أبقى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الخامسة على التوالي، عند أعلى مستوياتها في 22 عاماً، مواصلاً مراقبة تأثير مسار التشديد النقدي الذي بدأ منذ منتصف 2022 تقريباً، ومتابعة التضخم المستمر مع مراقبة تسارع معدل البطالة. كما أبقى مسؤولو السياسة النقدية على توقعاتهم بخفض الفائدة 75 نقطة أساس خلال العام الحالي.
قررت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في نهاية اجتماعها اليوم الحفاظ على معدلات الفائدة عند نفس مستوياتها بين 5.25% و5.5% -والذي تم تحديده في شهر يوليو الماضي- للاجتماع الخامس على التوالي، متوافقاً مع توقعات السوق، بعد أن أبقت على أسعار الفائدة في اجتماعاتها السابقة في يناير وديسمبر ونوفمبر وسبتمبر.
أبقى الاحتياطي الفيدرالي على عبارة “لا تتوقع اللجنة أنه سيكون من المناسب خفض النطاق المستهدف (للفائدة) حتى تكتسب ثقةً أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%” في بيانه الصادر اليوم. كما أكدت اللجنة “التزامها بشدة” بعودة التضخم إلى هدفه البالغ 2%.
قال البنك المركزي الأميركي في بيانه الصادر اليوم: “تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن النشاط الاقتصادي ينمو بوتيرة قوية. وظلت مكاسب الوظائف قوية، وظل معدل البطالة منخفضاً. وتراجع التضخم خلال العام الماضي لكنه لا يزال مرتفعاً”.
خفض الفائدة 75 نقطة أساس في 2024
من جهة أخرى، لم يشهد متوسط توقعات أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تغيراً ملحوظاً لمعدل خفض الفائدة المتوقع خلال العام الحالي، ليظهر خفض أسعار الفائدة 3 مرات بإجمالي 75 نقطة أساس إلى 4.6%. وبالنسبة للعام المقبل، رجح متوسط توقعات مسؤولي السياسة النقدية خفضها ثلاث مرات فقط في 2025، منخفضاً عن توقعاتهم السابقة (الصادرة في يناير) بواقع أربع مرات.
وعقب صدور التوقعات الاقتصادية المحدثة، ارتفعت أسعار الأسهم الأميركية وانخفضت عائدات سندات الخزانة بعد أن أبقى الاحتياطي الفيدرالي على توقعاته لخفض الفائدة 3 مرات في 2024، مما هدأ المخاوف بشأن التأخير في تيسير السياسة النقدية. ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” لفترة وجيزة إلى 5200 نقطة. انخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين بمقدار ست نقاط أساس إلى 4.62%.
كما استقر متوسط التوقعات لتضخم نفقات الاستهلاك الشخصي عند 2.4% لعام 2024، بينما ارتفعت توقعات نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية بواقع 0.2 نقطة مئوية إلى 2.6%؛ فيما ارتفعت تقديرات النمو الاقتصادي لعام 2024 إلى 2.1% من 1.4%.
يتردد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في خفض تكاليف الاقتراض حتى يتأكدوا من أن التضخم يقترب بشكل مستدام من 2%، وهو المعدل المستهدف الذي يرون أنه يشير إلى قوة الاقتصاد. لكن صعود معدل البطالة في الولايات المتحدة مؤخراً لأعلى مستوى خلال سنتين يعني أنهم سيكونون بحاجة للموازنة بين اهتمامهم بكل من الأسعار وسوق العمل.
من جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى ترسخ معدل التضخم في الولايات المتحدة عند مستويات مرتفعة نسبياً في بداية العام الحالي، إذ تجاوز التضخم الأساسي التوقعات في فبراير للشهر الثاني مرتفعاً 0.4% على أساس شهري، وبـ3.8% على أساس سنوي.
أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول للمشرعين في شهادته أمام الكونغرس خلال الشهر الحالي أن البنك المركزي الأميركي لن يتعجل لخفض أسعار الفائدة حتى يقتنع صناع السياسة النقدية بأنهم فازوا في معركتهم بشأن التضخم، مضيفاً إنه سيكون من المناسب على الأرجح البدء في خفض تكاليف الاقتراض “في وقت ما هذا العام”، لكنه أوضح أنهم (صناع السياسة النقدية) ليسوا مستعدين بعد.
على صعيد آخر، حافظ الاحتياطي الفيدرالي على وتيرة التشديد الكمي، بحيث يسمح بحلول آجال أوراق مالية دون تجديدها، بحد أقصى 60 مليار دولار من سندات الخزانة، و35 مليار دولار من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري كل شهر.