أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أولى فعاليات تقييم الجاهزية الوطنية للذكاء الاصطناعى (RAM)، والذى يهدف إلى تقييم جاهزية مصر لتبنى الذكاء الاصطناعى بشكل مستدام ومسؤول، ودعم السياسات والاستراتيجيات الوطنية فى هذا المجال الحيوي.
وقد بدأت أولى جلسات المشاورات الوطنية لأصحاب المصلحة حول مجالات هذا التقييم والتى تشمل أربعة مجالات رئيسية يقوم فيها الذكاء الاصطناعى بدور محورى وهى السياسات والتشريعات، والمجالات الثقافية والاجتماعية، ومجال العلوم والبحث العلمى والبنى التحتية، وكذلك المجال الاقتصادي.
وتنطلق جلسات المشاورات بمشاركة مجموعة متنوعة من الأطراف المعنية وأصحاب الخبرات بما فى ذلك ممثلين عن القطاعين الحكومى والخاص والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني، ورواد الأعمال الشباب.
تأتى مشاركة مصر فى منهجية تقييم الجاهزية للذكاء الاصطناعى (RAM) التى أطلقتها اليونسكو فى ضوء حرص الدولة على توظيف الذكاء الاصطناعى بشكل مسؤول فى جميع قطاعات الدولة، وبالتوافق مع توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بما يضمن استفادة كافة قطاعات الدولة من الإمكانات التحويلية لهذه التقنية، مع ضمان تحقيق التوازن بين تسريع وتيرة الابتكار ودعم أهداف التنمية المستدامة من جهة، ومعالجة التحديات الأخلاقية والتقنية التى قد تنشأ من جهة أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن اليونسكو تتعاون مع الحكومة المصرية فى تقييم وتعزيز مرونة القوانين والسياسات والمؤسسات المعنية بتنفيذ الذكاء الاصطناعى فى الدولة، بالإضافة إلى ضمان توافق أنظمة الذكاء الاصطناعى مع القيم والمبادئ المنصوص عليها فى توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعى.
وأكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى كلمته الافتتاحية أن مصر بدأت فى عام 2019 بإيلاء الذكاء الاصطناعى أهمية خاصة، موضحا أن النسخة الأولى من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى تضمنت عدد من محاور العمل شملت توسيع قاعدة الكوادر المدربة على هذه التقنية وكيفية الاستفادة منها فى بناء منظومات يمكن من خلالها مجابهة التحديات التى تواجه المجتمع، مضيفا أنه بالتعاون مع وزارة التعليم العالى فقد تم إنشاء أكثر من 12 كلية متخصصة فى الذكاء الاصطناعي، كما تم تأسيس جامعة مصر للمعلوماتية وهى أول جامعة متخصصة فى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى أفريقيا كذلك تم التوسع بشكل مطرد فى مبادرات التدريب المختلفة التى تستهدف تنمية المهارات فى مجال الذكاء الاصطناعى لاعداد جيل قادر على الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات.
وأضاف الدكتور عمرو طلعت أنه فى إطار تنفيذ الاستراتيجية فقد تم تأسيس مركز الابتكار التطبيقى الذى يقوم بتنفيذ مشروعات باستخدام التقنيات الحديثة لبناء منظومات فى مختلف المجالات مع التركيز على توفير حلول تكنولوجية فى مجالات الزراعة والرعاية الصحية والتعرف على اللغات لاسيما العربية سواء الفصحى أو العامية المصرية وتحويل النص المنطوق إلى مكتوب والعكس مع الترجمة لعدد من اللغات.
وأشار الدكتور عمرو طلعت إلى حرص الدولة على أن يقترن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى بالاهتمام باخلاقياته من منظور حيادية البيانات، والعمل على تطوير مهارات المواطنين بما يتواكب مع متطلبات سوق العمل الحالى والمستقبلى فى ضوء الامكانيات التى يوفرها الذكاء الاصطناعى ، موضحا أنه تم إطلاق الميثاق المصرى للذكاء الاصطناعى المسؤول فى 2023، مضيفا أن هذه الجهود أثمرت عن تقدم ترتيب مصر نحو 50 مركزا فى مؤشرات تصنيف الذكاء الاصطناعى خلال الفترة من 2020 حتى 2024.
وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن مصر شاركت بدور فعال فى المحافل الاقليمية والدولية المعنية بالذكاء الاصطناعى كما ترأست مصر المجموعة العربية للذكاء الاصطناعى وكذلك المجموعة الافريقية للذكاء الاصطناعى داخل الاتحاد الافريقى حيث أثمرت هذه الجهود عن صيلغة الرؤية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعى واعداد استراتيجية الذكاء الاصطناعى القارية للاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى التعاون مع اليونسكو فى مجال الذكاء الاصطناعي.
ولفت الدكتور عمرو طلعت إلى أنه تم إطلاق النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى فى يناير الماضى والتى ترتكز على 6 محاور وهم: التوسع فى البنية التحتية الحوسبية، ثانيا: البيانات وذلك من خلال تحقيق التوازن بين تمكين الشركات العاملة فى الذكاء الاصطناعى من الحصول على البيانات بما يمكنهم من تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع حماية خصوصية البيانات. ثالثا: التدريب وتوسيع قاعدة المهارات، رابعا: التوسع فى بناء التطبيقات باستخدام هذه التقنيات، وخامسا: رفع الوعى المجتمعى حول هذه التقنيات ودعم الشركات الناشئة، وسادسا: بناء إطار حوكمى ينظم العمل فى هذه المحاور لتحقيق الاستفادة من الامكانات الايجابية لتقنيات الذكاء الاصطناعى ومواجهة المخاطر والاثار الناتجة عنه
وأكد الدكتور عمرو طلعت أن البيانات تعد قوام الذكاء الاصطناعى ، مشيرا إلى أهمية تحقيق التوازن فى تداول البيانات على النحو الذى يحمى خصوصية بيانات المواطنين دون تقييد قدرة منظومات الذكاء الاصطناعى على الابتكار؛ مشددا على ضرورة توافر إطار حوكمى يضمن حقوق المواطن من حيث حيادية البيانات، وحماية بياناته الشخصية، وحوكمة تداول هذه البيانات.
هذا وتمثل المشاورات الوطنية استكمالًا لجهود مصر المتواصلة لإدماج الاعتبارات الأخلاقية فى مبادرات الذكاء الاصطناعي، كما تسهم هذه المشاورات فى تعزيز الحوار بين أصحاب المصلحة الرئيسيين والتوافق مع الأطر العالمية لليونسكو، فى دعم الجهود الوطنية نحو تحقيق الريادة فى التوظيف المسؤول والشامل للذكاء الاصطناعي.
وقد أطلقت مصر فى يناير الماضى الإصدار الثانى من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى (2025-2030)، والتى تهدف إلى إرساء إطار شامل للذكاء الاصطناعى يُسرّع من تحقيق رؤية “مصر الرقمية”. حيث تم تصميم هذه الاستراتيجية لتعزيز التنمية فى القطاعات المختلفة، وتعميق التعاون الإقليمى والدولي، ووضع مصر فى موقع الريادة كمركز للذكاء الاصطناعى فى إفريقيا والمنطقة العربية. وتتماشى هذه المبادرة مع الأهداف التنموية الأوسع لمصر، مع التركيز على الحوكمة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية للبيانات، وتطوير المواهب، مما يضمن الاستدامة طويلة الأجل والقدرة التنافسية العالمية.
وقالت جابرييلا راموس، مساعد المدير العام للعلوم الاجتماعية والإنسانية فى اليونسكو ، “تُمثل هذة الفعالية حجر زاوية فى عملنا. إذ يجب علينا ضمان ان قواعد القانون فى مكانها الصحيح ويتعين بناء أطر سياسية تحد من الآثار أو الانعكاسات السالبة مع توجية تطوير ونشر نظم الذكاء الاصطناعى نحو التفاعل مع الأولويات الوطنية والتصدى للتحديات العالمية”.
وقالت الدكتورة نوريا سانز المدير الإقليمى لمكتب اليونسكو بالقاهرة: “تُمثل مشاورات اليوم الخطوة الاولى للإستعداد لإجراء تعاون وثيق بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر ومكتب منظمة اليونسكو بالقاهرة بالتوافق الكامل مع المرحلة الثانية من أستراتيجية الذكاء الاصطناعى التى تم إطلاقها فى يناير الماضى، تشغل الأخلاقيات المحور المركزى للمناقشة من أجل صالح الإنسان.
هذا وتقوم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بدور رئيسى فى تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعى فى مصر. ومن خلال قيادتها المشتركة لهذه المشاورات، تؤكد الوزارة التزامها بتطوير أطر حوكمة فعالة تضمن التنفيذ العملى للمبادئ التوجيهية الأخلاقية، وتعزز بيئة ابتكار مسؤولة ومستدامة للذكاء الاصطناعي، بما يسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستفادة المثلى من إمكانات هذه التقنية المتقدمة.
حضر فعاليات الاطلاق؛ المهندس رأفت هندى نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتطوير البنية التحتية التكنولوجية والتحول الرقمى، والمهندس محمد شمروخ الرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، والمهندسة شيرين الجندى مساعد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للاستراتيجية والتنفيذ، والدكتورة هدى بركة مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية المهارات التكنولوجية، والدكتور أحمد خطاب مدير المعهد القومى للاتصالات، والدكتورة سوزان العقباوى مستشار الوزير لحوكمة البيانات.