أنهت أونصة الذهب العالمي تداولات شهر ابريل يوم أمس، وبالرغم من الانخفاض الذي يشهده الذهب منذ الأسبوع الماضي إلا أنه استطاع تسجيل ارتفاع خلال شهر ابريل للشهر الثالث على التوالي، وقد شهد تسجيل أعلى مستوى في تاريخ الذهب.
سجل سعر أونصة الذهب ارتفاع خلال شهر ابريل بنسبة 2.4% حيث سجل اعلى مستوى تاريخي خلال الشهر عند 2431 دولار للأونصة قبل أن يبدأ السعر في التراجع التصحيحي ليغلق تداولات الشهر عند 2286 دولار للأونصة.
وبحسب تحليل جولد بيليون فإن الذهب حقق طفرة من بداية شهر مارس الماضي وحتى تسجيل أعلى مستوى تاريخي في ابريل حيث ارتفع الذهب بنسبة 19% ليربح 387 دولار في سعر الأونصة، وذلك قبل أن يقلص مكاسبه خلال النصف الثاني من شهر ابريل.
هذا وقد استكمل الذهب انخفاضه خلال جلسة اليوم الأربعاء ليسجل أدنى مستوى منذ قرابة 4 أسابيع عند 2281 دولار للأونصة ويتداول حالياً عند 2289 دولار للأونصة، وذلك بعد أن أغلق الذهب تداولات شهر ابريل تحت المستوى الهام 2300 دولار للأونصة الأمر الذي يزيد من الضغط السلبي على الذهب.
تنتظر الأسواق اليوم صدور عدد من البيانات الاقتصادية الهامة عن الولايات المتحدة الأمريكية سواء المتعلقة بقطاع العمالة أو بأداء القطاع الصناعي، وذلك قبل صدور نتائج اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي والذي سيكون له تأثير كبير على مستويات الدولار وأسعار الذهب.
ارتفعت أسعار الذهب خلال النصف الأول من شهر ابريل بدعم من التوترات الجيوسياسية والهجمات المتبادلة بين إيران والكيان الصهيوني، الأمر الذي زاد من الطلب على الذهب كملاذ آمن ودفعه إلى الارتفاع وتسجيل أعلى مستوى تاريخي عند 2431 دولار للأونصة.
وخلال النصف الثاني من الشهر بدأ الذهب موجة تصحيح سلبي تأخرت لفترة طويلة شهد خلالها الذهب ارتفاع بشكل متواصل تقريبا. وكان الدافع وراء التصحيح السلبي هو تراجع التوترات الجيوسياسية مما قلص من الطلب على الملاذ الآمن في الأسواق، ودفع الأسواق إلى التركيز على توقعات السياسة النقدية الأمريكية وأسعار الفائدة.
بيانات التضخم الأخيرة أظهرت أن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يعد مقياس التضخم المفضل للبنك الفيدرالي شهر ارتفاع معتدل خلال شهر مارس، ليسجل ارتفاع بنسبة 0.3% ليوافق التوقعات والقراءة السابقة، بينما ارتفع المؤشر السنوي إلى 2.7% من 2.5%.
استمرار تماسك معدلات التضخم الأمريكية دفع الأسواق إلى تغيير توقعاتها بشأن مستقبل السياسة النقدية خاصة بعد تصريحات أعضاء البنك الفيدرالي وعلى رأسهم رئيس البنك جيروم باول التي أشارت إلى أن البنك لا يجد ضرورة للتسرع في خفض أسعار الفائدة، وأنه في حاجة إلى مزيد من الأدلة على تراجع التضخم بشكل مستدام حتى يصل إلى مستهدف البنك عند 2%.
تسببت هذه العوامل في دفع المتداولين إلى تغيير توقعاتهم أن يبدأ البنك الفيدرالي خفض الفائدة في سبتمبر القادم بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى شهر يونيو، بينما أصبحت التوقعات تشير إلى إجمالي خفض للفائدة بمقدار مرة واحدة فقط بعد ان كانت التوقعات السابقة تشير إلى ثلاث مرات خفض.
بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول من الوقت من شأنه أن يؤثر سلباً على أسعار الذهب بسبب تكلفة الفرصة البديلة من كون الذهب لا يقدم عائد لحائزيه. هذا بالإضافة أن الدولار الأمريكي وجد الدعم من التوقعات أيضاً ليزيد من الضغط السلبي على أسعار الذهب في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما.
ارتفع الدولار خلال شهر ابريل بنسبة 2% ليمثل ارتفاع للشهر الرابع على التوالي مسجلاً أعلى مستوى منذ 5 أشهر ونصف وفقا لمؤشر الدولار الذي يقيس أداء الدولار مقابل سلة من 6 عملات رئيسية. بينما ارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات خلال ابريل بنسبة 11.4% لتسجل أعلى مستوى منذ بداية نوفمبر الماضي عند 4.739%.
أما عن الطلب على الذهب من قبل البنوك المركزية العالمية فقد أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن احتياطيات البنوك المركزية العالمية من الذهب ارتفعت بمقدار 19 طن في فبراير الماضي، وهو الشهر التاسع على التوالي من تزايد الاحتياطات.
لكن مشتريات شهر فبراير كانت أقل بنسبة 58% من إجمالي مشتريات شهر يناير البالغ 45 طن. وعلى أساس سنوي أعلنت البنوك المركزية عن إضافة 64 طنًا خلال شهري يناير وفبراير، أي أقل بنسبة 43٪ عن نفس الفترة من عام 2023 ولكن بزيادة أربعة أضعاف عن عام 2022. بينما لم يشهد الربع الأول أي تراجع في وتيرة شراء البنوك المركزية العالمية للذهب. فقد تمت إضافة 290 طن بشكل صافي.
ارتفع الطلب العالمي على الذهب بنسبة 3% خلال الربع الأول بمقدار 1238 طن ذهب عند احتساب عمليات الشراء الكبيرة والمضاربة خارج البورصة من قبل المستثمرين، ليمثل بذلك أقوى ربع سنوي أول منذ عام 2016.
ولكن انخفاض الطلب على الذهب خلال الربع الأول من العام بنسبة 5% على أساس سنوي ليصل إلى 1102 طن ذهب، وذلك باستثناء الطلب على الذهب في أسواق المضاربة خارج البورصات، ليرجع السبب وراء هذا إلى استمرار خروج التدفقات النقدية من صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب.
أسعار الذهب في مصر
تراجع سعر الذهب المحلي خلال جلسة الأمس في ظل استمرار الضغط السلبي من تراجع سعر أونصة الذهب العالمي وضعف الطلب المحلي على الذهب في مصر، بينما تستمر التدفقات الدولارية في الدخول لمصر مما يساعد على استقرار سعر الصرف.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الأربعاء عند المستوى 3055 جنيه للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 3060 جنيه للجرام، وذلك بعد أن انخفض يوم أمس بمقدار 25 جنيه ليغلق عند المستوى 3055 جنيه للجرام بعد أن افتتح جلسة الأمس عند 3080 جنيه للجرام.
خلال شهر ابريل انخفض سعر الذهب المحلي بنسبة 1.8% ليخسر 55 جنيه من قيمته حيث أغلق تداولات الشهر عند المستوى 3055 جنيه للجرام وكان قد افتتح تداولات الشهر عند المستوى 3110 جنيه للجرام.
بشكل عام انخفض سعر الذهب المحلي خلال شهر ابريل ولكن كانت الحركة ضعيفة ويسيطر عليها التذبذب بشكل كبير في ظل استقرار حركة سعر الصرف وميله إلى التغير بشكل معتدل دون تحركات مفاجأة. هذا بالإضافة إلى تراجع الطلب المحلي على الذهب بشكل عام خلال شهر ابريل.
يذكر أيضاً أن الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي القادم 2024 – 2025 قيمت سعر صرف الدولار عند 45 جنيه، الأمر الذي قد يزيد من التوقعات بتراجع تدريجي في سعر صرف الدولار خلال الفترة القادمة وهو ما قد ينعكس بالسلب على تسعير الذهب المحلي.
الضعف في الطلب على الذهب المحلي دفع التجار إلى عمليات تصدير الذهب لتحقيق استفادة وتعويض تراجع الطلب المحلي، وبالتالي تسبب هذا في تراجع سعر الذهب المحلي مؤخراً ليتم تسعيره بأقل من السعر العالمي للمرة الأولى منذ عام 2022.
من جهة أخرى صرح وزير المالية أن واردات مصر من الذهب بدون رسوم جمركية من خلال مبادرة زيرو جمارك سجلت 4.6 طن ذهب خلال عام، ومن المتوقع أن تنتهي المبادرة في 10 مايو القادم ولم تتوصل الحكومة إلى قرار نهائي بعد بشأن مد الاعفاء الجمركي على واردات الذهب أم إنهاء هذه المبادرة.
أعلن مجلس الذهب العالمي عن حجم مشتريات المصريين من الذهب خلال الربع الأول من عام 2024 ليصل إلى 13.2 طن من الذهب، منخفضاً بنسبة – 17% عن الربع الأول من عام 2023 الذي سجل مشتريات إجمالية بقيمة 15.8 طن ولكنه يظل أفضل من مشتريات الربع الرابع من العام الماضي عند 11.5 طن ذهب.
مشتريات المصريين من المشغولات الذهب خلال الربع الأول من العام سجلت 8 طن لترتفع بنسبة 3% عن مشتريات الربع الأول من 2023. أما عن مشتريات السبائك والعملات الذهبية فقد سجلت 5.2 طن منخفضة بنسبة – 36% بالمقارنة مع مشتريات الربع الأول 2023 التي كانت عند 8.1 طن.
أظهر الاقتصاد المصري تباطؤ خلال الربع الثاني من العام المالي 2023 – 2024 ليتراجع إلى 2.3% بعد أن كان بنسبة 2.63% في الربع الأول، وخلال نفس الربع من العام المالي السابق كان الاقتصاد المصري يشهد نمو بنسبة 3.9%.
بينما ارتفع الدين الخارجي لمصر بمقدار 3.51 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2023 ليصل إجمالي الدين الخارجي إلى 168.034 مليار دولار بنهاية عام 2023. بينما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد المصري نمو بنسبة 3% خلال العام المالي الجاري على أن يتزايد في العام المالي القادم إلى 4.5%.
من جهة أخرى أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لديه إلى 40.36 مليار دولار مع نهاية شهر مارس، بزيادة أعلى من 5 مليار دولار مقارنة مع الاحتياطي في شهر فبراير الماضي، ليعد هذا أعلى مستوى للاحتياطي النقدي منذ عامين.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
وسعت أونصة الذهب العالمي من خسائرها خلال تداولات اليوم الأربعاء لتسجل أدنى مستوى منذ قرابة 4 أسابيع، وذلك في ظل الضغط السلبي على الذهب سواء من توقعات التشديد النقدي من قبل البنك الفيدرالي في اجتماعه اليوم، أو من الدولار الأمريكي الذي ارتفع ليسجل أعلى مستوياته منذ 6 أشهر.
تراجع سعر الذهب المحلي منذ جلسة الأمس في ظل تأثره بالتراجع الحالي في سعر أونصة الذهب العالمي بينما شهد سعر صرف الدولار في البنوك استقرار في ظل استمرار التدفقات الدولارية على مصر مما يحقق استقرار في سعر الصرف، بينما تستمر الضغوط السلبية على سعر الذهب حالياً سواء من تراجع الطلب المحلي أو توقعات بمزيد من التراجع في سعر الصرف.
أغلق سعر أونصة الذهب العالمي تداولات شهر ابريل تحت المستوى 2300 دولار للأونصة ليقلص جزء كبير من المكاسب التي سجلها خلال هذا الشهر، وهو الأمر الذي زاد من الضغط السلبي على السعر ودفعه إلى تسجيل قاع سعري جديد خلال جلسة اليوم عند 2281 دولار للأونصة.
استمرار السعر في الهبوط من هذه المناطق يدفعه إلى المستهدف عند منطقة 2260 – 2240 التي تشمل المستوى التصحيحي 38.2% والمتوسط المتحرك لـ 50 يوم.
أما عن السعر المحلي:
تراجع سعر الذهب المحلي بعد فشله في إعادة اختبار المستوى 3100 جنيه للجرام عيار 21 لينخفض إلى المستوى 3050 جنيه للجرام والذي قد يشهد تذبذب حوله قبل أن يستهدف المستوى 3000 جنيه للجرام إذا استمرت العوامل التي تدفع السعر المحلي للهبوط حالياً.