول أخرى، وفق تقرير “جولد بيليون”. كذلك، ساهمت البيانات الاقتصادية الأمريكية التي أظهرت تباطؤًا في التضخم ومبيعات التجزئة، في إضعاف التوقعات بمزيد من تشديد السياسة النقدية، وهو ما عزز قوة الدولار.
القاهرة تقود التحركات في السوق المحلي
في المقابل، شهد السوق المصري للذهب حالة من التقلب الحاد، تفاعلاً مع الهبوط العالمي وتراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه. وافتتح جرام الذهب عيار 21 – وهو الأكثر تداولاً – عند 4550 جنيهًا، قبل أن يتراجع إلى 4535 جنيهًا، بعد أن كان قد لامس 4590 جنيهًا بالأمس. هذا التذبذب يعكس الدور المتزايد للعاصمة المصرية في التأثير على وتيرة التسعير، خاصة مع ارتباط السوق المحلي مباشرة بأسعار الذهب العالمية وسعر الدولار.
صندوق النقد واستقرار الجنيه يعيدان تشكيل السوق المصري
بدأت بعثة صندوق النقد الدولي مراجعتها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، تزامنًا مع صرف شريحة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار، ما دعم استقرار الاحتياطي النقدي وساهم في تهدئة سعر الدولار محليًا، ليعزز من تراجع أسعار الذهب في القاهرة ويجعل السوق أكثر استقرارًا رغم التحركات العالمية.
الصين تشتري والذهب يهبط
رغم تراجع الأسعار، واصلت الصين شراء الذهب للشهر السادس على التوالي، مع زيادة احتياطاتها بواقع 2.2 طن خلال أبريل. كما ضخت صناديق الاستثمار الصينية تدفقات قياسية بلغت 6.8 مليار دولار في الذهب، في إشارة إلى ثقة طويلة الأجل بالمعدن النفيس رغم التراجعات الحالية.
هل تُعيد القاهرة رسم قواعد التسعير؟
في ظل استمرار التراجع العالمي، وتفاعل السوق المصري السريع مع هذه المتغيرات، تبدو القاهرة اليوم وكأنها “عاصمة جديدة” في سوق الذهب، تقلب الموازين بتسعير ديناميكي يعكس متغيرات الداخل والخارج، ويعيد تشكيل معادلة العرض والطلب في المنطقة.
التوقعات: ترقب وحذر
الذهب العالمي يحاول حاليًا اختبار مستوى 3200 دولار للأونصة، بعد أن ارتد من أدنى مستوياته قرب 3120 دولار. أما محليًا، فشل الذهب عيار 21 في اختراق حاجز 4600 جنيه ليستقر دون 4550، وسط ترقب لتحركات الدولار والبيانات الاقتصادية المقبلة.